سمعت صراخ الإسرائيليين بعدما ألقيت قنبلة داخل إحدى دشم العدو دمرت أنا وعدد من زملائي 4 ناقلات جنود ودبابتين محمد العباسي، أو «محمد أفندى رافع العلم»، وهو الاسم الذى يحب أن يناديه به أهله، وهو أول جندى يرفع علم مصر فوق سيناء، فى حرب الست ساعات، ولحظة اقتحام خط بارليف. شهرته «محمد العباسي» وولد سنة 1947 بمدينة القرين مركز أبوحماد محافظة الشرقية، وحصل على الشهادة الإعدادية، وتزوج وعمره 16 عامًا، ثم تزوج مرة أخرى بعد وفاة زوجته، وله أربعة أبناء، والتحق بالخدمة العسكرية عقب نكسة 67، وحضر حرب الاستنزاف. واشترك العباسى مع مجموعة من الجنود بزرع الألغام وراء خطوط العدو، ونجح خلال تلك الفترة فى أسر بعض الصهاينة وتدمير 4 ناقلات ودبابتين، وأصيب فى فخذه اليسرى فتم نقله للمستشفى، وعاد للجبهة مرة أخرى رافضًا ترك زملائه وحدهم. يحكى العباسى عن أحداث أكتوبر: «فى صباح السادس من أكتوبر 1973، العاشر من رمضان، بدأت عمليات التمويه على الجيش الإسرائيلي، فكان عدد من الجنود يلعبون كرة القدم والشطرنج وبعضهم يمصون عيدان قصب السكر، والبعض الآخر يغسلون الملابس وفى حالة استرخاء تام، ثم كانت ساعة الصفر وعبرنا قناة السويس، وكنت فى طليعة المتقدمين نحو دشمة حصينة بخط بارليف». وواصل «العباسي»: «لم أهتم بالألغام والأسلاك الشائكة، وقمت بإطلاق النار مع زملائى الأبطال على جنود حراسة الدشمة الإسرائيلية، وفى نفس الوقت كانت المدفعية المصرية تصب نيرانها على الدشمة وتمكنت خلالها من قتل نحو ثلاثين فردًا من العدو، وأحرقت العلم الإسرائيلي، ورفعت العلم المصرى بدلًا منه». يستفيق كأنه نسى شيئًا مهمًا، ليضيف: قبل أن أرفع العلم المصري، على أول نقطة نصل إليها، رأيت كلمة «الله أكبر» مكتوبة فى السماء، متشكلة من خيوط السحب التى تطلقها المقذوفات، وصحت بعدها الله أكبر، وقمت برفع العلم وأنا أهتف بنفس الكلمة «الله أكبر»، وكان لا يهمنى أن أتلقى رصاصة أو قذيفة، فمصر وحدها هى التى كانت فى رأسي، وكنت أتذكر استعادة كرامة المصريين». وعن الفترة التى سبقت الحرب، قال العباسي: «شاركت زملائى بزرع الألغام، وراء خطوط القوات الإسرائيلية، بعدما شاهدنا الاستفزازات التى كان يقوم بها بعض الجنود الإسرائيليين، فقد كانوا يكتبون لنا بالحصوات الكبيرة والحجارة على خطهم الحصين فى الشط أو الضفة الشرقية «ستظل مصر جثة هامدة». وتابع «كنا نتابع عملية بناء خط بارليف، الذى أشرف عليه جايين بارليف، ووصفه بأنه الخط الذى لا يقهر، وبالرغم من عدم امتلاكنا السلاح الكافى، فالطاقة التى كانت بداخلنا، كانت كفيلة بأن تقوم بتدمير الخط وإسرائيل نفسها». واستطرد محمد أفندي: «فى يوم الجمعة الموافق الخامس من أكتوبر 1973، التاسع من رمضان، تلقيت أنا وزملائى الأوامر بالإفطار، ودارت خطبة الجمعة حول المعارك التى خاضها الجيش الإسلامى خلال شهر رمضان المبارك، على مدى التاريخ، ومكانة الشهيد عند الله وبعد الخطبة صلينا على علم مصر. وفى صباح يوم السادس من أكتوبر، وفى ساعة الصفر، بدأ الجنود فى عبور قناة السويس، وفرحت كثيرًا عندما شاهدت الطيران المصرى عائدًا بعد أن دك المطارات الإسرائيلية. وأضاف: «أسرعت نحو دشمة من دشم خط بارليف، ولم أعبأ بالألغام والأسلاك الشائكة التى كانت بها ألغام كثيرة، ولم أنتظر سلاح المهندسين لفتح ثغرة لنا للعبور ونزعت «السنكي» وبدأت أجس الأرض لأنى مدرب على سلاح المهندسين، وفتحت ثغرة حتى صعدت قمة الدشمة وكان زملائى من حولى وأحطنا الدشمة ودمرناها، وبمجرد وصولنا للدشمة فتحنا نيران أسلحتنا على جنود العدو فقتلنا 3 إسرائيليين، ثم ألقيت قنبلة من خلال فتحة الدشمة فسمعنا صراخًا لإسرائيليين، وتم أسر 21 جنديًا إسرائيليًا، ثم صعدت إلى قمة الدشمة ومزقت العلم الإسرائيلي، ورفعت مكانه العلم المصري، معلنًا تحرير الأرض المصرية من العدو الصهيوني».