تتأكد كل يوم مقولة المؤرخ اليونانى القديم هيرودوت «من ليبيا يأتى الجديد»، والجديد هذه المرة يبدو مبكيا تارة، ومدعاة للسخرية، والتهكم تارة أخرى، فنحن أمام ثلاث حكومات، كل منها تدّعى الشرعية، وتطالب بمحاكمة الأخرى، كونها غير شرعية، وتخالف القانون والدستور. فبعد اقتحامها قصور الضيافة بطرابلس؛ أعلنت حكومة الإنقاذ المنبثقة عن المؤتمر الوطنى، منتهى الشرعية، برئاسة خليفة الغويل، أن حكومة المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق، غير شرعية، وتمارس اختصاصات تنفيذية، بما يخالف القانون والدستور، مطالبة بمحاكمة المجلس الرئاسى أمام القضاء. وقال «الغويل»، في تصريحات صحفية، إن حكومته ستلجأ للقضاء، لمحاكمة المجلس الرئاسى الليبى، برئاسة فايز السراج، كونه منتحلًا لصفة لا يملكها، ودخل البلاد بطريقة غير شرعية؛ مشيرًا إلى أن القيادة العسكرية للجيش مسئولية العسكريين، يجتمعون ويختارون قيادتها، كما انتقد الحرب التي يقودها الجيش العربى الليبى، ضد عناصر إرهابية، بمحور قنفودة غرب بنغازى. وفى محاولة منه لتوريط الحكومة الليبية المؤقتة، المنبثقة عن مجلس النواب الليبى المنتخب، برئاسة عبدالله الثني؛ أوضح «الغويل»، أنه على اتصال برئيس الحكومة المؤقتة، التي تمارس مهامها من شرق ليبيا، وقال إنه على تواصل مع حكومة الثنى، منذ استشعار فشل اتفاق الصخيرات؛ مؤكدًا أن التعاون بين الحكومتين لم ينقطع لتوفير الخدمات للمواطنين، في كل ليبيا، على حسب تعبيره. وردًا على دعوة «الغويل» للحكومة المؤقتة، للدمج معا في مواجهة المجلس الرئاسى الليبي؛ كشف المتحدث باسم الحكومة المؤقتة، عبدالحكيم معتوق، عن أن حكومة الثنى تركت الأمر لمجلس النواب الليبى، برئاسة المستشار عقيلة صالح، لبحثه وإبداء قرارها بالخصوص. وقال «معتوق»، في تصريحات صحفية، إن الحكومة الليبية المؤقتة، والبرلمان، والقوات المسلحة، تريد أن تنأى بنفسها عن الصراع السياسي الدائر، وإنه كان يتمنى من المجلس الرئاسى تشكيل حكومته، في أسرع وقت ممكن، لكن الضغوط الدولية عليه حالت دون خروج حكومته، التي كنا نريدها حكومة تجمع الكل، ويلتقى فيها الليبيون جميعًا. واعتبر فيه بعض المراقبين انقلاب الإنقاذ، بأنه أنهى عمليًا ما يُعرف باتفاق الصخيرات، وأنهى سلطات المجلس الرئاسى الليبى لحكومة الوفاق، وعاد بالأزمة الليبية إلى نقطة الصفر، وقد أصبحت البلاد فوق فوهة بركان، ومفتوحة على كل السيناريوهات. ووصف الخبير الليبى، هشام الطيب، الخبير المتخصص في الشئون الإستراتيجية، الأحداث التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس مؤخرًا، والتي استولت فيها حكومة الإنقاذ الليبية، برئاسة خليفة الغويل، على مقر مجلس الدولة، داخل منطقة قصور الضيافة- ب«المؤامرة». وأوضح «الطيب»، ل«البوابة»، أنه ومع اقتراب دخول الجيش العربى الليبى العاصمة، وفق ما صرحت قيادت عسكرية ليبية، فإن التشكيلات شبه العسكرية، الموالية لجماعات الإسلام المتشدد، مثل الإخوان، والليبية المقاتلة، بدأت تشعر بالخطر. وقد رأت هذه التشكيلات، التي توالى في الأصل المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق، ضرورة البحث عن حائط صد يمنع الجيش العربى الليبى، من دخول العاصمة الليبية، والسيطرة عليها، لاسيما أن قوات البنيان المرصوص، أنهكت في حربها ضد تنظيم «داعش» الإرهابى، في مدينة سرت، وسط ليبيا، وخسرت المئات من عناصرها، وليس بمقدورها التصدى لقوات الجيش العربى الليبى. وأضاف: أن هناك مستشارين من دول غربية، اقترحوا افتعال أزمة السيطرة على مؤسسات الدولة بالعاصمة الليبية طرابلس، وذلك بالاتفاق بين خليفة الغويل رئيس الحكومة الليبية الثالثة أو الإنقاذ، وما بين فايز السراج، رئيس الحكومة الليبية الثانية، والمقترحة من قبل المجتمع الدولى، والقيادى بجماعة الإخوان، ورئيس مجلس الدولة، عبدالرحمن السويحلى، وجميعهم يلقى قبولًا من قبل الدول الغربية. وتابع «الطيب»، قائلًا: «أما السيناريو المرسوم فهو توسيع دائرة الفوضى داخل العاصمة، وطلب السراج مساعدة الأممالمتحدة، لتأمين العاصمة، بواسطة قوات حفظ السلام الدولى، ومن هنا يتم تعطيل دخول الجيش العربى الليبى العاصمة طرابلس، لأنها ستتحول إلى منطقة خضراء بالطبع»؛ مشيرًا إلى أن انقلاب حرس الأمن الرئاسى على حكومة الوفاق يؤكد حقيقة المؤامرة.