التنظيم يلجأ ل«العبوات الناسفة» بعد انهيار قدراته أمام ضربات الجيش الأمن يحبط 48 جريمة للعناصر التكفيرية ويداهم مخازن الأسلحة والطيران يدمر العتاد الثقيل ل«ميليشيات الظلام» مصادر قبلية: توافر المواد الخام لتصنيع القنابل البدائية يزيد كثافة جرائم زراعة الألغام يبدو أن تنظيم «بيت المقدس» الإرهابى، لم يعد يجد وسيلة لممارسة الإرهاب إلا العبوات الناسفة التى أصبحت مرتزقته يميلون إلى اعتمادها أكثر، مع الضربات القاصمة التى يتلقونها من قبل الجيش المصرى فى حربه ضد التكفيريين بشبه جزيرة سيناء. اللجوء إلى هذه الوسيلة الدنيئة يرجع إلى عدة أسباب، منها أن تصنيع العبوات الناسفة ليس أمرًا صعبًا بالنظر إلى وجود مواقع إلكترونية تقدم شرحًا للأمر، هذا بالإضافة إلى رخص المواد الداخلة فى تصنيع تلك العبوات، وتوافرها فى الأسواق نظرًا لأنها ذات استخدامات متعددة ومنها الأسمدة التى يصعب السيطرة على تجارتها. خلال الأشهر الأربعة الماضية تراجعت العمليات التى تعتمد على صواريخ الهاون وقذائف «آر. بى. جيه»، لمصلحة السيارات المفخخة التى يزرعها الإرهابيون فى طرق الحملات الأمنية لجنود الجيش ورجال الشرطة. وبلغ عدد الانفجارات بواسطة العبوات المفخخة خلال الثلاثة أشهر ونصف الماضية 75 تفجيرًا، بواقع 3 انفجارات كل أربعة أيام، وحصدت تلك الجرائم أرواح 42 شهيدًا وخلفت 133 مصابًا منهم أطفال ونساء فى مناطق بالشيخ زويد ورفح والعريش. وأبطلت قوات الأمن مفعول 27 عبوة بمنطقة الشيخ زويد ورفح شرق سيناء منها 11 بقرية المهدية جنوب رفح و16 بمنطقة الشيخ زويد حيث تم تفجيرها بالذخيرة الحية، كما تم تفجير سيارة تابعة لقوات حفظ السلام بمنطقة الجورة، ما أسفر عن استشهاد مدنى يعمل مع القوات وإصابة 3 مدنيين وهى الواقعة الأولى من نوعها. لوثة عقلية وقال مصدر أمنى إن زيادة اعتماد تنظيم بيت المقدس على العبوات الناسفة ترجع إلى أن التنظيم أصيب بالجنون بعدما ازدادت كثافة الضربات الجوية لمعاقله، فأصبح يلجأ إلى العمليات الدنيئة على نحو زراعة عبوة ناسفة فى طريق الجنود، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة والشرطة توجهان ضربات موجعة إلى ميليشيات التنظيم. وأشار إلى أن مراجعة أماكن زرع العبوات تكشف عن أنها تستهدف على نحو خاص عرقلة قوات الأمن عن التقدم ناحية المناطق التى يقع بها عناصر الإرهاب مثل قرية التومة جنوب الشيخ زويد التى تحاط بمئات العبوات الناسفة، لعرقلة القوات من مداهمة المنطقة، وقد تعرض كثير من المواطنين إلى الإصابة والموت. وقالت المصادر: يصعب معرفة العدد الدقيق للعبوات الناسفة التى يمتلكها تنظيم بيت المقدس لأنها عملية تصنيع يدوية تحدث يوميًا حسب احتياجهم، وهناك وفرة فى المواد التى تصنع منها العبوات، ويلجأ الإرهابيون إلى هذا النوع من الأسلحة لأنه يتسبب فى خسائر بالقوى الأمنية أكثر من أى سلاح آخر ولا يحتاج إلى مواجهة مباشرة، وقد نتج عن ذلك خسائر كبيرة وسط المدنيين خاصة بمدن العريش والشيخ زويد ورفح. وأضافت: «لم يعد تصنيع عبوة ناسفة بدائية بالأمر الصعب بل يمكن لأى شخص صناعتها من خلال تصفحه شبكة الإنترنت حيث توجد أفلام فيديو لكيفية صناعة المتفجرات ودروس تفصيلية لطرق التصنيع وبعض المواقع تحتوى على صناعة العبوات الناسفة بوسائل بسيطة ومواد سهلة المنال». وأكد مصدر أمنى أن العبوات الناسفة التى تم استخدامها فى شمال سيناء تمت صناعتها من نوعيات من الأسمدة الزراعية التى تتكون من مواد النترات والأمونيا، كما أن الإرهابيين استحدثوا طريقة جديدة يتم وضع نشارة الخشب وخلطها مع مواد كيماوية خاصة بالاشتعال ووضع قطع من الحديد والمسامير داخل العبوة، وبذلك تكتمل المواد المتفجرة التى تحدث خسائر كبيرة فى الأفراد أثناء انشطارها عقب الانفجار، مشيرا إلى أن المواد التى يتم استخدامها فى تصنيع العبوات رخيصة جدا ما يجعلها من وسائل الإرهاب السهلة. وأضاف المصدر أن تفجير العبوات الناسفة يتم بعدة طرق إما توصيلها بواسطة تليفون محمول، أو بواسطة خيط شفاف تصعب رؤيته ويتم ذلك عبر تمديده إلى العبوة الناسفة بسنارة وفى الطرف الآخر يتم تثبيته، وأثناء مرور السيارة تتعرقل بالخيط ويحدث الانفجار. وتتمثل الطريقة الثانية فى وصل سلك طويل بالعبوة الناسفة يمسك بها من يقوم بعملية التفجير، وأثناء مرور الآليات يشد الخيط ليحدث الانفجار، وهناك طريقة مرتبطة بمؤقت الغسالات الأوتوماتيكية بحيث يحدث الانفجار فى توقيت معين يحدده الشخص وهذه طريقة شائعة فى العمليات التى تستهدف منشآت. التنظيم يخسر أسلحته وأكدت مصادر قبلية بشمال سيناء أن التنظيم الإرهابى خسر معظم أسلحته التى كان يمتلكها مع بداية الحرب على الإرهاب منذ ثلاثة أعوام حيث كان يمتلك صواريخ الكورنيت روسية الصنع ذات القدرة الفائقة على استهداف واختراق الدبابات والمصفحات وكذلك قاذفات ال«آر. بى. جيه» المضادة للدروع، الأمر الذى كان يمكنه من استهداف الآليات والمنشآت ويعمل بشكل فعال للهجوم والدفاع ضد الأهداف. وقالت: فى بداية الحرب على الإرهاب تعمد التنظيم مهاجمة الأكمنة الأمنية بمناطق الشيخ زويد ورفح، كما كان يمتلك قذائف «الهاون» وهو سلاح بسيط مؤلف من قصبة معدنية مثبتة على الأرض تطلق قنابل فى مسار منحدر فقط بقذيفة صغيرة فى معظم الأحيان، وهى سهلة الصنع ورغم ذلك يصل مداها إلى عدة كيلومترات. واستخدمت عناصر بيت المقدس قذيفة خفيفة لسهولة حملها وإخفائها الأمر الذى جعل إطلاق الهاون على معسكرات لقوات الأمن بالعريش والشيخ زويد ورفح عملية سهلة، حتى كثفت القوات المسلحة الضربات الجوية من الطائرات دون طيار والإف 16 والتى استهدفت مخازن الأسلحة والذخيرة للتنظيم الإرهابى فى العام الأخير. وأوضحت المصادر أن فلول الإرهاب فقدوا معظم عناصرهم خاصة القيادات الأرهابية والأسلحة الثقيلة، ولم يتبق سوى السلاح الآلى والرشاشات، وهو يحارب بالعبوات الناسفة فى استهداف الآليات العسكرية لكنها عمليات فردية لبعض العناصر بمناطق العريش والشيخ زويد. ويعتمد التنظيم على تصنيع العبوات الناسفة وزراعتها فى طريق الحملات الأمنية من خلال عناصر إرهابية مدربة، وهى عناصر اكتسبت الخبرة فى تصنيع العبوات من خلال تواجدها فى سوريا، قبل أن تصل إلى سيناء، ومعظمهم من الأجانب المرتزقة الذين يستقطبون الشباب البدوى بخطاب دينى مكذوب. وقال مصدر محلى إن صناعة العبوات الناسفة ليست صعبة حيث إن مكوناتها متوافرة وموجودة فى كل مكان، ومنها من السماد الزراعى والذى يتدفق إلى المنطقة دون تنظيم أو مراقبة، والصواعق لها استخدامات تجارية مما يعنى أن دخولها إلى المنطقة يظل سهلًا نسبيًا وكل أدوات العبوة الناسفة فى متناول اليد وليست محظورة. ويشترى الإرهابيون المواد الداخلة فى تصنيع العبوات وكذلك أسطوانات الغاز الصغيرة والكبيرة لاستخدامها كعبوة ناسفة ويتم أيضا حشوها بالمتفجرات مثل نترات الأمونيوم واليوريا والمسامير وقطع الحديد مع مزجها بمواد كيميائية، وقد تمكن التنظيم فى الفترات الماضية من تشوين كميات كبيرة من السماد الذى يستخدم فى تصنيع العبوات الناسفة بمناطق جنوب مدينتى العريش والشيخ زويد. وأضاف المصدر أن تحضير متفجرات العبوات الناسفة ليس بالصعب حيث إن الطريقة متوفرة بشبكة الإنترنت، كما أن التنظيم الإرهابى بسيناء يمتلك عناصر ذوى خبرة فى هذا المجال خاصة العناصر التكفيرية القادمة من قطاع غزة إلى شمال سيناء عبر الأنفاق. أحد الرموز القبلية طلب عدم الكشف عن هويته أكد أن تنظيم بيت المقدس الإرهابى ركز على استخدام العبوات الناسفة كسلاح أخير لاستهداف مدرعات الأمن فى أنحاء العريش ورفح والشيخ زويد، ورغم استهلاك التنظيم عددًا كبيرًا من تلك العبوات خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلا أن ذلك السلاح ما زال مستخدمًا، وذلك لسهولة التصنيع، حيث إن ذلك السلاح لم ينضب بعد، رغم الكميات الكبيرة المضبوطة والتضييق الأمني على جميع منافذ سيناء. وبالاطلاع على نوعيات تلك العبوات كانت جميعها صناعة محلية، وإن تعددت وسائل تفجيرها تارة باستخدام الأسلاك المباشرة أو استخدام الشراك الخداعية باستخدام خيوط السنارة أو استخدام أجهزة التحكم عن بعد. وأضاف المصدر: «اختلفت أحجام تلك العبوات واستخدمت العناصر الإرهابية البراميل والجراكن البلاستيك أو القوالب الحديدية من فوارغ أنابيب الغاز وأشباهها.. وغالبًا ما يتم استخدام مواد متفجرة من مادة «تى. إن. تى» والبارود، وأحيانا تضاف إليهما مواد كيميائية كالأسمدة وأخرى مثل نشارة الخشب والقطع المعدنية والمسامير لإحداث خسائر فى دائرة أوسع. وأوضح المصدر أنه من خلال تقصى سبل الحصول على المواد المتفجرة لصناعة العبوات اعتمد التنظيم على استخلاص المواد المتفجرة من الألغام والدانات من مخلفات الحروب السابقة بوسط سيناء أو شرائها من سماسرة تخصصوا فى هذا النشاط ليكون عند التنظيم مخزون هائل من الصعب تقدير حجمه. وأكد أنه توجد فى سيناء كميات كبيرة من العبوات وتضاف لذلك الخبرات فى تصنيعها التى نقلها الهاربون عبر الأنفاق من قطاع غزة خشية ملاحقة حماس لهم وينتمون لتنظيمات تكفيرية فى القطاع، وأخذوا يدربون العناصر المحلية على صناعتها ونشروا ذلك فى مناطق متفرقة بحيث تكون بؤر تصنيع متفرقة بحيث تصعب مهمة الأمن من الوصول إليها. عملية زرع الألغام وكشف مصدر بدوى خبير عن أن الإرهابيين فى شمال سيناء لم يقتصروا على استخدام المواد المتفجرة المعروفة مثل ال«تى. إن. تي» شديدة الانفجار والتى يتم الحصول عليها بصعوبة، بل إن هناك مواد كيماوية متوفرة فى الأسواق يضاف إليها البارود الذى يستخدم فى تصنيع الصواريخ الخاصة بلعب الأطفال ليتم تصنيع مادة شديدة الانفجار بواسطتها. ورغم أن مادة حمض النيتريك ومشتقاته من المواد المحظور بيعها إلا أن البعض يستطيع الحصول عليها، وبإضافتها إلى البنزين بكميات معينة تنتج مادة شديدة الانفجار. كما أن الألغام الموجودة فى صحراء سيناء نتيجة الحروب القديمة تحتوى على كميات كبيرة من مادة T.N.T، وهناك بعض المهربين الذين يستطيعون استخراج هذه الألغام وبوضعها فى الماء الساخن، يمكنهم استخراج المادة المتفجرة من داخلها ومن ثم يبيعونها للعناصر الإجرامية. وأضاف أن الأسمدة الزراعية التى بها حمض النيتريك يمكن استخدامها فى تصنيع المتفجرات، وهذه الأسمدة من الصعب فرض رقابة عليها بالأسواق وقد تمكنت قوات الأمن من ضبط كميات كبيرة من هذه الأسمدة كانت معدة لتهريبها إلى عناصر تنظيم بيت المقدس لتصنيع العبوات الناسفة. وأكد أن مواجهة العمليات الإرهابية بالعبوات الناسفة تحتاج إلى منع إمداد التنظيم الإرهابى وتجفيف منابعه وفرض الرقابة المشددة على معديات قناة السويس والأنفاق بين مصر وقطاع غزة والحدود مع إسرائيل وفرض رقابة على السلع التى تدخل فى صناعة العبوات الناسفة. وقال إن المشكلة الرئيسية أمام مواجهة هذا النوع من الأعمال الإرهابية تكمن فى أن الأجهزة الأمنية تفتقد إلى المعلومات حول العناصر التى تقوم بزراعة العبوات الناسفة وطريقة زرعها، الأمر الذى يتطلب ضرورة تخصيص برامج لتثقيف المواطن على كيفية التعامل مع العبوات الناسفة خاصة من يعملون بالشارع مثل عمال النظافة والكهرباء. وشدد على أن هذا الأمر سيساعد كثيرًا على كشف العبوات قبل انفجارها بالإضافة إلى زيادة الكفاءة الأمنية لدى رجال الأمن بشمال سيناء حيث إنهم يجهلون كيفية التعامل مع تلك العبوات وعدم تفاديها، ولذلك يجب على كل من يتم ندبه للعمل فى شمال سيناء من رجال الأمن أن يكون حاصلًا على دورة تدريبية متخصصة. وأضاف المصدر أن دور المواطن فى الإبلاغ عن العبوات الناسفة والعناصر الإرهابية التى تقوم بزراعتها أمر مهم جدًا، ويساهم بنسبة كبيرة فى الحد من هذا السلاح، بالإضافة إلى وضع كاميرات تساعد على كشف من يقوم بزراعة العبوات، خاصة بالمناطق التى يتكرر بها الاستهداف، ويجب وضع أرقام هواتف يقوم المواطن بالاتصال بها للإبلاغ عن أى معلومة كما ينبغى التنبيه على الأهالى بعدم رمى القمامة فى أى مكان، ولكن عليهم وضعها بمكان يتم تحديده بعناية من قبل مجالس المدن. الدكتور مصطفى آدم، استشارى الجراحة بمستشفى العريش العام، أكد أن الإصابات الناتجة عن انفجار العبوات الناسفة التى تصل إلى مستشفى العريش أقوى بكثير من إصابات إطلاق النيران، حيث إن انشطار الشظايا فى جسم الإنسان يؤدى إلى أضرار كبيرة كثيرًا ما تؤدى إلى الوفاة إذا ما أصابت الرأس أو العنق أو الصدر، فنسبة الوفاة لا تقل فى المعتاد عن 70٪. وأضاف أنه بالإضافة إلى الوفاة فإن تلك العبوات تؤدى إلى عاهات مستديمة وتؤدى إلى بتر الأطراف ودخول الشظايا إلى الجسم ما يؤدى إلى حالات النزيف الداخلى المميتة ما لم يتخذ الإجراء الطبى السريع والفعال لوقفها. وأضاف آدم: إن زيادة عدد التفجيرات فى الفترة الأخيرة بمدينة العريش أدت إلى إصابات عديدة للمواطنين بسبب تطاير الشظايا فى كل مكان وإصابة المواطن الذى يتصادف وجوده فى مكان الانفجار. مشيرًا إلى أن عددًا من المواطنين وصلوا إلى المستشفى قتلى، وهناك من يلفظ أنفاسه قبل دخول غرفة العمليات، ومنهم من يموت تحت أيدينا ونحن فى غرفة العمليات نتيجة تعرضه لأكثر من شظية فى الجسم. وأفاد استشارى الجراحة بمستشفى العريش العام بأن المستشفى يحتاج إلى نواب جراحة من الشباب متواجدين باستمرار بقسم الطوارئ لاستقبال الحالات التى تتعرض إلى الانفجارات وإطلاق النيران دون انتظار للاستشارى الذى غالبًا لا يكون موجوداً بالمستشفى ويتم استدعاؤه وتعتبر سيناء منطقة حرب وتحتاج إلى مستشفى طوارئ على أعلى مستوى لإنقاذ الحالات الحرجة التى تصل إلى المستشفى. وأكد الدكتور محمود عامر، مدير مرفق إسعاف شمال سيناء، أن سيارات الإسعاف تعمل فى جو غاية فى الصعوبة وقد تتعرض سيارة الإسعاف وبها المسعف والسائق إلى انفجار عبوة ناسفة تكون مزروعة بالطريق، وقد تعرض السائقون إلى التهديد مرات عديدة من قبل عناصر مسلحة حتى لا يقوموا بنقل الجنود من مكان الانفجارات.