على غير المستهدف، أصبح حال وزارة التموين والتجارة الداخلية خلال عام 2016، مصدر "هم وغم" للمواطنين، ولم لا وقد فقدت الهدف الأساسى من إنشائها لتكون عون وسند للمواطنين، خاصة محدودى الدخل لدرجة أنه كان يطلق عليها "وزارة الغلابة" لما تحمله على عاتقها من توفير السلع الغذائية الأساسية للمصريين بأسعار تعينهم على تحمل متاعب الحياة. العام الذى أوشك على الانتهاء يعد من أصعب وأحلك الأعوام على المواطنين نتيجة فشل وزارة التموين فى حل أصعب 3 أزمات رئيسية ضربت السوق وهى عدم توفير (الزيت والسكر والأرز) والتى ما زالت الوزارة فاشلة فى حلها حتى الآن، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الرئيسية فى السوق الحر، نتيجة لتحرك أسعار هذه السلع فوصلت أسعارها لمستويات قياسية تحدث لأول مرة فى السوق المحلي، حيث سجل السكر وكذلك الزيت 18 جنيها للكيلو فيما سجل الأرز 8 جنيهات، ما أدى لاستنزاف دخل المواطنين. فمنذ بداية العام الجارى وأزمة نقص الزيت التموينى لدى محال البقالة مستمرة فى جميع أنحاء مصر بلا استثناء واستمرت الأزمة حتى شهر مايو الماضي، ما أدى إلى ارتفاع سعر الزيت 3 مرات متتالية خاصة بعد "تعويم الجنيه" وارتفاع سعر صرف العملة الصعبة فى البنوك، فضلا عن أسعار الدولار الجمركى الجديدة. وجاءت الزيادة الأخيرة فى أسعار الزيت بنسبة 22%، بزيادة تصل إلى 42 جنيهًا فى الكرتونة، وبلغت أسعار زيوت الخليط "مرجانة، وشطارة، وسندباد، وحورس" 192 جنيها للكرتونة مقابل 150 جنيها بزيادة قدرها 42 جنيها. وفى نهاية مايو الماضى استوردت هيئة العامة للسلع التموينية التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية 45 ألف طن من زيت الطعام -صنف عباد الشمس- لتلبية احتياجات المواطن ما أدى لزيادة الاحتياطى الاستراتيجى من الزيت ليكفى 6 أشهر مقبلة. وقبل أن تنتهى أزمة الزيت بدأت أزمة جديدة قبيل أيام من شهر رمضان، إذ تعرضت مصر لنقص كبير فى مقررات الأرز على بطاقات التموين، سواء مقررات الدعم أو سلع فارق نقاط الخبز التى لا يتوافر منها سوى 20% فقط ل 70 مليون مواطن من مستحقى الدعم، ليصل سعره إلى 10 جنيهات فى السوق المحلي. وقبل انتهاء أزمة الأرز هلت أزمة أقوى وأشد وطأة تتمثل فى "أزمة السكر" والتى قضت على الأخضر واليابس من مخزون السكر، ليس بالمجمعات الاستهلاكية أو لدى البقالين فقط بل فى منازل المواطنين الذين أصبحوا لا يجدون ما يكفى استهلاك يومهم من السكر، ففى نهاية يوليو الماضي، تسببت موجة التخزين من جانب التجار فى السكر وقيام مصنعى الحلويات بتخزينه لصناعة حلوى المولد وعجز الكميات الواردة من الصناع المحليين فى حدوث أزمة فى سكر التموين بالمحافظات على مستوى الجمهورية، إذ قام التجار بتخزين السكر استعدادا لبيعه فى السوق السوداء للاستفادة من فارق السعر بعد زيادة، لتبدأ أسعار السكر فى الارتفاع مع نهاية شهر رمضان الماضى بنحو 50 قرشا بعد شكوى أعضاء الغرف التجارية من رفض شركات التعبئة توريد السكر للتجار، وبعدها بأيام ارتفع كيلو السكر ليصل ل 7.5 جنيه. وفى سبتمبر الماضي، واصل السكر ارتفاعه ليصل إلى 8.55 جنيها للكيلو وسط ندرة فى المعروض خيمت على السوق بفعل استمرار عمليات التخزين من جانب تجار الجملة، ليقفز لمرة واحدة إلى 10 جنيهات للكيلو حال تواجده فى أى من المحال التجارية. ولم تنجح محاولات وزارة التموين فى كبح جماح جنون السكر رغم الضخ اليومى فى المجمعات ومنافذ التوزيع التابعة للوزارة وارتفاع معدله اليوم لمستوى ال10 آلاف طن يوميا بدلا من 3.5 طن، ليشتعل سعر السكر لمستويات غير مسبوقة على الإطلاق ليتراوح سعره بين 15 إلى 18 جنيها للكيلو. ووسط تلك الأزمات، لم يعلم أحد ما هو مصير المشاريع التى أعلن عنها وزير التموين السابق "خالد حنفي" والتى كان قد بدأ فيها العمل بالفعل، والملفت للنظر أنه مع استقالة حنفى لم يذكر الوزير الحالى اللواء محمد مصيلحى أو أي مسئول بالوزارة كلمة واحدة عن هذه المشاريع ولعل أهمها توزيع أسطوانات البوتاجاز على بطاقات التموين، لضمان وصول الدعم لمستحقيه، ومشروع "المركز اللوجيستى العالمي" والذى يهدف إلى إنشاء مركز لتداول الحبوب قرب ميناء دمياط للاستفادة من مرور التجارة العالمية على مصر على مساحة تبلغ 3.35 مليون متر مسطح منها 560 ألف متر مسطح داخل حدود ميناء دمياط الحالي، والباقى 2.79 مليون متر مسطح جزء من منطقة صناعية غير مستغلة تقع شمال شرق الميناء تابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة. وتشمل المساحة داخل ميناء دمياط منطقة الغلال بالميناء و4 أرصفة بحرية حاليا بطول 1200 متر، وعمق 14 مترا و3 صوامع رأسية وافقية بطاقة 300 ألف طن والسيور والشفاطات التابعة لشركة الصوامع المصرية والتى لديها حق انتفاع لمساحة 27 ألف متر مسطح من هذا الموقع لمدة 25 سنة وباقى المنطقة مخطط للتوسع المستقبلى للغلال، كما تشمل المنطقة الرصيف النهرى الحالى بعمق 5 أمتار وبطول 340 مترا. وكان من أهم المشروعات التى أعلن عنها وزير التموين السابق مشروع "مدينة التجارة العالمية" وهى مدينة مخصصة للتسوق تشتمل على نماذح محاكاة لكافة بلاد العالم الغربى بالقرب من محور قناة السويس الجديدة يستغرق بناؤها حوالى 4 سنوات على مساحة 4.2 مليون متر مربع مبدئيا وتصل تكلفتها الاستثمارية إلى حوالى 40 مليار جنيه ومن المتوقع أن تصل المساحة الإجمالية إلى 16 مليون متر مربع. إنجازات وتبقى إنجازات وزارة التموين ونجاحاتها قائمة فقط على ما حققه خالد حنفي، فكل الملفات الإيجابية بالوزارة كلها إرث الوزير المستقيل على خلفية قضية فساد صوامع القمح، ولعل أهم هذه النجاحات تتمثل في تطبيق منظومة الخبز المدعم الجديدة على كافة المحافظات ويبلغ عددها 27 محافظة، وتتضمن المنظومة صرف الدقيق لأصحاب المخابز البلدية المدعمة بالسعر الحر وتخصيص 150 رغيفا شهريًا لكل مواطن مسجل على بطاقات التموين بسعر 5 قروش للرغيف، وأن يصرف للمواطن مقابل ما يوفره فى استهلاك الخبز سلع غذائية مجانية (فارق نقاط الخبز) من البقال التموينى بداية كل شهر ولمدة 20 يومًا. ونتج عن هذه المنظومة العديد من المميزات أهمها "الحد من المهدر سنويًا من الدقيق ويتراوح ما بين 11 و12 مليار جنيه سنويًا كانت تذهب لغير المستحقين، وانخفاض القمح المستهلك بحوالى مليون و900 ألف طن قمح، واختفاء طوابير الخبز وحصول المواطنين على سلع غذائية مجانية بقيمة 6 مليارات جنيه سنويًا مقابل توفيرهم فى استهلاك الخبز، وحصول أصحاب المخابز على مستحقاتهم المتأخرة منذ سنوات بالإضافة إلى حصولهم على مستحقاتهم من بيع الخبز فورًا عن طريق البنك، بالإضافة الى دخول 50 ألف صاحب مخبز وبقال تموينى فى النشاط الرسمي، وتوفير حوالى أكثر من 50 ألف فرصة عمل جديدة بالمخابز البلدية. وأيضا من النجاحات تطبيق منظومة السلع التموينية الجديدة والتى تتيح مبلغ من الدعم لكل مواطن مسجل على بطاقة التموين يشترى به شهريًا كل ما يناسب احتياجاته، وطرح السلع من القطاع العام والقطاع الخاص لدى البقال التمويني، وأصبح أيضًا من حق المواطن الحصول على السلع التموينية من أى بقال تموينى أو مجمع استهلاكى داخل المحافظة بعد أن كان مربوطًا على بقال معين. ومن الإنجازات أيضا تطوير المجمعات الاستهلاكية وشركات القابضة للصناعات الغذائية، وكذلك المشروع القومى للحفاظ على جودة الأقماح والحد من المهدر منها، وتحقيق 120% زيادة بإيرادات مصلحة دمغ المصوغات والموازين، بالإضافة إلى طرح 709 قطعة أرض لإقامة سلاسل تجارية وأسواق متطورة وإقامة 36 سلسلة تجارية حديثة بالمحافظات، وأيضا طرح مشروع "جمعيتي" و350 سيارة مبردة للشباب والتعاقد على أكبر صفقة لحوم سودانية بلغت نحو 800 ألف رأس ماشية بقيمة مليار و300 مليون جنيه، وأيضا إقامة مركز لتعبئة الخضر والفاكهة بسوق العبور وإقامة مصنع لتعبئة السكر والبقوليات وكذلك تطوير المكاتب التموينية للتيسير على المواطنين وتقديم خدمات جيدة لهم.