أودعت محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة بعابدين، اليوم السبت، حيثياتها بتأييد حكم أول درجة من محكمة "الأمور المستعجلة"، القاضي بوقف تنفيذ حكم "مصرية تيران وصنافير" الصادر من القضاء الإداري، بعد رفض الاستئناف المقدَّم عليه. وقالت في حيثياتها: "لما كان البادي للمحكمة أن كلًّا من نصوص القوانين 46 لسنة 72 قانون السلطة القضائية و47 لنفس العام من قانون مجلس الدولة قد خلا من تحديد جامع مانع لما يسمَّى بأحكام السيادة أو الضوابط والعناصر التي يستدل عليها، فمن ثم كان على القضاء وحده فيما يصدره من أحكام ويقرره من مبادئ في كل حال على حد تحديد ما يدخل من القرارات ضمن هذه الأعمال وما يخرج عنها أخذًا بعين الاعتبار أن عدم اختصاص أعمال القضاء بهذه الأعمال أو القرارات هو محض استثناء من الحظر المُشار إليه بنص المادة 97 من الدستور، وأن الأصل في تفسير النصوص والاستثناء لا يُقاس عليه ولا يتوسع في تفسير أعمال السيادة. وأضافت المحكمة: "لمَّا كانت أعمال السيادة هي تلك الأعمال التي تُباشرها الحكومة باعتبارها سلطة حكم في نطاق وظيفتها السياسية، وأن عدم امتداد الرقابة القضائية إليها التزامًا بنص المادتين سالفتي الذكر 46، 47 من قانون 72، ليس مردّه أن هذه الأعمال فوق الدستور والقانون، ولأن ضوابط ومعايير الفصل في مشروعيتها لا تتهيأ للقضاء، بالإضافة إلى عدم ملاءمة طرح هذه المسائل علنًا في ساحات القضاء. كما هو الشأن في موضوع الحكم المستشكل في تنفيذه، والذي تضمَّن منطوقه ما هو يمس أعمال السيادة من بطلان توقيع ممثل حكومة مصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة، وهو ما يُعَدّ ضمن أعمال السيادة والتى جعلها المشرِّع بمنأى عن رقابة محكمة القضاء". وأكدت الحيثيات أن الحكم المستشكل في تنفيذه قد أقحم القضاء بما هو منأى عنه بقوة الدستور وحكم القانون، وذلك بات واضحًا جليًّا فيما أوردته المادة 151 من الدستور الحالى مِن أن رئيس الجمهورية هو الذي يمثل الدولة في علاقتها الخارجية وإبرام المعاهدات التي تتعلق بالاتفاقيات مع الدول الأخرى، وأخضع كل ذلك لقيد مشروط بموافقة مجلس النواب، ومن ثم فإن السلطة التشريعية هي صاحبة الاختصاص في ذلك الشأن. وقالت: "لمّا كانت جمهورية مصر العربية هي دولة تقوم على احترام الدستور وأحكام القانون، وأن الدستور المصري الحالى قد نصَّ في مادته الخامسة على الفصل بين السلطات والتوازن بينهما، ومن ثم فإن الحكم المستشكَل في تنفيذه فضلًا عن تغوُّله على اختصاصات السلطة التنفيذية في إبرام الاتفاقية محل الحكم المستشكَل في تنفيذه بوصفها سلطة حُكم في نطاق وظيفتها السيادية وعلاقتها مع دول أجنبية قد تغوَّل على اختصاصات السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس النواب والمخوّلة في حق الدستور في قول كلمته بشأن البت في إعادة ترسيم الحدود البحرية في موضوع الاتفاقية سند الحكم المستشكَل فيه". وكانت محكمة الأمور المستعجلة قد قضت في 29 سبتمبر الماضي، بقبول استشكالين أقامهما المواطن "خيري عبدالفتاح"، والمحامي "أشرف فرحات"، لوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان توقيع ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وما ترتَّب عليها من نقل تبعية جزيرتي "تيران وصنافير" للمملكة، ونتج عنه وقف تنفيذ حكم القضاء الإداري. وأصدرت محكمة القضاء الإداري، في يونيو الماضي، حكمًا غير نهائي ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود، لكن هيئة قضايا الدولة- وهي الجهة الممثلة للحكومة- طعنت على الحكم أمام المحكمتين الدستورية والإدارية العليا. وحدَّدت المحكمة الإدارية العليا 16 يناير المقبل، للحكم في طعن هيئة قضايا الدولة على حكم "مصرية تيران وصنافير". ووقّعت مصر والسعودية- في أبريل الماضي- اتفاقية يتم بموجبها نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر، إلى المملكة.