رصد الكاتب الأمريكي آرون ديفيد ميلر تردد عبارة "منطقة حظر جوي" أكثر من مرة دون اكتراث، في كافة الأحاديث المعنية بإنهاء الحرب السورية الكارثية. وأشار –في مقاله بالوول ستريت جورنال- إلى أن هيلاري كلينتون مرشحة الرئاسة الأمريكية المقبلة عن الحزب الديموقراطي في مناظرتها الثانية مع دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري نوهت عن دعمها عندما كانت وزيرة خارجية لفرض مناطق حظر جوي ومناطق آمنة في سوريا كوسيلة لاكتساب نفوذ وإجبار موسكو على الضغط على بشار الأسد - حسب الكاتب -. ورأى ميلر أنّ فرْض حظر جوي قد يكون وسيلة لحماية المدنيين، وتمكين المعارضة وإجبار الأسد على التفاوض، ولكن خبرة الولاياتالمتحدة في فرض مناطق حظر جوي في العراق والبوسنة وليبيا على اختلاف حالاتها – هذه الخبرة توحي بالحاجة إلى الحذر في هذا الصدد. وقال الكاتب " إنه إذا كان شَلّ الدفاعات الجوية السورية كفيلا بالحيلولة دون قدرة نظام الأسد على إسقاط براميل متفجرة على المدنيين ومن ثمّ حمايتهم، فإن تلك المهمة (حماية المدنيين) تقتضي في البداية الوقوف على موارد قتلهم: فالغارات الجوية ليست المورد الأوحد لقتل المدنيين وإنما يأتيهم القتل أيضا من قصْف مدافع الهاون والهجمات الصاروخية". وتابع قائلا " إن بوتين لن يذعن بسهولة للمسعى الأمريكي لشلّ النشاط الجوي الروسي في سوريا والذي بدأ في سبتمبر 2015 وشهد نشر منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس-400" المتطورة". واستطرد ميلر "إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد أن استثمر نقديا وعسكريا في سوريا لن يذعن للمساعي الأمريكية في هذا الصدد وقد ينتهك قرار فرض الحظر الجوي متى تم اعتماده أو على الأقل قد يكتفي بوتين بأن ترافق الطائرات الروسية نظيراتها السورية في انتهاك مناطق الحظر، أو قد يتولى إمداد القوات السورية بالصواريخ، أو ربما يلجأ بوتين إلى مواجهة القوات الأمريكية على نحو مباشر: عندئذ إذا لم تكن واشنطن متأهبة لاختبار قوة المستر بوتين في سماء سوريا، فإن "خطا أحمر" آخر سيتحول إلى "فوشيا" مع ما يستتبعه ذلك من عواقب أكبر وأطول أمدا"، حسب الكاتب. وأكد صاحب المقال أنّ فرض الحظر الجوي هو بمثابة فكرة تبحث عن إستراتيجية متكاملة، وبمثابة خطوة أولى على طريق ضرب نظام الأسد بشكل مباشر، ولكنه أيضا ينذر بنزاع مع روسيا وربما كذلك بحرب بالوكالة مع إيران، لا سيما وأن الدولتين قد أظهرتا امتلاكهما لنصيب من الأسهم في سوريا أكبر من ذلك الذي أظهرت أمريكا امتلاكه، وأظهرتا استعدادا لبذل الموارد المتطلبة أيا كانت لجني الأرباح المرجوة. واختتم ميلر مقاله قائلا "إنّ فرْض حظر جوي في سوريا هو من قبيل أنصاف التدابير التي قد تثبت عدم جدوى أو ربما تأتي بنتيجة عكسية وتؤدي إلى تصعيد قد يقود الولاياتالمتحدة إلى الانخراط أكثر في حرب لا يريد قادتها ولا مدنيوها (الأمريكيون) الانخراط فيها، حربٌ تحكم المعطيات في سوريا باستحالة الفوز فيها عبر القوة العسكرية وحدها".