أعلنت حكومة "الإنقاذ الوطني" في العاصمة الليبية طرابلس، برئاسة خليفة الغويل، مغادرة السلطة، وإفساح المجال لحكومة "الوفاق الوطني"، برئاسة فايز السراج، كي تتسلم الحكم بعد أقل من أسبوع من دخولها البلد، موضحة أن قرارها جاء ل"حقن الدماء وسلامة الوطن من الانقسام"، ومشددة على أنها "تتبرأ أمام الله والشعب من أي مسؤولية أو تطورات قد تحدث مستقبلا". وفي 14 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلن الغويل عودة حكومته لمباشرة أعمالها، بعد نحو 6 أشهر من مغادرة السلطة؛ الأمر الذي عده البعض تناقضا مع موققها السابق، لكن الغويل اعتبر، في مقابلة مع وكالة الأناضول، أن عودة حكومته لا تتناقض مع موقفها السابق؛ فهي انسحبت من الحكم لحماية الوطن من الانقسام، لكن "ازدادت الانقسامات بالفعل منذ دخول حكومة السراج العاصمة"؛ لأنها "ببساطة تفتقد إلى الشرعية"؛ في إشارة إلى عملها بدون موافقة مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق (شرق)، بحسب ما يشترط اتفاق الصخيرات، المبرم في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2015. وأرجع الغويل أيضا عودة حكومته للمشهد إلى "فشل مشروع الصخيرات" في الإيفاء بأي من تعهداته؛ إذ "صار التدخل الأجنبي في ليبيا جهارا نهارا"، في إشارة إلى تنفيذ قوات دول، بينها الولاياتالمتحدةالأمريكية، عمليات عسكرية في ليبيا، بينما ينص أحد بنود اتفاق الصخيرات على "الالتزام بحماية وحدة ليبيا الوطنية والترابية وسيادتها واستقلالها، وسيطرتها التامة على حدودها الدولية، ورفض أي تدخل أجنبي في الشئون الداخلية الليبية". وجدد التأكيد على رفضه ل"اتفاق الصخيرات"، التي رعته منظمة الأممالمتحدة، معتبرا أن حل أزمات البلد مرهون ب"حوار ليبي ليبي"، وأن ما وصفه ب"الألاعيب التي تقوم بها البعثة الأممية في ليبيا لا تكرس إلا الانقسام والتشتت". وأقر رئيس حكومة الإنقاذ بأن التفاعل الدولي تجاه حكومته "محدود"، لكن وصفه "بالمتصاعد"، مضيفا أن دولا (لم يسمها) "تدعم أحزاب بعينها تخدم أجندتها في ليبيا". وأعلن الغويل، خلال المقابلة، رفضه التعامل مع حكومة "الوفاق الوطني"، دون أن يستبعد إمكانية تنسيق الجهود مع بعض الوزارات الخدمية في الحكومة المؤقتة، برئاسة عبدالله الثني، والمنبثقة عن مجلس النواب في طبرق، من أجل "التخفيف عن المواطن الذي تضرر بسبب الانقسام الإداري". وعقب سقوط نظام معمر القذافي في 2011 إثر ثورة شعبية، دخلت ليبيا مرحلة انقسام سياسي تمخض عنها وجود حكومتين وبرلمانيين وجيشين متنافسين في طرابلس غربا، ومدينتي طبرق والبيضاء شرقا. وضمن مساعٍ أممية لإنهاء الانقسام عبر حوار ليبي، جرى التوصل إلى اتفاق في مدينة "الصخيرات" المغربية انبثقت عنه ثلاث مؤسسات، وهي: "مجلس رئاسي" يقوده فايز السراج، وهو مُكلف بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وبرلمان يتمثل في مجلس النواب بمدينة طبرق، ومن مهامه المصادقة على الحكومة التي يشكلها المجلس الرئاسي، وأخيراً "المجلس الأعلى للدولة"، الذي يضم 145 عضواً من "المؤتمر الوطني العام"، ويُعتبر أعلى مجلس استشاري للدولة، ورأية ملزم في مشاريع القوانين قبل إحالتها إلى مجلس النواب. ورغم أن بدء عمل "حكومة الوفاق" يتطلب قانونا، بحسب اتفاق الصخيرات، الحصول على موافقة مجلس النواب على التشكيلة الحكومية التي يقدمها السراج، إلا أن أعضاء المجلس الرئاسي بدأوا في الوصول إلى طرابلس يوم 30 مارس/ آذار الماضي قادمين من تونس، وباشروا آنذاك في استلام المقار الحكومية، ولاحقا أخفق المجلس الرئاسي في الحصول على ثقة مجلس النواب على أكثر من تشكيلة حكومية؛ حيث يتبنى قطاع من النواب موققا رافضا لاتفاق الصخيرات.