تراجع أسعار الذهب اليوم الاثنين 7 يوليو في بداية التعاملات    تحويلات مرورية في الإسماعيلية بسبب كسر ماسورة مجمع المحاكم    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 7 يوليو    الدفاعات الروسية تسقط 91 طائرة مسيرة أوكرانية    لافروف: استخدام صندوق النقد والبنك الدولي للحفاظ على الممارسات الاستعمارية الجديدة أمر غير مقبول    فرق الأمم المتحدة تنتشر على الساحل السوري مع نزوح المئات بسبب حرائق الغابات    سقوط سيارة محملة بالماشية من معدية في نهر النيل بقنا    انفجار خط مياه شرب بمجمع محاكم الإسماعيلية.. وتحرك عاجل لأجهزة المحافظة    مصرع فتاة وإصابة 7 آخرين في حادث تصادم بأسيوط    كسروا شاحن التليفون.. ضبط عاطل تعدى على نجليه بالضرب بحلوان    إيه اللي حصل بعد قبلة الزعيم عادل إمام ليكي؟.. الفنانة دنيا ماهر تجيب    وفاة الكاتب والسيناريست براء الخطيب    وكيل مالكوم يوضح حقيقة رحيله عن الهلال    الإمارات: لا صحة لمنح الإقامة الذهبية للمستثمرين فى العملات الرقمية    الجيش الإسرائيلى يعلن تنفيذ غارات جوية جنوبى وشرقى لبنان    لافروف: الدين العام المتنامى للولايات المتحدة يخرج عن السيطرة    أمير هشام: توفيق محمد عاد للصورة في الأهلي.. والحسم في يد الخطيب ورئيس شركة بتروجت    محافظ كفر الشيخ: حملات للكشف عن تعاطى المخدرات وضبط 17 حالة إيجابية    نجم الأهلي السابق: ما يحدث داخل نادي الزمالك "تهريج"    «أنا مبحبش الدلع».. خالد الغندور يفتح النار على لاعب الزمالك بعد التصرف الأخير    تطورات جديدة.. اتهامات بسرقة فنية تطال مها الصغير بعد عرض لوحة لفنانة دنماركية | صور    إدوارد يكشف عن ذكرياته مع أولى أفلامه "بحب السيما"    بلوجر وتمتلك ماركة تجارية.. 15 صورة وأبرز المعلومات عن زوجة محمد النني    إعلام عبري: ذباب مصري يغزو حيفا ويثير الذعر في الأحياء الراقية (تفاصيل)    أسعار الفراخ والبيض في أسواق وبورصة الشرقية اليوم الإثنين 7-7-2025    بعد فتح باب التحويل بين المدارس 2025/2026.. رابط مباشر وخطوات التقديم والشروط الكاملة    اليوم.. بدء تنسيق الثانوية العامة والفنية 2025.. رابط وشروط التقديم والحد الأدنى ب16 محافظة    برقم الجلوس.. موعد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 في الشرقية فور اعتمادها (رابط الاستعلام)    شقق الإسكان الاجتماعي 2025.. الموعد والشروط الكاملة ل حجز سكن لكل المصريين 7    المكسيك تتوج بكأس الكونكاكاف الذهبية أمام أمريكا    تردد قناة MBC Action hd الناقلة لمباريات نصف نهائي كأس العالم للأندية 2025    ألمانيا تتعهد بدعم ليتوانيا وتعزيز الشراكة الاستراتيجية معها    «الصحفيين»: لجنة المشتغلين الجديدة يومي 16 و17 يوليو الجاري    خبير اقتصادي: سيناريو يوم القيامة ووصول الدولار إلى 70 جنيهًا لن يحدث (فيديو)    مدرب الزمالك السابق: شيكابالا لديه عقلية انتصارية.. وأي مدرب يتمنى تدريبه    عليك تقدير ما تملك.. حظ برج الدلو اليوم 7 يوليو    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    نجم المقاولون السابق: حسام عبد المجيد لم يقدم شئ ل الزمالك وأرقامه ضعيفة    إدوارد ينهار من البكاء: «حقن التخسيس دمرتني« (فيديو)    يفاقم حالات مرضية بعضها مزمنة.. خبراء تغذية يحذرون من «غمس البسكويت في الشاي»    تعرف على خطوات التصالح في مخالفات البناء وفقا للقانون    عاجل| «أديس» تواصل البحث عن المفقودين الثلاثة في حادث غرق البارجة «أدمارين 12»    "ملف اليوم" يناقش مفاوضات التهدئة في غزة.. تحرّك أمريكي وتساؤلات حول فرص النجاح    تعرف على طريقة إبلاغ الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية عن الجرائم المرورية والجنائية    طريقة عمل الآيس كوفي منعش ولذيذ في الطقس الحار    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 7 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    المكتب الحكومي في غزة ينفي ضلوع «حماس» في الهجوم على موقع إغاثة    اليوم .. «حماة الوطن» يعقد الاجتماع التنسيقي الثاني للأحزاب ضمن القائمة الوطنية    حريق يلتهم شقة سكنية في عزبة النخل    25 صورة من عزاء المطرب الشعبي أحمد عامر    تراجع مفاجئ لنقابة المحامين عن الإضراب الشامل.. ضغوط سياسية أم مناورة تكتيكية؟    مي عمر جريئة و سارة سلامة داخل سيارتها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    تعرف على مواصفات اختبارات القدرات 2025 بكلية الفنون الجميلة    اختراق وآلام شديدة.. أطباء يستخرجون «ثعبانا» من بطن مريض (صورة)    أمين الفتوى يوضح حكم إخفاء معلومات عن شريك العمل: خيانة للأمانة ومخالفة شرعية (فيديو)    «لها حدود وضوابط».. أمين الفتوى: لا يجوز الوصية بكل المال إذا كان للموصي ورثة    أمين الفتوى: يجوز التبرع بنفقات العمرة لشخص.. وهذا من أبواب البر والإعانة على الخير    أمين الفتوى: 6 حالات توجب الغُسل على المرأة.. 3 منها مشتركة مع الرجل و3 تختص بها النساء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلم والقيم الأخلاقية
نشر في البوابة يوم 25 - 04 - 2017

اكتسب العلم، منذ أوائل القرن العشرين أهمية تفوق أهمية أى إنجاز آخر طوال تاريخ البشرية، صحيح أن الإنسانية تفخر بفلسفاتها وآدابها وفنونها، وتعترف بما تدين به لهذه الإنجازات من فضل في تشكيل عقل الإنسان وروحه، ولكن المكانة التي اكتسبها العلم في هذين القرنين العشرين والحادى والعشرين، والتأثير الذي استطاع أن يمارسه في حياة البشر، جعلنا نطلق بحق على عصرنا "عصر العلم والتكنولوجيا".
قد يتساءل المرء: "ما الذي نجنيه من العلم والتكنولوجيا؟" سوف تشير الإجابة عن الأرجح إلى أن العلم والتكنولوجيا هما مصدرا التقدم، والواقع أننا ندين بالكثير للمعرفة العلمية، فقد أسهمت في رقي الحياة، ووفرت أنواعًا جديدة من الحريات، وفوائد مادية جمة.
ولا شك أننا إذا أردنا أن نسرد فوائد العلم فلن ننتهي، فالقائمة طويلة لا تتضمن الأشياء التي نستمتع بها حاليًا فحسب، بل تتضمن أيضًا ما يمكننا أن نستمتع به مستقبلاً.
وإذا كان للعلم والتكنولوجيا تأثير إيجابي، فإن لهما أيضًا تأثيرات سلبية، فنحن نعلم أن كثيرًا من شئون عالمنا لا تسير على ما يرام، ولذا يرى البعض أن العلم مسئول عن زيادة معاناة البشر، أو على الأقل أخفق في تحقيق الآمال التي عقدها عليه أسلافنا الذين كانوا أكثر منا تفاؤلًا.
ولذا ينظر هذا البعض إلى العلم والتكنولوجيا لا بوصفهما مبعثي أمل، بل بوصفهما تهديدًا للآمال، وعلى ذلك نجد المفارقة الكبرى لعصرنا تتمثل في أننا استخدمنا العلم والتكنولوجيا لتحقيق المزيد من السيطرة على الطبيعة، حتى وصل بنا الأمر إلى أننا أصبحنا على شفا تدمير ما حققناه من مكاسب بالوسائل ذاتها التي حققنا بها هذه السيطرة، لقد دفعت هذه المفارقة الكثيرين للنظر إلى العلم بوصفه مشكلة وليس حلًا للمشكلات.
والمتأمل لموقف الإنسان العادي من العلم والتكنولوجيا يجد أن هذا الموقف ينطوي على شيء من التناقض، فهو يتوقع الكثير من العلماء، ومع ذلك يتخوف مما يُقدّم إليه من قِبَل هؤلاء العلماء، فهو يعقد آمالًا كبرى على أن يسهم استخدام الطاقة الذرية في تحقيق الرخاء الاقتصادي، بينما يرتجف هلعًا – في الوقت ذاته – من احتمال نشوب حرب نووية أو انتشار تلوث إشعاعي يأتي على الأخضر واليابس.
ومهما يكن من شيء، فإنه يمكننا القول بوجود فجوة بين ما يمكن للتطبيقات العلمية أن توفره من آلات وأدوات من جهة، وما يجنيه أفراد المجتمع من فوائد نتيجة لتقدم العلم في هذا المجال، لقد استطاع الغرب أن يصنع المعجزات على صعيد العلم والتكنولوجيا، لكن هل واكب هذا التطور العلمي الضخم تطور مماثل على صعيد الأخلاق؟ وهل يمكن أن يكون هناك بالفعل علم مفيد لا يأخذ في اعتباره أبعادًا إنسانية أو أخلاقية مهمة؟ إذ ما فائدة علم لا يجد طريقه إلى التطبيق لأجل إسعاد أو تخفيف معاناة البشر؟ وهل كان لكثير من المخاطر والمآسي أن تحدث لولا أن كثيرًا من العلماء حصروا أنشطتهم فى النتائج العملية للعلم دون اعتبار لأي أبعاد أخلاقية أو إنسانية؟
هذه التساؤلات وغيرها ارتبطت بمجموعة من الأفكار الأخلاقية الصعبة، وأثارت مشكلات لا يمكن أن تحل بمجرد مزيد من التطور فى العلم والتكنولوجيا، لأن هذا التطور نفسه يدخل ضمن أسباب الأزمة.
كما لا تحل بمواقف سياسية معينة، لأنها مشكلات تتصل بمعنى الحياة الإنسانية ذاتها، ومن ثمَّ تنتظر من الفلسفة أن تقدم عونًا كبيرًا، فالفلسفة وحدها هي التى يمكنها أن تعيد صياغة نظرتنا إلى كل جوانب الوجود والحياة.
اللافت للنظر أن العلم والتكنولوجيا صارا يطرحان في العقود الأخيرة مشكلات أخلاقية تثير الاهتمام وتستحق التمعن، مثل: الموت الرحيم، والاستنساخ، وكل ما ترتب على الثورة البيولوجية من مشكلات.
وبقدر ما يضيف العلم والتكنولوجيا إلى حصيلة المعرفة عندنا، ويزيدان من قدراتنا على التحكم في الأشياء، ويتيحان لنا خيارات جديدة على الدوام، نجدهما يثيران أيضًا قضايا جديدة تدور حول ما هو صواب وما هو خطأ، ما هو خير وما هو شر.. إلخ، أما المعايير التى تحدد صواب الأمور أو خطأها، خيرها أو شرها، فإنها صارت تنبع من حاجات الإنسانية الفعلية، لا من مصادر تقليدية بالضرورة، ففي عصر العلم المزدهر هذا، وفي زمن التكنولوجيا المتطورة والمعقدة، صار معيار الأخلاق يقترب من واقع الحال القائم بالفعل، وليس من مثاليات مفارقة، أي أن المعيار صار يدور حول ما هو إنساني ومعقول بدلًا مما هو مثالي ومأثور.
إن أحدًا لا يستطيع أن ينكر أن القيم الأخلاقية تكمن خلف فكر كل فرد من أفراد المجتمع، وتؤثر على قراراته الحياتية، سواء أكان طبيبًا أو محاميًا أو سياسيًا، لهذا نحن بحاجة إلى دراسة المشكلات الأخلاقية التي تواجه العاملين في مجال عملهم، ومن هنا تغيرت طبيعة فلسفة الأخلاق، وأصبح لها فرع مهم يسمى "الأخلاق العملية"، لا يحلل فقط؛ وإنما يسعى إلى إيجاد حلول لمواقف واقعية، أي أنه ينحو نحو التطبيق دون الاكتفاء بعملية التنظير، وبذلك نزلت الفلسفة إلى أرض الواقع، وأصبح لها دور إيجابي في حل المشكلات.
إن تطبيق المعرفة العلمية أمر يتطلب، بالبداهة، شيئًا من مقدرة الحكم على القيم، فبعد أن نتوصل، مثلاً، إلى معرفة كيفية إنتاج الديناميت وإلى إدراك خواصه، يبقى لنا أن نجيب عن السؤال التالي: هل نلقي بالديناميت من الطائرات لتدمير المتاحف والمساجد والكنائس والمدن؟ أم نلجأ لاستخدامه في شق الطرق عبر الجبال؟ كذلك الأمر في حال معرفتنا بمفعول بعض العقاقير والغازات، إذ يبقى أمامنا هنا أيضًا، أن نقرر ما إذا كنا سنستخدمها في تخفيف الألم والقضاء على الأمراض أم لفناء الشعوب الآمنة؟ وبعبارة مختصرة فإن التقدم العلمي الذي نشهد مظاهره القوية في هذه الأيام، سيضعنا أمام "طريق السلامة" و"طريق الندامة"، وليس لنا من خيار سوى السير في الطريق الأول، لأننا لو اخترنا الثاني لن نكون هناك لكي نندم.
حين نتحدث عن طريقة توجيه حياة الإنسان وتنظيم مجتمعه، نخوض مجال القيم والغايات الإنسانية، وهو مجال يهم البشر جميعًا، لا العلماء وحدهم، وفي مثل هذا المجال يكون من الصعب على العالِم أن يقدم إلينا توجيهًا كاملًا، لأن تكوينه يحول بينه وبين التعمق فيب أمور معنوية شديدة العمومية كتحديد الأهداف التى ينبغي أن يُسْتَغل العلم من أجلها.
ومهما يكن من شيء، فإن الشكوك المحيطة بالعلم والتكنولوجيا لا تعني بالضرورة رفضنا لهما، وكل ما هنالك أننا نريد أن نحقق نوعًا من التوازن بين إشباع احتياجاتنا ورغباتنا من ناحية، وبين الوسائل التكنولوجيا المستخدمة، فليس واردًا على الإطلاق أن يكف المجتمع عن دعم عجلة التقدم التكنولوجي، وإنما يجب أن نصر على استمرارية العلم والبحث العلمي، بشرط أن يقترن كل ذلك بأبعاد أخلاقية وإنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.