منذ فض الاعتصام المسلح لجماعة الإخوان فى ميدان «رابعة العدوية»، الذى كان يعد محاولة لتكوين دولة داخل الدولة، ونحن بانتظار جيل جديد من الجماعة أكثر شراسة ممن سبقوه، أشد عنفا وحقدا وقسوة. جيل تربى على ضرورة الأخذ بثأر قتلى رابعة كما يعلمهم الإخوان، جيل رأى رأي العين كرسى الحكم ورأى ضياعه، جيل اقترب من المشهد السياسى بقوة السلطة ولمح فى الأفق مستقبلا يفوق الطموحات، وفى نفس الوقت عاش العزل والفض والضياع وبدل الإعدام الحمراء، وحتى الجيل الأصغر فى المدارس يتربى أيضا على ضرورة الثأر واستعادة الحكم. تشتت التنظيم الإرهابى وتفرق كما هو معتاد منذ ظهوره عام 1928، وكأن الله كتب عليهم الشتات، ولكن هذه المرة مختلفة بعد أن وصلوا للحكم، فهم يريدون عودة رئيسهم «محمد مرسى» أو غيره المهم أن يصلوا للحكم من جديد. التشتيت متواصل منذ فض «رابعة» بفعل ملاحقات الجيش والشرطة، والسيطرة على عمليات التمويل الخارجى التى هى قبلة الحياة للتنظيمات الإرهابية، وإن كان التمويل أحيانا يصل بطرق عديدة وعلى فترات، ولأن الدولة للأسف الشديد تحارب الإرهابيين وليس الإرهاب كفكرة، فترتب على ذلك خروج وتكوين «جماعات صغيرة» تنتمى فكريا إلى الجماعة وليس تنظيميا، تتحرك بحرية بعيدا عن أعين الأمن وتوجيهات الكبار فى التنظيم، تضرب بعشوائية إلى حد كبير، عناصرها مجهولة ولكنها عرفت كيف تجهز نفسها جيدا وتوجه ضرباتها فى قلب المدن. عناصرها هم خليط من فقراء وتعساء المجتمع ومن ضحايا الفكر المتطرف الذى تمدد حتى أصبحت جذوره ثابتة فى الأرض، هذه المجموعات الصغيرة تربك الأمن وتجهد أجهزته لأنها ليست تحت السيطرة إلى حد كبير. يقول مسئول سيادى إنها تعد الجيل الرابع لجماعات الإرهاب، وأن المحرك والمنظم غالبا ينتمى للإخوان، ويقوم بهذا الدور الكوادر الوسطى أو أحد شباب الجماعة والذى تكون لديه خبرة معقولة فى الاستقطاب ووضع الخطط والتدريب، فيما يسمى «بمركزية الانتماء وليس مركزية التنظيم». ويشير إلى أن المجموعات الصغيرة تلك قد تعد أكثر خطورة ومشاغبة من المجموعات الكبيرة التى تعلن عن نفسها، لأن عناصرها تكون غير معروفة للأمن بصورة دقيقة، لأنها تتكون من عناصر جديدة أحيانا، ليس لها تاريخ فى الاشتراك فى العنف أو الانتماء لتيارات دينية بعينها، وإن كانت هذه المجموعات بعد فترة قد تتحول إلى حركة منظمة لها اسم وتتبنى بعض العمليات مثل «حسم» فقد كانت فى بدايتها مجموعة مكونة من 7 أشخاص فقط، وكذلك الحركة المعروفة باسم «المقاومة الشعبية». المجموعات الصغيرة.. تتكون من 5 إلى 7 أشخاص عادة يعملون فى سرية تامة، ولا يطلقون اسما بعينه على أنفسهم لدواعى الحيطة والحذر، حتى إن التنظيمات الكبيرة نفسها لا تعلم عنهم شيئا، وهى مختلفة عن «الخلايا العنقودية» التى تتكون منها التنظيمات الإرهابية المعروفة، والتى تنتمى فكريا وتنظيميا للتنظيم ولكن كل خلية لا تعرف عن الخلايا الأخرى أى شيء بل يحجب عنهم المعلومات عمدا، أما المجموعات الصغيرة والتى نحن بصددها الآن فشيء آخر، فهى مجموعات تتحرك بحماسة شديدة من تلقاء نفسها لا تراعى معايير ولا تقاليد ولديهم جرأة وشراشة، مدفوعة بأفكار سوداء آمنوا بها، تتكون من عدد قليل من الأفراد يجمعهم فكر وهدف مشترك، يقودهم أحد العناصر المنتمية لجماعة الإخوان فكريا وليس بشكل منظم وفى بعض الحالات يكون تنظيميا، ويتحركون بناء على توجيهاته وتنفيذا لما يرسمه لهم من خطط، وهو المسئول عن تدريبهم وجلب الأسلحة لهم أو المتفجرات وتأمين الأموال.