أكد الشيخ نشأت زارع، إمام وخطيب مسجد سنفا بميت غمر بالدقهلية، خلال خطبة الجمعة، اليوم، بعنوان "مال الوقف حرمته وتنميته ودوره فى تنمية المجتمع" أنه لا يختلف اثنان على أن الهدف الذى يحيا كلٌّ منا من أجله هو الفوز بالجنة، والنجاة من النار، لذلك كان من العقل والحكمة أن يصل الإنسان إلى هذا الهدف العظيم بالأسباب المُوصلة إلى ذلك، فقد قال الله تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًّا يره). وأضاف أن الإنسان كما يحتاج إلى نفسه رصيدًا من المال فى الدنيا فهو بحاجة إلى رصيد من الأعمال الصالحة والإنسانية فى الآخرة، وصدَق مَن قال: إنما الدنيا بالمال، والآخرة بالأعمال، كما أن عُمْر الإنسان لا يُحسب بعدد السنين التى عاشها فى الدنيا وإنما بكمِّ الأعمال الصالحة فى وجوه الخير. وتابع قائلًا: "العالم المعاصر اليوم به أمثلة ونماذج أَشبه بأعمال الأنبياء، مثل بيل جيتس الذى تبرَّع بنصف ثروته البالغة 64 مليار دولار للجمعيات الخيرية ومكافحة المرض، وهذا مارك مؤسس فيسبوك يتبرع ب45 مليار دولار لأعمال الخير بمناسبة مولد طفلة له، وهذا الوليد بن طلال يتبرع ب35 مليار دولار للجمعيات الخيرية، وهذا الدكتور مجدى يعقوب الملاك الذى وقف عمره وأمواله لعلاج الناس، وأحيانًا بالمجان ويا ليت الأطباء يقتدون به، وهذا ألفريد نوبل الذى منح جائزة نوبل كل عام مليون دولار من ثروته لمن يخدم البشرية فى الطب والفيزياء والعلم والأدب والسلام، السيدة علا لطفى التى أسّست مستشفى سرطان الأطفال وتبرعت ب10 ملايين جنيه لعلاج أطفال مصر، والأمثلة كثيرة حتى لا ننسى". وأضاف أنه على الجميع الاقتداء بهذه الأعمال الإنسانية التى تبقى لك بعد الممات وتخلِّد ذكرك فى العالمين، وعلى المدرِّس أن يُوقف من وقته يومًا للفقراء، والطبيب يومًا فى الأسبوع أو الشهر لعلاج الفقراء مجانًا كما نسمع عن أطباء الغرب. وأشار إلى أننا نعلم أن المال هو قوام الحياة ونعمة من الله، وقد يكون نعمة على صاحبه، وقد يكون نقمة عليه، فالناس فى دنيانا أنواع، فهناك من يكتسب المال من حلال وينفقه فى حلال فينطبق عليه (نِعم المال الصالح فى يد الرجل الصالح)، وهناك مَن يكون عبدًا للمال يلهث من أجله ويبيع نفسه ووطنه وأخلاقه وضميره من أجله فينطبق عليه (تَعِسَ عبدُ الدرهم، تعسَ عبدُ الدينار)، فالإنسان سوف يموت، الغنى والفقير سواء، يُدفنان فى قبر واحد، هذا يُسأل عن ماله مِن أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وذاك يقول: يا رب منَعَنى ماله الذى وهبته له وقلت: وآتوهم من مال الله الذى آتاكم. وأوضح أنه لا شك أن ثقافة الوقف الخيري كانت منتشرة فى المصريين حتى سجلوا أعظم النماذج والصور، لدرجة أنه كان مَن يُوقف الأموال لرعاية الكلاب الضالة، ومن يهب لخدمة طلاب العلم وخدمة المساجد والجامعات وأفعال الخير المتعددة حتى قال بعض العلماء إنه قد مر على مصر أزمنة لم يكن فيها جائع، لا مِن أهلها ولا المقيمين فيها. ولفت إلى أنه علينا ألا ننسى محافظة الدقهلية التى تعد أكثر المحافظات وقفًا لأعمال الخير والإنسانية، ولا ننسى أن نقول إن مال الوقف مثل مال اليتيم هو نار فى بطن مَن يقترب منه، وهو أمانة فى أعناق المجتمع بأكمله؛ لأن نفعه يتعدى الأفراد، وهو يسهم إسهامًا عظيمًا فى بناء المجتمع. وأكد أن الصور والنماذج العظيمة لا تُعدُّ فى تاريخنا الإسلامى، فهذا سيدنا عثمان يشترى بئر رومة من يهودى ويُوقفه للمسلمين وهو موجود حتى الآن، وهذا عبدالرحمن بن عوف الذى كان يقسم ماله بين أسرته وعائلته والفقراء، وهذا سيدنا أبو طلحة الذى أوقف بستانًا به 600 نخلة وقفًا خيريًّا.