عاش الشاعر الكبير حسين عفيف بين عامي 1902 و1979، وينفرد في تاريخ الثقافة المصرية بريادته لقصيدة النثر، حيث البحث عن الصورة المتوهجة بديلاً للموسيقى التقليدية، صاخبة كانت أم هادئة. في شعره روح صوفية وأحاسيس وجودية وتحليق بلا قيود نحو ذروة المشاعر الإنسانية. المقطع التالي يعبر عن عالم حسين عفيف، الذي لا يحظى ببعض ما يستحقه من الاهتمام والتقدير، ذلك أن المعايير مختلة، والمقاييس بعيدة عن الموضوعية، والخلل يطول جوانب الحياة كافة، السياسي منها والثقافي على حد سواء. *************** ما هو عطر بنفسج، ذلك الذي ينفح منك. ولا هو عطر فل أو ياسمين. ولكنه عطر زهرة مجهولة، تنبت في روض حسنك. عطرك أنت. ينفخ من فمك. ويصوغ من شعرك، ومن غض إهابك. رقيقًا كالحلم، خفيفًا كالنسيم. يوقظ بفؤادي حنانًا مسكرًا، ويعود بروحي إلى مواطن مسحورة. وردة أنت تنفخ شذاها من زرها وتأبى أن تستعيره. وردة أنت لولا أنك من الورد أجمل وأطيب عرفًا منه أو غزال أنت عميقة فيه. لولا أن مسكك من مسكه أذكى. لكم أخاف عليك من عبقك هذا، وأخشى أن يرديك مجنونة! كيف أنه لا يجن حامل العبق ليل نهار؟ كيف، ويحتمل سكرًا لا تفيق نهاه منه؟ صدقيني لم أعد لنزقك أعجب، ولا لخفة حركاتك من كان هذا الخمر فيه، ما له وللوقار؟ ولم لا تكون له رعونة الغزال ورشاقة لفتاته؟ لم لا يكون كظبي الأكم، حامل المسك في دمه، والمستجير من فرط حلاوة فيه؟