تترقب فرنسا التصويت غدا الأحد في الجولة الثانية والأخيرة من الانتخابات التمهيدية لأحزاب اليمين والوسط الفرنسي لاختيار المرشح الذي سيخوض غمار الانتخابات الرئاسية في مايو 2017 وذلك وسط توقعات بفوز رئيس الوزراء الأسبق فرانسوا فيون أمام منافسه عمدة مدينة "بوردو" آلان جوبيه. ولم ينجح آلان جوبيه في تقليل الفارق مع منافسه، في نوايا التصويت، خلال المناظرة الأخيرة التي جمعت بينهما الخميس الماضي والتي دافع خلالها كلاهما عن برنامجه ورؤيته حول القضايا الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تهم الفرنسيين. وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة (أوبنيون واي) - غداة المناظرة - أن فرانسوا فيون يعتبر الأوفر حظا بالفوز بالاقتراع المرتقب غدا لتمثيل أحزاب اليمين والوسط في الانتخابات الرئاسية العام المقبل. وتوقع الاستطلاع حصول فيون على 61% من الأصوات مقابل 39% لمنافسه آلان جوبيه. وفي ظل تراجع شعبية الرئيس فرانسوا أولاند والانقسامات التي يشهدها الحزب الاشتراكي الذي ينتمي له واليسار بشكل عام، فإن كل التوقعات، حتى الآن، تشير إلى مواجهة بين فرانسوا فيون ومرشحة حزب اليمين المتطرف "الجبهة الوطنية" مارين لوبن في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية في مايو المقبل؛ بينما يرى المراقبون أن استطلاعات الرأي بشكل عام فقدت مصداقيتها منذ الفوز المفاجئ لدونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية ومنذ التصويت المفاجئ بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وحول برامج المرشحين فيما يتعلق بالاقتصاد بدءا بالحد الأقصى للمساعدات الاجتماعية، يريد فرانسوا فيون ألا تتخطى قيمة المساعدات الاجتماعية التي تمنحها الدولة للعاطلين عن العمل نسبة 75% من الراتب الذي كانوا يتقاضونه في عملهم، وتقليصها تدريجيا لمحاربة "الكسل" ودفعهم إلى إيجاد وظائف جديدة. فيما اقترح آلان جوبيه مبلغ 870 يورو في الشهر كحد أدنى للمساعدات المالية التي تقدمها الدولة للعاطلين عن العمل، على أن يتم تقليصه تدريجيا بعد مرور عام. كما يريد تعليق منح إعانة البطالة لكل عاطل لا يبحث بشكل جدي عن العمل أو يرفض وظيفة تعرض عليه. وعن المدة القانونية لساعات العمل، يعتزم فرانسوا فيون إلغاء مدة العمل القانونية التي تصل حاليا إلى 35 ساعة في الأسبوع. كما يريد ترك المجال للشركات وممثلي العمال لتفاوض حول ساعات العمل في الأسبوع شريطة ألا تتجاوز هذه المدة 48 ساعة وفق ما حدده القانون الأوروبي. وفي المقابل، أبدى آلان جوبيه عدم تمسكه بالمدة القانونية للعمل (35 ساعة في الأسبوع) ويريد أن يمهل الشركات وممثلي العمال مدة سنتين للتفاوض لأجل تحديد مدة زمنية جديدة تتراوح بين 35 و39 ساعة في الأسبوع. وحول الوظائف، ينوي فرانسوا فيون إلغاء 500 ألف وظيفة في القطاع العام وتوفير أكثر من مئة مليار يورو خلال خمس سنوات، فيما يتضمن برنامج جوبيه إلغاء ما بين 200 ألف إلى 300 ألف وظيفة في القطاع العام خلال ذات الفترة وذلك من خلال عدم استبدال موظف من أصل موظفين بلغا سن التقاعد. ويقترح فيون إلغاء الضريبة المفروضة على الثروة والأغنياء. ولتدارك النقص المالي الذي سيتسبب فيه هذا القرار، ينوي رفع نسبة الضريبة المفروضة على القيمة المضافة 2% لتصل إلى 22%، كما يريد أيضا تقليص الاشتراكات المالية التي تدفعها الشركات على موظفيها. أما جوبيه فيتفق على إلغاء هذه الضريبة ورفع نسبة القيمة المضافة 1% فقط لتصل إلى 21%، كما ينوي تخفيف الضرائب التي تدفعها الشركات من 38% إلى 30% بحلول عام 2022. وفيما يتعلق بقضايا المجتمع مثل حقوق مثليي الجنس، يعارض فرانسوا فيون إلغاء قانون "زواج المثليين"، ولكنه ينوي تقليص إمكانية تبني الأطفال لديهم. ولا يريد إلغاء قانون الإجهاض بالرغم من أنه معاد لهذا القانون لتوجهه الديني الكاثوليكي. ويرفض مشروع استئجار الأرحام وفكرة الإنجاب بالطريقة الاصطناعية للأزواج وللنساء اللواتي يعشن بمفردهن، ويتفق جوبيه على كل هذه النقاط ولكنه في المقابل يدعم القانون الذي يسمح لمثليي الجنس بتبني الأطفال. وعلى جانب آخر يسعى فرانسوا فيون منع ارتداء لباس "البوركيني" بينما لا يساند جوبيه منعه ويطالب بإنشاء مجلس وطني للديانات وسن قانون حول العلمانية، وكذلك ترحيل الأئمة الذين يدعون لأفكار متطرفة وإلى العنف. وحول قضايا الأمن، يتفق المرشحان على ضرورة إسقاط الجنسية عن جميع الفرنسيين على حد سواء المدانين في قضايا ارهابية وليس فقط عن مزدوجي الجنسية. كما يرفض فيون سجن الأشخاص المسجلين في القائمة (إس) (وهم الأفراد الذين يشكلون خطرا محتملا على الأمن القومي الفرنسي) بحجة أنه لا يريد فتح "معتقل جوانتانامو فرنسيا".. في المقابل، يريد إبعاد كل الأشخاص الذين لديهم علاقات مع جهات إرهابية. فيما يدعو جوبيه الى وضع تحت المراقبة الإدارية كل الأشخاص المسجلين في هذه اللائحة. ولمعالجة أزمة التكدس في السجون، يريد فرانسوا فيون توفير 16 ألف زنزانة إضافية في السجون الفرنسية بينما يخطط جوبيه لتوفير 10 آلاف زنزانة جديدة فقط. وحول قضايا الهجرة، يرى فيون أنه على كل أجنبي يتقدم للحصول على الجنسية الفرنسية الاستجابة لبعض المعايير ويريد تقليص المساعدات الاجتماعية المقدمة للأجانب، وأن يحدد البرلمان الفرنسي عدد المهاجرين الذين تريد فرنسا استقبالهم كل سنة. وَمِمَّا لاشك فيه أن الهجمات الإرهابية غير المسبوقة التي شهدتها فرنسا مؤخرا وحالة القلق والترقب التي يعيشها الفرنسيون على الصعيد الاقتصادي والأمني جعلت لديهم رغبة حقيقية وعميقة في التغيير وهذا ما أظهرته المشاركة الشعبية الواسعة (4.2 مليون ناخب) في الدور الأول من الانتخابات التمهيدية لأحزاب اليمين والوسط.