كثيرون هم الذين تحدثوا عن القراءة وأهميتها في حياتهم وكذلك معاناتهم منها ومعها مما سمح بوجود مساحة لا بأس بها تنبت فيها الخرافات والتصورات منها الصحيحة ومنها المغلوطة حول عالم القراءة. هذه الخرافات المتعلقة بالقراءة قد يكون بعضها معروفا لدى النهميين للقراءة إلا أن الكثير منها قد لا يبدو معروفا بالمرة ربما لهذا حرص كلا من الدكتور ساجد العبدلي، وعبدالمجيد حسين تمراز على جمع كل الخرافات التي أشيعت حول عملية القراءة في كتابهما "27 خرافة شعبية عن القراءة" والصادر عن الدار العربية للعلوم. يضم الكتاب 27 خرافة ملفقة حول عالم القراءة والقراء بشكل عام، بعضها جاء منتقدا لفعل القراءة نفسه في ظل أزمات اقتصادية وسياسية طاحنة يموج بها العالم العربي فالقراءة في نظر غالبية الشعوب العربية لا تعدو عن كونها ترفا لا معنى له حتى بات القارئ محل إنتقاد وسخرية من غيره ومن نفسه في بعض الأحيان. الكتاب ينتقد الذين يرون مثلا أن القراءة نوعًا من السخافة وتضييعًا للوقت في أمر لا فائدة فيه وبحثًا عن المتعة فقط، ونرى قارئ الكتب الدينية المحضة يسخر ممن يقرأ في الأدب والفلسفة والعلوم وغيرها والثاني يسخر من الأول لما يقرأه وهكذا. جاء في مقدمة الكتاب: في كل مجتمع خرافات يحيكها الناس عبر الأزمان حول كل شيء من حولهم، ونحن في المجتمعات العربية لدينا كذلك خرافات نسجت حول فعل القراءة، بعضها مضحك وبعضها ينطوي على مغالطات وبعض آخر غريب جدا، هذه الخرافات أعاقت انتشار القراءة ونموها على المستوى الشخصي والجمعي في المجتمعات العربية، ومن هنا حاولنا أن نضع للقارئ العربي هذه الخرافات على طاولة التشريح لنوضح له تفاصيلها وسياقاتها وكيف يمكن الرد عليها، ليظل هدفنا الأهم دائما وأبدا أن نساعد مجتمعاتنا لأن تصبح مجتمعات قارئة محبة للمعرفة، محبة للكتاب».. ومن الخرافات التي ضمها الكتاب: 1- قراءة الروايات غير مفيدة للعقل ومضيعة للوقت. ويرد مؤلف الكتاب على هذه الخرافة بأن القرآن يحوي في طياته 20% من الأسلوب القصصي، وهذا يؤكد أنها الوسيلة الأعظم للتواصل وتوصيل المعلومة. 2- يجب أن أقرأ كل كلمة من الكتاب (من الجلدة إلى الجلدة). وهنا يؤكد المؤلف على كذب هذه المقولة/ الخرافة بان ليست هناك قوانين في القراءة، هي فن يتأثر بكيان القارئ وتجربته الخاصة. 3- القراءة مسبب رئيسي للجنون. لم يخفي المؤلف تعجبه من هذه المقولة قائلا: من المضحك أن يظن الناس أن الزيادة في التعلم أو المعرفة تضر، القراءة هي المنبع الوحيد الذي يسقى ولا يشبع. 4- القراءة ليس لها مردود على الجسد. يكشف المؤلف أن هذه المقولة ليس لها أي أساس قائلا: هناك كثير مما لا نراه في أثر القراءة علينا. كما أن: القراءة كلها كلمة طيبة كالشجرة الطيبة تؤتي أكلها كل حين. 5- القراءة مجرد هواية. يقول المؤلف ردا على هذه الخرافة: يا سادتي. القراءة ليست هواية. أي شيء يكون في منطقة الهوايات فهو ثانوي». 6- القارئ شخص انطوائي. يقول المؤلف: ليست القراءة هي السبب في خلق حواجز بينك وبين الحياة الاجتماعية... فنوادي القراءة تملأ العالم حولنا وهي عبارة عن مجموعة كبيرة من الأشخاص يقرأون بعضهم مع بعض وبشكل جماعي. 7- لا يوجد وقت للقراءة. يستشهد المؤلف بقول كونفوشيوس: مهما كنت تظن نفسك مشغولا، إذا لم تجد الوقت للقراءة فستكون قد سلمت نفسك للجهل والنكران». 8- هناك كتاب صالح لجميع القراء. يقول المؤلف في كتابه: بالفعل ليس هناك كتاب صالح لجميع القراء، بل هو الكتاب المناسب في الوقت المناسب. 9- التكنولوجيا ستقضي على الكتاب. يقول المؤلف: «التكنولوجيا إضافة وليست إزالة، وهي امتداد للإنسان وليست قطيعة». 10- يكفيك أن تقرأ الكتب الدينية. يؤكد المؤلف على عدم صحة هذه المقولة قائلا:أصل ديننا السمح الذي حضنا ودعانا إلى تعلم أمور دنيانا والسير في الأرض والنظر في أحوال الأمم وطلب العلم. 11- الكتاب غالي الثمن يرد المؤلف على هذه الخرافة قائلا: من يرد القراءة بصدق فسيجد عشرات السبل للوصول إلى ما يبغيه من كتب والحصول عليها». 12- هناك من يدعى بالقارئ المثالي. يقول المؤلف أن السعي وراء القارئ المثالي كالسعي وراء حجر الفلاسفة.. لن تصل أبدا إلى نتيجة في هذه المعلومة لأنها مغلوطة أساسا.