لا يخفى على أحد الحزن الشديد الذى انتاب المصريين، وأقصد بالمصريين هنا من يعشقون هذا الوطن، من يحملون الهوية المصرية فى قلوبهم وعقولهم، لا أقصد بعض من يحملون أوراقًا تشير إلى جنسيتهم فقط، هؤلاء الذين يشمتون فى كل حادث جلل يصيبنا نحن المصريين. التفجير الإرهابى الخسيس الذى ضرب أحد معالم مصر فى قلب القاهرة، كيف وصل إلى داخل الأسوار المؤمّنة؟! هذا ليس حادثا إرهابيا وقع فى شارع أو فى كمين، لقد تم اختراق مؤسسة شديدة الأهمية، عليها من الرقابة والتأمين ما يجعلانها آمنة تماما، لذلك فالغضب مشروع مهما بلغ مداه. لا يعقل أن يتم استنفار الأجهزة الأمنية عقب حادث الهرم الإرهابى، وبعدها ب48 ساعة يقع حادث أكثر إرهابًا وأشد إيلامًا! كلما تنفسنا الصعداء وتوسمنا خيرًا فى المرحلة المقبلة يحدث ما لا يحمد عُقباه! صحيح أن هناك حربا إرهابية شعواء ضد الوطن، لكن ماذا تفعل الأجهزة الأمنية والاستراتيجية طيلة السنوات السابقة؟ أين فرق التحليل التابعة لهذه الأجهزة؟ أين فرق البحث والمعلومات وغيرها؟ لا أستطيع إبعاد المسئولية عن وزارة الداخلية بأجهزتها المختلفة، فهم من يتحملون- فى الأساس- ما حدث. وأعرف جيدا أن رجال الداخلية يدفعون ثمن مسئوليتهم أرواحًا تصعد إلى بارئها بشكل دائم، لنعيش نحن المصريين فى أمن وسلام، لكن أيضا مع كل شهيد يسقط يخترق الحزن قلوبنا، ويحتل الغم مساحة واسعة فى تفكيرنا. والحديث حول الوحدة الوطنية، ومحاولة إشعال الفتنة هما من الماضى، فوعى المصريين مكتمل تماما فى هذه النقطة، والإرهابيون يعرفون ذلك جيدا، فالمحاولات على مر السنين فشلت، وأدرك الجميع أن الفتنة تأتى بالدمار على كلا الطرفين، الخراب لن يأتى لفئة دون الأخرى، سيطول الجميع دون النظر إلى معتقداتهم وإيمانهم. والأمر أكبر وأبعد من مجرد تفجير فى كنيسة أو جامع أو جامعة، هى رسالة للعالم بأن مصر دولة غارقة فى الإرهاب، إذا هى دولة ليست آمنة، تتوقف الاستثمارات وتتوقف حركة السياحة، ونظل ندور فى نفس الدائرة المغلقة، لا مصادر للنقد الأجنبى، ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم، وزيادة مساحة الغضب حتى الانفجار. فما السبيل للقضاء على الإرهاب ؟ الأكيد أن المعلومات والتحركات لمواجهة الحركات والجماعات الإرهابية ليست متاحة، ولن تتاح للعامة، لكن هناك بعض التساؤلات التى يمكن من خلال الإجابة عليها المساعدة فى ذلك.. هل المواد شديدة الانفجار مثل ال«TNT» وال«C4» يتم تصنيعها فى مصر، وبالتالى فالمواد الخام الذى تدخل فى تصنيعها تمكن مراقبتها وإحكام السيطرة عليها؟ وحتى فى حال تهريبها، فاستخدام المعدات الحديثة فى مراقبة الحدود ونقاط التهريب واجبة، فمن يهرب هذه المواد، سيهرب المخدرات والأسلحة أيضا، لا أقول منعها، على الأقل الحد من دخولها البلاد. هل كاميرات المراقبة التى تمتلئ بها شوارع مصر عليها من يتابعها أو أنها تسجل تلقائيا وعند حدوث الحادثة يتم تفريغها؟! فمثلا كاميرات الكاتدرائية والحديث حول السيدة التى دخلت وبحوزتها «شنطة» ثم خروجها دونها، ألم يستوقف ذلك من يتابع ما تنقله الكاميرات؟ ضرورة وجود بصمة الوجه على قاعدة بيانات المواطنين، للتعرف إلكترونيا على أى صورة تلتقطها كاميرات المراقبة، ووجود التكنولوجيا الأمنية عالية الدقة فى الأجهزة الأمنية المختلفة هما أمر باهظ الثمن ومكلف للغاية، لكنه أصبح ضرورة لا غنى عنها، لدينا أعداد كبيرة ومتميزة فى مجال تكنولوجيا المعلومات وإعداد الشبكات، وهم شباب خلاق ومبتكر، نستطيع توظيفهم وطلب مساعدتهم فى خلق نظام أمنى متكامل، مع ضرورة إيجاد الموارد المالية اللازمة لذلك، ويمكننا الاستعانة بشركات عالمية لإحكام السيطرة على أمن وسلامة الوطن، فكل إرهابى خسيس وحقير، وكل مجرم وضيع، لو تم ضبطه عقب ارتكابه للجريمة بوقت قليل، وتمت محاكمته بصورة سريعة وناجزة سيكون عبرة لأمثاله.