أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن رسالة الإسلام جاءت عالمية، ولم تتوقف عند حدود مكة فقط، بل شملت العالم كله. وأضاف المفتي، خلال كلمة، ألقاها، صباح اليوم السبت، في حشد كبير لمسلمي تايلاند بلغ أكثر من عشرة آلاف، أن الإسلام من خلال هذه العالمية استطاع استيعاب الحضارات والأمم القديمة، بما تحويه من ثقافات متنوِّعة وأديان متعدِّدة وأعراف مختلفة، والتي تأكدت في آيات الذكر الحكيم، مثل قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا)، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَنِي رَحْمَةً لِلنَّاسِ كَافَّةً. وأشار المفتي إلى أنه بعد صلح الحديبية أرسل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم رسائله إلى كل الدنيا ملوكًا وشعوبًا، متطلعًا في ذلك إلى نشر دعوة الإسلام في ربوع العالم، وقد كانت دعوته آنذاك بما يتناسب مع مقتضى العصر ومتطلبات الواقع، وبما لا يضع من مكانة الإسلام والمسلمين بين شعوب الأرض، وإنما هو عِزٌّ في لِينٍ وقوة مع نور ورحمة للعالمين، وإن رسالة المسلم كما بينها القرآن الكريم تتمثل في الوسطية (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا). واستطرد علام أن المتأمل للتاريخ الإسلامي سيرى أنه حيثما وجِد الإسلام في وطن من الأوطان، وجدت معه التنمية والرحمة والحضارة في كل شئون البشر، ويتجلى هذا إذا قارنا الجزيرة العربية أو غرب إفريقيا أو إندونيسيا أو تايلاند أو الهند قبل وبعد الإسلام، فالإيمان أضفى على هذه الأمم مسحة من الجمال والسماحة، وكل دولة كانت تحت الحكم الإسلامي مرت بما يسمى العصر الذهبي. ووجه مفتي الجمهورية عدة رسائل مهمة للمسلمين هناك حثهم فيها على ضرورة الاندماج الإيجابي في مجتمعهم مع الحفاظ على هويتهم وثوابتهم الدينية، مشددًا على أن الإسلام أرسى قواعد وأسسًا للتعايش مع الآخر في جميع الأحوال والأزمان والأماكن، بحيث يصبح المسلمون في تناسق واندماج مع العالم الذي يعيشون فيه، بما يضمن تفاعلهم مع الآخر وتواصلهم معه دون تفريط في الثوابت الإسلامية. وأوضح أنه على نهج تلك الأسس ووفق هذه الثوابت يمضي المسلمون قُدُمًا في رسم الحضارة الإنسانية ومعايشة المستجدات التي تطرأ عبر التاريخ، وقد ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنا نماذج للتعايش مع الآخر داخل الدولة الإسلامية وخارجها. وقال المفتي، في كلمته: "لقد خلق الله الناس متفقين في جوهر الإنسانية ولكنهم مختلفون في ألسنتهم وألوانهم وعقائدهم وعاداتهم، وهذا التنوع سنة الحياة، فلا يوجد اثنان في هذا الوجود يتفقان في المشاعر والعواطف والتفكير". وتابع أن الاختلاف بين الأديان ليس استثناءً من القاعدة، بل ينسجم مع التنوع في الخلق والمخلوقات، ومن هنا نجد البشر في مختلف بقاع المعمورة يدينون بعقائد مختلفة قد تبدو متناقضة في تفاصيلها، لكنها في حقيقة الأمر متفقة في جوهر رسالتها وخاصة في مجال القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية.