تجنيد عناصر الأمن لقيادة العمليات والتدريب وحرب العصابات أقصر الطرق لمواجهة الجيوش رغم أن التنظيمات الإرهابية لا تمتلك خبرة الجيوش النظامية فى القتال، ولم تتلق تدريبات كافية تؤهلها لخوض معارك ضد جيوش دول التحالف، إلا أن تنظيم «داعش» الإرهابى اهتم بتنمية الجانب الاستراتيجى والعسكرى لديه، باعتبارهما نقطتى ضعف التنظيمات المنافسة له، كتنظيم القاعدة وغيره. اعتمدت استراتيجية التنظيم على استقطاب وتجنيد عناصر أمنية، كانت تعمل فى السابق داخل جيوش الدول، مثلما حدث من ضم جنود من جيش البعث العراقى الموالين للرئيس العراقى صدام حسين، واشترط التنظيم أن يكون القادة العسكريون فى القواطع المختلفة داخل العراق من الأمنيين السابقين، ليتمكنوا من قيادة العمليات على الأرض من ناحية، وليقوموا بمهمة تدريب العناصر الجديدة، من ناحية أخرى. حرب العصابات أما من ناحية العمليات على الأرض فى مناطق التوحش والصراع، فإن التنظيم يعتمد على استراتيجية حرب العصابات، التى تعتبر واحدة من أشهر التكتيكات المستخدمة لدى التنظيمات الإرهابية فى الوقت الحالي، وتكمن أهميتها فى كونها حربًا غير تقليدية بين مجموعات قتالية «ميليشيات إرهابية» يجمعها هدف واحد، وجيش نظامى مكون من ضباط وجنود، مع الأخذ فى الاعتبار الفروق الجانبية، من حيث قلة عدد العناصر الإرهابية مقارنة بالجنود، والقدرات التسليحية التى تمتلكها الجيوش مقارنة بتلك التى تمتلكها التنظيمات الإرهابية، من حيث النوعية والعدد. وتعتمد حرب العصابات على عدد من العناصر، أهمها عنصر المباغتة والمفاجأة، بحيث يتم اختيار توقيت العملية فى ظروف غير مواتية لجنود الجيش الذى تتم مهاجمته، مع تفادى الالتحام فى معركة مواجهة مع الجيوش النظامية لعدم تكافؤ الفرص، فيتم اللجوء إلى عدة معارك صغيرة ذات أهدافٍ استراتيجية يحددون هم مكانها وزمانها لتحقيق تأثير موجع للخصم. وتحقق استراتيجية حرب العصابات عددًا من الأهداف، منها الاستطلاع والرصد والتجسس لتحركات الجيش المعادى لصالح عملياتهم، وتخريب خطوط اتصال الجيش لتحقيق أكبر الخسائر فى خطوط تموينه، وتوجيه ضربات سريعة وحاسمة فى قوات الدعم اللوجستي، وضرب بعض النقاط الاستراتيجية التى يملكها الجيش المعادي، وتنفيذ عمليات الاغتيال والخطف والتصفية، ثم شن حرب نفسية ضد القوات المعادية عن طريق بث الشائعات التى من شأنها إضعاف الثقة بين أفراد قواتها. النكاية والإنهاك ومن أهم مرتكزات الاستراتيجية العسكرية، التى يستند إليها تنظيم «داعش» الإرهابى خطة «النكاية والإنهاك» التى ذكرها «أبو بكر الناجي» فى كتابه «إدارة التوحش»، التى تعتمد على إدخال عناصر الجيش فى معركة استنزاف طويلة المدى مع العناصر الإرهابية، يتم خلالها إضعاف قوى الجيش عن طريق الضربات المتلاحقة والمنتشرة التى لا يستطيع أن يلتقط أنفاسه معها. ويعتمد التنظيم فى هذه الخطة على قاعدة عسكرية مؤداها أن «الجيوش النظامية، إذا تمركزت فقدت السيطرة، وإذا انتشرت فقدت الفاعلية»، ولذلك فإن الانتشار أهم من التمركز عند هذه التنظيمات، لأن استغلال نقطة ضعف انتشار الجيوش النظامية أهم من استغلال نقطة ضعف تمركزها، ولذلك يستهدفون التوسع فى العمليات وانتشارها فى بقع مختلفة ومتباعدة جغرافيًا لتشتيت تمركز القوات الأمنية، كما أن هذا التنويع فى العمليات يصعب على قادة الجيوش عملية التوقع المستقبلية ويربك حساباتهم، مما يصب فى مصلحة التنظيم الإرهابي. ويفضل التنظيم ضرب الأهداف الأكثر ضعفًا لدى الجيوش بأقصى قوة ممكنة، اعتمادًا على القاعدة التى تقول: «اضرب بقوتك الضاربة وأقصى قوة لديك فى أكثر نقاط العدو ضعفًا»، والهدف من ذلك استعراض قوة التنظيم، وإرهاب الحكومات والشعوب، وإيهامهم بأن العمليات القادمة ستكون أكبر حشدًا وحجمًا وتأثيرًا.