يتميز الشعب المصرى بمختلف طبقاته وفئاته بتمسكه ببعض العادات والتقاليد والأعراف المجتمعية فى مختلف بلدانه ومحفظاته، لنجد ثقافة وعادات الصعيد إلى جانب ثقافة وعادات النوبة، وثقافة وعادات محافظات الوجه البحرى، ومحافظاتالقناة، وغيرها من العادات والثقافات التى تنصهر جميعًا، لتكون عادات وتقاليد وثقافة المجتمع المصرى ككل، رغم تميز كل ثقافة من هذه الثقافات عن غيرها فى بعض الأشياء. مع مطلع تسعينيات القرن الماضى، قرر السيناريست محمد صفاء عامر، رائد الدراما الصعيدية، أن يقتحم المجتمع الصعيدى ويرصد بعض العادات والتقاليد الخاصة به، والتى يعانى منها بعض أبناء الصعيد نتيجة توارثها والعيش بها، رغم ما تسببه من مشاكل وانتشار لفكرة الثأر وغيرها من المشاكل المترتبة عليها. فمن خلال ثنائية الحب التى جمعت بين «وردة البدرى»،التى جسدتها الفنانة سماح أنور، مع «المهندس حاتم»، الذى جسده الفنان شريف منير، و«بدرى بدار البدرى»، الذى جسده الفنان أحمد عبدالعزيز، مع «نورا» التى جسدتها الفنانة ميرنا وليد، قدم صفاء عامر والمخرج مجدى أبوعميرة رصدا لبعض عادات وتقاليد الصعيد التى تربط بين العائلات والموروثات الاجتماعية التى تحدد علاقات أفراد المجتمع الصعيدى ببعضه، إلى جانب إلقاء الضوء وبشدة على موروث الثأر الصعيدى. فدارت أحداث المسلسل فى بلدة «بهتون الجبل»، التى يعيش فيها عائلة الهوارة، وهى إحدى عائلات وقبائل الصعيد الشهيرة التى تتمركز بكثرة فى محافظة قنا، من خلال شخصية الشيخ «بدار البدرى» كبير عائلته،الذى جسده الفنان حمدى غيث، وهو يتسم بالأخلاق والطيبة والحلم عند الغضب، ويقابله شخصية «علوان» التى جسدها الفنان عبدالله غيث، وهى تتسم بالقسوة والعنف والطمع والبحث عن المال والمتعة، ليبدأ الصراع الدرامى فى المسلسل منذ أن قام الشيخ بدار بإرسال ابنته وردة لإتمام تعليمها الجامعى، على عكس المعتاد فى الصعيد من عدم حصول الفتيات على المؤهلات الجامعية، وأثناء دراستها تقع فى حب شاب من خارج الصعيد، وهو المهندس حاتم، الذى يسعى للزواج منها، إلا أن عادات الصعيد وتقاليده ترفض هذا الزواج، وهو ما دفع شقيقها بدرى لرفض هذه الزيجة بالرغم من موافقة والدها، الذى يضطر لتهريب ابنته وإكمال زواجها ممن تحب، وهو ما يدفع شقيقها للبحث عنها من أجل قتلها والتخلص من العار الذى ألحقته بهم، وفى المقابل يقوم علوان بقتل «موهجة»، التى جسدتها الفنانة وفاء مكى، بعد أن قامت بتهديده بفضح العلاقة التى بينهما، ويتم اكتشاف جثتها التى أخفاها «دبور» الذى جسده الفنان أحمد ماهر، فيقوم علوان بتلفيق تهمة إلى البدرى وخداع الشرطة أن هذه الجثة تعود إلى وردة وأن شقيقها البدرى هو من قام بقتلها من أجل الثأر. فيهرب البدرى من الصعيد إلى إحدى المدن الساحلية ليعمل بها ويقع هناك فى غرام «نورا»، ابنة صاحب العمل ويتزوج منها، ومن خلال الأحداث تتكشف الحقيقة، فيعثر البدرى عن طريق الصدفة على شقيقته، وتظهر براءة البدرى من التهمة الموجهة إليه بقتلها. ومن خلال هذه التيمة التى جمعت بين الحب والثأر والإثارة البوليسية التشويقية، حاول صُناع العمل طرح بعض القضايا التى تسبب الكثير من المشاكل فى صعيد مصر، نتيجة التمسك ببعض العادات والتقاليد التى أكل عليها الزمان وشرب، والتى تؤدى إلى ظلم الكثير من أبناء الصعيد الرافضين لانتشار فكرة الثأر واستبدالها بسيادة القانون، إلى جانب فتح باب الحرية لفتيات الصعيد فى التعليم والتثقيف واختيار شريك الحياة وممارسة الحب الطاهر واختيار الحبيب. يذكر أن الفنان عبدالله غيث قد وافته المنية أثناء تصوير المسلسل، وهو ما اضطر مخرج العمل ومؤلفه إلى تغيير الأحداث بوفاة شخصية علوان التى كان يجسدها.