بعد أن أعاد قراءة رواية "فساد الأمكنة" للروائي المصري "صبري موسى"، والذي يحتفل به، اتحاد كتاب مصر، اليوم، قال الروائي أشرف الخمايسي: الرواية كُتبت في أواخر ستينيات القرن الماضي، كأولى التجارب الروائية المصرية التي تتناول عالم الصحارى، ورغم أنها مكتوبة منذ أكثر من خمسين عامًا تقريبًا، إلا أنها ما زالت تحمل طزاجة حقيقية، تجعلها تحتفظ بمكانها كرواية حداثية تمامًا، من حيث الفكرة وبعدها الإنساني العميق، وتناولها الهادئ الرصين، واللغة السهلة التي رسمت الأحداث، والأسلوب الشيَّق، السريع، في التنقل بين أنحاء الرواية. تدور أحداث الرواية حول "نيكولا"، الروسي الأصل، الذي هاجر إلى "تركيا" طفلا بصحبة والديه، لينمو هناك، قبل أن يهاجر منها بمفرده إلى "إيطاليا"، فيتعرف هناك على "إيليا"، فيحبها ويتزوجها، قبل أن يتركها مواصلا ترحاله. وبناء على نصيحة أحد أصدقائه الإيطاليين، يعمل مهندس تعدين، يتجه بأحلامه إلى "مصر"، ومناجم الذهب هناك. تبدأ حكاية "نيكولا" الأليمة في الجنوب الشرقي البعيد من "مصر"، حيث جبل "السكري" معطاء الذهب، لكن تختمر الحكاية، وتتفجر، في منجم آخر، يستخرج منه "التلك"، في باطن جبل "الدرهيب"، المكان البطل في الرواية، حيث يحقق "نيكولا" هناك نجاحا فريدا، يمكنه من إنشاء ميناء على ساحل "البحر الأحمر" القريب، لتصريف منتجه، ليحلم بتأسيس مدينة كبيرة حول هذا المنجم. وحيث مأساة "نيكولا" التي تؤدي به إلى التشتت والضياع وحيدا في هذه الصحراء الحمراء. ففي "الدرهيب"، وبعد رحلة ماجنة للملك "فاروق" هناك، تسقط فيها ابنة "نيكولا" ضحية لنزوات الملك. وبعد أن يُصاب "نيكولا" بالحمى، إثر هذه الحادثة، وأثناء غيبوبته، يرى في منامه أنه يضاجع ابنته في سفح "الدرهيب"، وعندما يستفيق من الغيبوبة يختلط في ذهنه الحلم بالواقع، ليعتقد اعتقادا يقينيا أنه قد مارس الجنس مع ابنته فعلا. تتصاعد دراما البؤس، ليقتل "نيكولا" طفل النزوة الملكية، معتقدا أنه يتخلص من ثمرة خطيئته، لتتطور مأساته، عندما يقتل ابنته نفسها، رغبة في الخلاص التام من إثمه المتجسد فيها.