في روايته "البيت الأزرق"، الصادرة حديثا عن منشورات ضفاف في بيروت، يفسح الشاعر اللبناني عبده وازن، المجال أمام راويين يتناوبان السرد، الأول كاتب محترف يعجز عن انهاء رواية يكتبها، والثاني مريض بالاكتئاب ينتحر في السجن بعد اتهامه بجريمة قتل لم يرتكبها، ويترك مخطوطا يتضمن مذكراته التي تعد تجربته الأولى والأخيرة في الكتابة بعد سنوات عرفه المحيطون به باعتباره قارئا نهما. حرص "وازن" على أن ينهي الرواية بإشارة تفيد أن وقائعها وأحداثها وأسماء شخصياتها من ابتداع الخيال، لكنه الخيال الذي يكون في أحيان كثيرة أشد واقعية من الواقع نفسه، على حد تعبيره. يشرع الراوي الأول في قراءة "مخطوطة المنتحر"، ليرى ما إذا كانت تصلح للنشر، وينطلق في الوقت ذاته في البحث عن شخصية كاتبها الذي أمضى السنوات الأخيرة من عمره في حالة "خرس" نجمت عن أزمة عاطفية تعرض لها أثناء دراسته الجامعية. وبين ما يسرده الروائي وما يرويه السجين تبرز شخصيات تعاني أزمة فقدان الهوية في مختلف تجلياتها الشخصية والوطنية والطائفية والجسدية. في السجن يكتشف الراوي الآتي من عالم الفلسفة والروحانيات والذي قضى جزءا من حياته يمشي بعدما قرر الانقطاع عن الكلام في ما يشبه الخرس، عالما غريبا يقطنه أناس غريبو الأطوار، مجانين، مجرمون، أصوليون ومثليون ولا سيما الشاب المتحول الضائع بين ذكورته وأنوثته. أما في التحقيق، فيكتشف الروائي الحياة الليلية وما يكتنفها من أسرار وخفايا، وهو أصلا يعيش حياة مضطربة لا تخلو من علاقات معقدة، وأبرزها علاقة شائكة بامرأة فقدت ثدييها. بدأ عبده وازن، مشواره الأدبي بديوان "الغابة المقفلة"، ثم توالت أعماله ومنها "العين والهواء"، "أبواب النوم"، "سراج الفتنة"، "قلب مفتوح"، "حياة معطلة"، "غرفة أبي"، "الأيام ليست لنودعها"، "غيمة أربطها بخيط". وقام بترجمة عدد من الأعمال الإبداعية، منها "الأمير الصغير"، "زيارة السيدة العجوز"، "مدينة كان اسمها بيروت"، وتولى تحقيق ديوان الحلاج لدار الجديد، وترجم شعره إلى لغات عدة، كما صدرت روايته "قلب مفتوح" بالفرنسية عن دار أكت سود 2015.