أثار العرض المسرحى «يارب» الذى يعرض حاليا على المسرح الوطنى ببغداد حالة من الجدل، لما يحمله من جرأة واضحة فى الخروج عن المألوف شكلا ومضمونا، فنحن إزاء نص مسرحى خاص للكاتب على عبدالنبى الزيدى الذى يحمل عذابات الشكوى لله الواحد الأحد، للخلاص من آفة الموت والقتل التى تلاحق الحياة بسرعة فائقة الخطورة. المسرحية تجربة جديدة للمخرج الشاب مصطفى ستار بطولة الفنان فلاح إبراهيم والفنانة سها سالم وزمن الربيعى.. «البوابة» التقت بطل العرض فلاح إبراهيم، وكان لنا معه هذا الحوار. ■ لنبدأ بتعريف للمشاهد المصرى بك؟ - أنا «فلاح إبراهيم» ممثل وعندى تجارب فى الإخراج والسينوغرافيا فى المسرح، ممثل سينمائى وتليفزيونى، بدأت التمثيل عام 1977 كهاو، واحترفت سنة 1985، عملت فى المسرح 75 عملا كممثل بجانب 8 أعمال كمخرج و20 عملا سنوغرافيا. فى السينما شاركت فى 3 أفلام عالمية، منها فيلم بريطانى بعنوان «معركة حديثة»، وإيطالى «زهور كركوك»، والأفلام كلها تتحدث عن العراق، كما شاركت فى بطولة 3 مسرحيات عالمية من المسرح الإنجليزى، وقدمت هذه الأعمال على مسرح «الأولد فك» فى لندن، منها مسرحية «حكاية جندى»، و«ألف ليلة وليلة»، وقدمت فى مسارح أدنبره وتورينتو وشيكاغو. عملت فى الكثير من الأعمال الدرامية العراقية فى التليفزيون والإذاعة بحدود 60 مسلسلا، بالإضافة إلى العمل فى السينما العراقية عدة أفلام مثل: «رغبة تحت شجر الدردار، الغوريلا، قلب الحدث، دعوة بريئة للحياة». ■ ألم تخش من انتهاك المقدس أو التابو الدينى بشكل عام فى النص خصوصا تجسيد شخصية النبى «موسى»؟ - حسب رأيى فى الفن عامة، وفى المسرح بالذات، لا مقدس إلا ما نقدمه، الفن أكثر قدسية من كل الأشياء عندما يكون حقيقيا وصادقا وصادما.. ليس فى الفن إلحاد ولا تطرف.. وهنا أقصد الفن الراقى والعلمى والإنسانى.. عندما يخرج الفن والفنان من حدوده الضيقة يصبح صادقا ويناقش كل ما يحيط به بوعى ومحبة وإنسانية.. الله هو الحب أما رجال الله وعلى مدى العصور هم من يكفر ويحرم. ■ من اختارك للدور المخرج مصطفى ستار الركابى أم المؤلف على عبدالنبى الزيدى؟ - المخرج مصطفى الركابى هو من اختارنى لتجسيد الشخصية، وهو مخرج شاب مسرحى من جنوبالعراق، وجاء إلى بغداد لتقديم هذا العرض، ووافقت على التمثيل بعد أن قدم لى رؤيه رائعة وتصورا جميلا للعرض. ■ كيف استعددت لاستحضار دورك فى المسرحية؟ - عملت بصعوبة لتقديم هذه الشخصية وبهذه الطريقة التى تتطلب جهدا كبيرا من الممثل عندما يكون حياديا أمام هذه الكم الهائل من الألم. ■ إلى أى مدى تماست مسرحية «يا رب» مع التجارب الصوفية؟ - «يا رب» مسرحية تحاكى الألم العراقى ليس فيها تصوف، وإنما فيها حالة عشق إلهى ممزوج بالعتب والرجاء. ■ ألم تخش من ردة فعل الجمهور، خاصة فى منطقة ملتهبة من العالم، ألا وهى العراق؟ - أكيد كان هناك خشية من العقول التى تحاول أن تكون وصية على علاقتنا بالله سبحانه، وهم وعلى مدى العصور يخشون على سلطتهم وليس على الله. ■ كيف استقبل الجمهور عرض «يا رب»؟ - استقبال الجمهور حقيقة أسعدنى وفاجأنى.. وأقصد هنا الاستقبال الواعى، البعيد عن العاطفة التى يحملها النص.. فحقيقة العمل تقول إن الله غير مسئول عن قتلنا لبعضنا.. فى أحد الحوارات نقول هناك مدن تعيش بسلام وعمرها لم تقل الله أكبر.. الله يصنع الجمال، والقبح هو ما نصنعه، لكننا نشكو لله حالنا، وهو غضب من سياسيى العراق الذين حطموا حياتنا باسم الله والدين. ■ ألمح عرض «يا رب» إلى عجز المعجزات والأنبياء عن وقف القتل والخراب، فهل الأديان سبب شقاء الإنسان؟ - الأديان شىء عظيم، لكن المشكلة تكمن دائما فى رجال الدين المتطرفين ومن كل الأديان، هم دعاة القتل والتكفير والتحريم. ■ ما أصعب مشاهد العمل بالنسبة لك؟ - الشخصية كلها صعبة الأداء لحياديتها وعجزها.. وهذه الطريقة بالأداء مرهقة تتعب جدا، فأنا أحترق، ولا يمكن لى أن أعبر عن هذا الاحتراق. ■ إلى أى مدى تأثرت الحركة المسرحية فى العراق بالتقلبات السياسية منذ بداية الألفية الثانية؟ - من المؤكد أن الحركة المسرحية تتأثر بالواقع الجديد للعراق، لأنه أفرز مشاكل كبيرة وكثيرة، والفن الصادق هو نتاج الفعل الإنسانى لأى مجتمع. ■ كيف ألقت الحرب ظلالها على المشهد الثقافى وخاصة الفنى فى العراقى؟ - الحرب تسكن المسرح العراقى، لأنها فى الحقيقة هى هاجس رافق العراقيين ولمدة 50 سنة تنوعت الحروب علينا، وأنتجت كما هائلا من الألم واليأس والتحدى. ■ استهل «كنعان مكية» روايته «الفتنة» باعتذار إلى الشعب العراقى عن دعوته للمجتمع الغربى لاحتلال العراق 2003، كيف ترى الأمر؟ وهل اعتذاره قد يجد صدى لدى العراقيين؟ - لا أحد مسئولا عما حدث للعراقيين غير العراقيين.. ما يحدث فى أى بلد هو نتاج تحرك هذا الشعب، وللأسف الحروب أنتجت أفكارا وأخلاقا بعيدة عن روح العراقى الأصيل، وهى نتيجة طبيعية عندما يسود أى مجتمع ديكتاتور، وتأتى بعده شلة من المنافقين والسارقين اللصوص، وتتدخل كل مخابرات العالم فى صنع قراره خدمة لمصالحها. ■ حدثنا عن المشهد المسرحى الحالى فى العراق، وهل تواكبه حركة نقدية مناسبة؟ - النقد فى العراق يسير فى مسارين لا يلتقيان بحكم الوعى والتطور.. فلا يزال هناك نقاد انطباعيون يرون النتاج الفنى بعين التلقى الساذج المحكوم بالمسطرة النقدية، وهناك مسار واع يحلل ويعكس واقعا نفسيا وفنيا واجتماعيا مع المنجز، وفق فهم فلسفى علمى.. وبالنتيجة هناك صراع نقدى حداثى وتقليدى.