لاقت المداخلة التى أجراها الدكتور محمد العريان، الخبير الاقتصادى العالمى، اهتمامًا واسعًا من جانب المتفاعلين المصريين على شبكات التواصل الاجتماعى، واعتبرها كثير من جمهور «فيس بوك» شهادة ثقة على قوة الاقتصاد المصرى، استنادًا إلى القيمة التى يمثلها العريان دوليًا فقد عمل الرجل فى العديد من المجالس واللجان الاقتصادية والمالية والدولية، بما فى ذلك وزارة الخزانة الأمريكية، والمركز الدولى للبحوث، ومعهد بيترسون للاقتصاد الدولى، ويعمل باحثًا فى مؤسسة كارنيجى للسلام الدولى، وكامبريدج فى الولاياتالمتحدة. يمثل العريان أحد أهم المستشارين الاقتصاديين الذين يعتمد عليهم الرئيس عبدالفتاح السيسى فيما يخص وضع الخطوط العريضة للسياسة الاقتصادية فى مصر، ويبدى العريان تعاونا كبيرا كمستشار وخبير اقتصادى تتم الاستعانة به رغم عدم إقامته بالقاهرة باعتباره شخصية تكنوقراط مستقلة لها باع طويل فى المجال الاقتصادى. الاستعانة بالخبرة الاقتصادية للعريان تعود إلى وقت الحملة الانتخابية للرئيس فى مايو 2014 عندما استعان به الرئيس فى وضع برنامج فترته قبل أن يعينه مؤخرًا ضمن تشكيل المجلس التنسيقى بالبنك المركزى، وكان اسمه قد بدأ فى التردد عقب ثورة 25 يناير عندما طرح ضمن المرشحين لرئاسة مجلس الوزراء خلفًا للدكتور كمال الجنزورى فى حكومته الأولى، كما تردد اسمه فى ترشيحات الحكومات اللاحقة أيضا من بينها الحكومة فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، حيث رفضته قيادات الجماعة، كما طرح اسمه ضمن المرشحين خلفا للدكتور حازم الببلاوى وقتها. رفض العريان تولى أى منصب رسمى فى الحكومة المصرية وقال إنه يعتقد أن من بين المصريين المقيمين فى الداخل من هو قادر على إدارة هذه المناصب، ورغم ذلك يستجيب للاستدعاءات الرئاسية رغم انشغاله الدائم فى مهامه الخارجية بمؤسسات لها ثقلها الدولى، وفور وصوله لمطار القاهرة يجد فى انتظاره أحد مندوبى رئاسة الجمهورية لسرعة إنهاء إجراءاته واصطحابه إلى مقر رئاسة الجمهورية بالاتحادية لعقد لقاء مع الرئيس. فى مستهل الفترة الرئاسية للرئيس السيسى حدد العريان ثلاث خطوات لنجاح الرئيس فى مواجهة التحديات والأزمات الاقتصادية، ذكرها فى مقاله على موقع شبكة بلومبرج الأمريكية، وذكر الخبير العالمى أن نجاح الرئيس فى تحقيق أهداف الثورة «خبز، حرية، عدالة اجتماعية» يتطلب منه التركيز على الأمن والتمويل والنمو الاقتصادى، وأن المهمة الأولى تتطلب التصدى للعنف الذى حصد كثيرًا من الأرواح وأضعف مكانة مصر الدولية ودمر السياحة وقوض الأنشطة الاقتصادية. والمهمة الثانية تتطلب معالجة العجز فى الميزانية، الذى يهدد بتفاقم التضخم الذى يتضرر منه فقراء مصر على وجه التحديد، حسب العريان، والثالثة هى إيجاد وسيلة لتعزيز النمو الاقتصادى، الذى لم يستوعب القوى العاملة الجديدة، مما أدى إلى ارتفاع مستويات البطالة الذى وصفه بالمقلق. من وجهة نظر العريان كخبير اقتصادى، فإن فرصة مصر فى الخروج من كبوتها الاقتصادية كبيرة، باتخاذ القرارات السليمة والسريعة من قبل الحكومة، مؤكدًا أن المطمئنهو أن ما تعانيه مصر حاليا، ما يزال لا يقارن بما تتعرض له بعض الدول الأخرى فى المنطقة، وهو ما يعد مؤشرًا جيدًا على قدرتها على الخروج من الأزمة، فى حال اتخاذ القرارات السليمة. وأشاد ببرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، لكونه من صنع أياد وفكر مصرى خالص، ويحظى بدعم سياسى كبير، قائلًا: أتفهم مخاوف المواطنين من الإجراءات الإصلاحية، لكننا فى أمس الحاجة إليها، حتى لا نعانى مزيدًا من الديون، ورفع معدلات التضخم. يتحصن العريان بالأمل، مؤكدا أن مصر لم تصل بعد إلى مرحلة الكساد الاقتصادى، فهى وعلى الرغم مما مرت به من سلبيات اقتصادية، حققت نموًا للعام الثانى على التوالى، كما أنها تمتلك مزايا عدة، تمكنها من الخروج من الأزمة، مثل السوق الكبيرة، والعمالة الشابة المتميزة، وموقع جغرافى متميز، موضحا أن مصر تشهد حراكا مميزا، لكن الأمور يجب أن تحدث بصورة أسرع. وصف العريان قرض صندوق النقد الدولى الذى سعت مصر للحصول عليه بقيمة 12 مليار دولار، ب«الفرصة للطرفين» وأن الهدف الأساسى للبرنامج الممتد على مدار ثلاث سنوات سيكون إطلاق إمكانات مصر الهائلة وتعزيز النمو وتوفير فرص العمل والتعامل مع نقص العملة الأجنبية. العريان رهن الاستفادة من هذا القرض بستة عوامل رئيسية، حددها فى مقاله على موقع «بروجيكت سينديكات» الأمريكى بضرورة وضع برنامج اقتصادى مخطط له بعناية يتوافق مع الوضع المحلى ويمثل الحقائق الاقتصادية للبلاد، والتركيز على معالجة التحديات الاجتماعية التى ربما تنشأ، لا سيما حماية الفئات الأكثر ضعفًا من السكان، فضلًا عن الالتزام السياسى القوى والمستمر لضمان التنفيذ السليم للبرنامج، والحصول على تمويل خارجى كاف، وفى الوقت المناسب، كذا التواصل الشفاف وفى الوقت المناسب، ليس فقط بين الصندوق والمسئولين المحليين، لكن أيضا مع الجهات المعنية الأخرى، لا سيما المواطنين، وإضفاء أجواء الثقة حتى لو لم تمض الأمور كما هو مخطط له، فإن الأطراف الأمنية يمكن أن تعمل معا بشكل فعال بإجراء التعديلات اللازمة. مصدر قوة العريان كخبرة اقتصادية دولية يستمدها من العمل لمدة 15 عاما لدى صندوق النقد الدولى فى واشنطن، كما أنه شغل منصب مدير تنفيذى فى «سالمون سميث بارنى» التابعة لسيتى جروب فى لندن، وفى عام 1999 انضم إلى مؤسسة بيمكو الاستثمارية العالمية، ويتولى أيضًا منصب رئيس مجلس التنمية العالمى التابع للبيت الأبيض. وهو نجل المستشار عبدالله العريان الذى كان أستاذًا للقانون ثم قاضيا فى محكمة العدل الدولية، حصل على شهادة جامعية فى الاقتصاد من جامعة كامبريدج، كما حصل على شهادتى الماجستير والدكتوراه فى الاقتصاد من جامعة أكسفورد فى المملكة المتحدة.