رغب نابليون بونابرت في قطع طريق بريطانيا نحو مستعمراتها في الهند، ولم يجد وسيلة لتحقيق ذلك إلا احتلال «المحروسة» فقاد الحملة الفرنسية على مصر فى 1798. خلال تلك الحقبة انشغلت السلطنة العثمانية بالصراع مع المماليك على حكم مصر، فانتهز الغزاة الفرنسيون الفرصة، وحاولوا الظفر بأم الدنيا. بعد هروب المماليك، خُيل للقوات الفرنسية أن مصر أصبحت لقمة سائغة، ولكن الغزاة عانوا الأمرين من مقاومة أبناء شعب مصر، وبرزت أسماء لقادة المقاومة الشعبية أمثال محمد كُريم وحسن طوبار، وكان مصيرهم إما القتل أو النفي. حينما دانت للفرنسيين السيطرة على القاهرة، أخبر «بونابرت» المصريين أن غرضه هو إسعادهم. كان هذا ما نطق به لسانه فيما كانت تصرفاته على النقيض تمامًا، حيث نهب البيوت وفرض الضرائب بعد تدمير الإنجليز للأسطول الفرنسى بأبى قير، ورغبة قائد الحملة الفرنسية فى بناء أسطول جديد من جيوب أهل مصر. فى خضم كل هذه الأحداث دعا قائد الحملة الفرنسية، إلى تكوين ديوان من العلماء والمشايخ لإدارة شئون الأمن والتموين والصحة، ولكن الديوان الذى كان رأيه استشاريًا، قاوم فرض الضرائب والإجراءات الفرنسية ضد أبناء الشعب المصرى الكادح. وسرعان ما انبعث التضامن الفطرى الذى يجمع الناس حينما يتعرضون للقهر والظلم، فانطلقت جموع الشعب فى مثل هذا اليوم 20 أكتوبر 1798 من بيت القاضى بقيادة شيوخ الأزهر نحو «نابليون» لمطالبته بإلغاء الضرائب. حينما علمت القوات الفرنسية بثورة أصحاب الأرض، خرج إليهم الحاكم الفرنسى للقاهرة «ديبوي» فاشتبك معهم وقتلوه. فجر موت حاكم القاهرة الغضب فى قلوب الاحتلال، فضرب العاصمة بالمدافع ما أشعل الثورة، واشتدت المقاومة وانضمت الأقاليم إلى الثوار، وجن جنون نابليون فدخل الأزهر بخيوله، وقبض عشوائيًا على العلماء والرجال والنساء، وأعدمهم ثم ألقى بهم فى النيل. استمرت الثورة 3 أيام قتل خلالها ما يقرب من 3 آلاف مصري، بينهم عدد من علماء الأزهر، فى مقابل 200 فرنسى بينهم بعض العلماء، وكانت حلقة فى سلسلة مناهضة الاحتلال الفرنسى الذى رحل عن أرض الكنانة فى 1801.