شهدت الأسواق المصرية ارتفاعا غير مسبوق في أسعار الخضر والفاكهة بشكل جعل الكثير من الأسر المصرية في حالة من العزوف عن الإقبال على شراء الفواكة حتى التي كان الكثير منها في متناول الجميع لتصبح أغلبها لونا من الوان الترف الذي لا يقوي عليه متوسط الدخل. الجوافة، والتي كانت تعد الفاكهة الأكثر رفقا بالبسطاء وكانت في متناول الجميع وصل سعرها اليوم 10 جنيهات فيما تجاوز كيلو المانجو 20جنيها، حتى البلح ترنح سعره ما بين 5-7 جنيهات، بينما بلغ سعر كيلو العنب 10 جنيهات، أما التفاح الأصفر فتراوح بين 12_15 جنيها، والكمثري 10 جنيهات لتبقي تلك الأنواع في واد، والموظف رب الأسرة في وادٍ آخر يعاني أنيميا فقر الدم إثر فقدانه لأهم المعادن والفيتامينات. ورغم حالة الغلاء التي سيطرت على سوق الفاكهة إلا أن ظاهرة هي الأغرب قد لوحظت في تلك الأسواق وهى ظهور الكثير من الفواكة المستوردة باهظة الثمن والتي يتعدى سعرها ال20 جنيها منها البلح الأصفر السعودي والخوخ السوري والكريز والعنب اللبناني. قال محمد طارق، رب أسرة مكونة من 5 أفراد، يعمل ترزى رجالي، التقينا به في سوق العباسية: أسعار الفاكهة أصبحت في غير متناول أي موظف، أقل كيلو فاكهة ب10جنيهات، عشان تشتري مرتين في الأسبوع فاكهة عايزه 50 جنيها، 50 جنيها يعنى تفصيل بنطلونين رجالي ومرمطة ممكن أفضل عليها شهر، لذلك البيبسي والمياه الغازية أصبحت البديل في بيتي، والفاكهة في المواسم فقط. "غالية ولا طعم ولا ريحة"، جملة أكدت عليها أم محمود التي عبرت عن عدم رضاها عن الفاكهة الموجودة بالأسواق والتي لم يعد لها أي نكهة أو طعم معلقة: "والله خسارة فيها الفلوس بس مضطرين نشتري عشان أطفالنا في المدارس. المعلم توفيق سراج، تاجر خضروات بسوق التوفيقية يقول: كل حاجه غليت انتقالات وشحن وأسمدة والفلاح مكسل يزرع ومعظم الفواكة أصبحت مستوردة، وهذا سبب الغلاء، مؤكدا أن معظم الفواكه فعلا أصبحت بلا طعم بسبب الهرمونات. وتابع: هل يعقل أن يصبح كيلو الجوافة ب10 جنيهات بعد أن كانت ب3جنيهات، هنقول ايه إذا كان الليمون وصل ل40 جنيها، مختتما حديثه: "ربنا يعين الغلابة على مصاريفهم". ام محمد، سيدة أربعينية،لم تقف حيث تقف معظم السيدات على فرشة الفاكهة، وانما اخذت جانبا في الزاوية المجاورة للمحل تنتقي ما يمكن الاستعانه به من فواكة كسر درجة ثانية، لأنها أرخص سعرا، حيث قالت: نصف العمى ولا العمي كله وأهي كلها فاكهة ربنا.. أنا لا استطيع أن اشتري الفاكهة بسعرها العادي؛ لأنه غالي جدا لذلك اكتفي بشراء ما يجنبه الخضري في المشنة من فاكهة كسر أو متصابة من القفص، أدقق النظر فيما ينفع واشتري احتياجات أولادي سواء كيلو أو 2 وارحل، أحيانا أحرج وأنا انتقي من تلك المشنة؛ لأنها تكون على رصيف المحل، ونظرة الناس تكون مؤلمة لكن أرجع واقول نصف العمي ولا العمي كله. "100 جنيه تقريبا، قسمًا بالله، كل أسبوع للفاكهة، ميزانية ثابتة، لأن أولادي صغار في المدارس وأكلهم ضعيف واعتمادهم الأساسي على الفاكهة، مضطر اشتري الكيلو بعشرة وعشرين، وحتى لو بخمسين جنيه، كفاية أنيميا فقر الدم التي دمرت جيلنا، يا تري ولادنا مصيرهم أيه.. كلمات اختتم بها زهير حديثه من أمام أحد محال الفاكهة بسوق العاشر في مدينة نصر. ويبقي السؤال..هل باتت الفاكهة المصرية لونا من الترف والرفاهية للكثير من البيوت المصرية في ظل توحش الأسعار، وهل أصبحت مصر عاجزة عن زراعة ما يكفيها من تلك المحاصيل لتستورد عفن الأسواق العربية؟ وإلى متى يظل هذا الارتفاع الجنوني في أسعار الخضر والفاكهة؟!.