تعتبر الدولة الإيرانية فى ظاهرها دولة قوية، ولكن عندما يتم النظر والتعمق فى مؤسساتها، يمكن أن نجد الفساد منتشرا وواضحا فى دولة خامنئي. وفى هذا أبرزت صحيفة انتخاب الإيرانية مقابلة تحدثت فيها مع أحمد توكلي، المرشح السابق للرئاسة الإيرانية وعضو البرلمان الإيراني، وأبرز فيه تصريحات خطيرة عن الطريقة الوحيدة التى يمكن من خلالها إسقاط نظام خامنئي. وقال توكلى إن النظام الإيرانى بدأ يترنح بسبب انتشار الفساد فى مؤسسات الدولة، وهذا يتضح فى المؤسسات الرسمية أيضا. وأضاف توكلى أن الفساد فى إيران كبير وسيكون سبب من أسباب سقوط الدولة الإيرانية، واصفا إياه بالفساد المؤسساتى المنظم. وأوضح أن المشكلة الكبرى الآن تكمن فى أن الأجهزة الرسمية المعنية بمحاربة الفساد فى البلاد أصبحت ضمن منظومة الفساد الإدارى داخل النظام، مشيرا إلى أنه من الصعب محاربة الفساد داخل المؤسسات والدوائر الرسمية الإيرانية. وأكد أن الشعب الإيرانى أصبح لا يثق بالنظام، ومنهم من ضاق ذرعا مما يحدث فى البلاد، وهذه الحالة تتسع، نظرا لانتشار الفقر وسوء المعيشة بالرغم من رفع العقوبات الدولية من على إيران، واستقبالها للأموال خلال الأيام الماضية. وتابع المرشح السابق لانتخابات الرئاسة الإيرانية قائلا إنه منذ اندلاع الثورة الإيرانية، هناك مدن بقى الحال على ما هو عليه، ولم يحدث فيها أى تغييرات، فلم تتغير البنية التحتية لتلك المدن نهائيا، وبقيت هذه المناطق فقيرة ومهمشة كما كانت عليه حتى بعد الثورة الإيرانية. وأردف قائلا «إن النظام الإيرانى لن يسقط بانقلاب من جيشه أو ثورة مخملية ضد النظام، ولكن الفساد هو ما سيسقط النظام الإيراني. وختم توكلى حديثه قائلا «يجب أن يتساوى الجميع فى نهاية الأمر، فكلنا إيرانيون، ولا يجب أن يفرق بين الأغنياء فى إيران والفقراء، ولا يجب ممارسة انتهاكات ضد الفقراء الإيرانيين، فالشعب الإيرانى شعب واحد فى نهاية الأمر. ويبدو أن حديث توكلى فى هذا الوقت يدل على وضوح الفساد بشكل كبير فى إيران، فى الوقت الذى يتكتم عليه النظام الإيرانى بشكل كبير، حرصا على عدم إثارة الشعب ضده. ولا تزال فضيحة الرواتب الخيالية فى القطاع الحكومى التى فجرها المحافظون فى إيران فى الأشهر الأخيرة تلقى تفاعلا كبيرا من قبل الشعب الإيراني. وحسبما أبرزت تسريبات من وسائل إعلام تابعة للجهات المحافظة فى إيران، أن تلك الفضيحة يمكن أن تتسبب فى فضح ما يقرب من 400 مسئول أمام القضاء، وهذا على خلفية تقاضيهم رواتب خيالية مقارنة بما يمر به الاقتصاد الإيراني. وأشارت محكمة التدقيق المالى الإيرانية إلى أن رواتب بعض المدراء التنفيذيين فى بنوك حكومية تصل فى بعض الحالات إلى ستمائة واثنين وعشرين مليون ريال إيراني، أى ما يعادل عشرين ألف دولار شهريا، فيما لا يتعدى معدل الرواتب فى القطاع العام أربعمائة دولار. وعلق رئيس البرلمان الإيراني، على لاريجاني، على تلك الفضيحة، واصفا إياها بمثابة وصمة عار على القطاع العام الإيراني، مؤكدا أنه تم رفع قضايا ضد نحو 400 مسئول يكسبون أكثر من مائتى مليون ريال. وبعد اندلاع الأزمة الأخيرة فى إيران بخصوص رواتب المسئولين، يرى الإيرانيون إنه لا يمكن للقضاء الإيرانى محاكمة المسئولين الإيرانيين المتورطين فى فضيحة الرواتب المفرطة، والذين يصل عددهم لأكثر من 400 مسئول رسمى بسبب نفوذهم داخل النظام. وتعد تلك الفضيحة ضربة قوية للرئيس حسن روحاني، الذى تولى السلطة فى 2013، ووعد بمكافحة الفساد فى المؤسسات الإيرانية. وفى نفس السياق، نشر موقع ميدل إيست أى البريطاني، تقريرا عن الفساد فى دولة الملالي، حيث كشف عن حجم الفساد الرهيب فى تلك الدولة. وقال الموقع البريطانى إن ظاهرة الفساد فى إيران أصبحت متفشية إلى حد كبير، حتى إنها أصبحت ممارسة روتينية فى كل مؤسسات الدولة. واستشهد الموقع بمثال ممن سجنوا بسبب الفساد فى إيران، وهو الملياردير الإيرانى باباك زنجاني، الذى حكم عليه بالإعدام، بسبب تورطه فى الفساد، حيث أبرزت التقارير أنه اختلس ما يقرب من 2. 8 مليار دولار، فى إطار عمليات وساطة قام بها لفائدة الحكومة الإيرانية لبيع النفط بطريقة سرية. وأشار التقرير إلى الأسباب الذى جعلت من الفساد متفشيا فى إيران، حيث أوضح أن سيطرة النظام الحاكم على مؤسسات الدولة من قطاع النفط والغاز إلى الصناعة، وتصنيع السيارات والصحة والغذاء والتجارة والبنوك والطيران، هو السبب الرئيسى والفعلى لهذا الفساد. وأضاف أن غياب القوانين الرادعة فى إيران من قبل القضاء، جعل من أى شخص لا يهاب النهب والسرقة، خاصة أن القضاء فى إيران يقبل الرشوة، لذا فليس هناك قوانين تحاسب المختلس والفاسد وتردعه وتجبره عن الرجوع عما يفعله. أما من جهة الرشاوي، فأوضح التقرير أن إيران جاءت فى المرتبة 130 فى تصنيف البلدان الأكثر فسادا فى العالم من بين 168 دولة شملها التصنيف فى عام 2015، حسب التقرير الذى قدمته منظمة الشفافية الدولية. ويرجع هذا الأمر إلى غياب الشفافية فى إيران فى التعامل مع الفساد، حيث إن الموظفين فى الدولة يستخدون مناصبهم وسلطاتهم فى أخذ الرشاوي، دون أن تكون هناك طرق لكشف هذا الأمر وتقديمهم للمحاكمة. التقرير أشار إلى ضعف الدولة الإيرانية فى التغلب على هذا الأمر حتى فى المستقبل، وهذا ما أقره على لاريجانى فى وقت قريب بأنه ليس لديه آمال فى القضاء على الفساد قريبا. وأنهى التقرير حديثه قائلا «إذا استمر هذا الوضع، ولم يتم وضع آليات للحد من هذا الفساد وعدم محاسبة هؤلاء، فسيؤدى فى النهاية لاندلاع احتجاجات اجتماعية وانهيار النظام الحاكم، وهو ما أشار له توكلى فى حواره مع انتخاب. غير هذا وذاك، فقد امتد الفساد فى إيران إلى الجيش، حيث تظاهر عدد من الإيرانيين، أمام قاعدة دزفول الجوية، لتعرضهم إلى عمليات نصب ضمن ملفات فساد حكومى طالت مؤسسات الجيش، وذلك عقب الكشف عن سلسلة ملفات كبيرة للفساد فى البنوك والوزارات ودوائر الدولة. ووفقا لموقع أمد نيوز الإيراني، فإن جمعية تدعى برواز، وهى جمعية مختصة بشئون الإسكان، وتدار من قبل القوات الجوية للجيش متورطة بعملية نصب واحتيال بالمليارات ضد العشرات من الضباط، حيث تسلمت تلك الجمعية، عام 2013 مبلغ 22 مليار تومان إيراني، مقابل وعود بتسليم قطع أراض لهؤلاء الضباط لبناء شقق سكنية عليها، لكنها لم توف بوعودها. وأوضح الموقع الإيرانى أنه عندما طالب هؤلاء الضباط بحقوقهم فى استرداد الأموال أو الأراضى التى وعدت بها تلك الجمعية، كان الجواب بالرفض وإنكار تسلم أموال، مما اضطر إلى لجوء الضباط لمكتب المرشد الأعلى، على خامنئي، وأصدر أمرا بإرجاع الأموال، ولكن لم يتم إرجاعها فى نهاية الأمر، وعلم أنه تم استثمار تلك الأموال فى مشاريع أخرى تخص الدولة، ولم يتم إرجاع أى مبلغ من تلك الأموال إلى الضباط.