عزيزي القارئ ما انت بصدد قراءته ليس مقالًا نقديًا لعمل فني ولا قراءة فنية لعمل مسرحي، ما انت بصدده الآن بمثابة رسالة استغاثة أو صافرة انذار موجهة للسيد رئيس الجمهورية والسادة المسئولين في مصرنا العزيزة. فمن داخل مسرح الطليعة يقدم خمسة مليون مواطن من الصم والبكم رسالة إلى السادة المسئولين،بكل الحب والمودة كي يضعوهم في عين الاعتبار كمواطنين درجة أولى كاملين الأهلية، عن طريق مجموعة من الممثلين من ذوي الاحتياجات الخاصة من الصم والبكم، بالاشتراك مع خمسة من شباب المسرح، قاموا بنثر اريج عطرهم الصامت في عرض "العطر" المسرحي الذي يقدمه مسرح الطليعة. ومن خلال عرض "العطر" يتعرض صُناع المسرحية لحالة التهميش المجتمعي التي يعاني منها أخوتنا من الصم والبكم، ملقين الضوء على بعض المشاكل التي يعاني منها هؤلاء الأخوة في صعوبة التواصل مع أفراد المجتمع الذين لم يحرموا من نعمة السمع والحديث، إلى جانب عدم تمكنهم من الحصول على كامل حقوقهم كمواطنين طبيعيين لم يمنع عنهم الله نعمة الطموح والسعي لتحقيق أحلامهم. قدم العرض المشكلة الإنسانية في قالب فني بسيط من خلال صورة مسرحية جمعت بين خمسة من الشباب المسرحيين عن طريق الصدفة بمجموعة من الممثلين المحرومين من نعمة السمع والحديث، فيقرر الفريقان أن يندمجا سويا ليقدما عمل مسرحي واحد يجمع بين الممثلين الشباب والصم والبكم ليتم من خلاله عرض المشاكل التي يعانى منها هؤلاء الصم، والتي تتبلور جميعها في عدم التوعية بكيفية التعامل والتواصل مع الصم من خلال لغة الإشارة التي يجهلها معظم الشعب المصري، إلى جانب إهمال الدولة في استغلال هذه الطاقة البشرية عن طريق تنمية قدراتهم ومهارتهم العقلية والعملية بتوفير أدوات التثقيف والتعليم التي تتناسب مع احتياجاتهم الخاصة، لينتهي العرض المسرحي بعرض احلام وطموحات الصم والبكم التي أثبتت أن حرمانهم من نعمة الحديث والاستماع لم يحرمهم من نعمة التفكير والطموح والسعي لتحقيق احلامهم في العيش دون الشعور بالنقصان. لذا وجب التنويه عن هذا العرض ليس باعتباره عرضًا مسرحيًا يستحق الكتابة النقدية أكثر منه أمسية مسرحية لحالات إنسانية،على السادة المسئولين النظر اليها بعين الاعتبار لتوفير احتياجات هؤلاء الصم والبكم والعمل على تفعيل قدراتهم البشرية واستغلالها داخل المجتمع من خلال توفير الخدمات المختلفة التي تتناسب مع احتياجات هؤلاء المعاقين من تعليم وثقافة وتنمية المهارات إلى جانب توفير قنوات تليفزيونية وصحف وكتب ومسارح وأعمال فنية تتناسب مع حالاتهم الخاصة. خاصة أن الدستور المصري في العديد من مواده مثال المواد "76،77،78" ينص على توفير حق التأهيل للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال توفير الخدمات الاجتماعية والنفسية والتعليمية والتثقيفية والمهنية، إلى جانب المواد الاخرى التي تخص المقومات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تضمن حق التعليم والثقافة والعمل لكل المواطنين بمن فيهم ذوي الاحتياجات الخاصة. سيادة الرئيس هل يعقل أن نهدر الدستور ونهدر الكرامة الإنسانية ونترك هذه الطاقة البشرية عُرضة لليأس والتهميش والجهل والتعتيم؟! سيادة الرئيس هل نستطيع تعتيق عطر الصم والبكم والاستفادة منه أم نتركهم ليتحول عطرهم إلى عَطن الغضب والنقمة على الوطن؟! سيادة الرئيس عرض "العطر" عبارة عن حجر يلقيه صناع العمل في بحيرة، احتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة، الراكدة، أكثر منه عرضًا مسرحيًا سينتهي بنهاية عرضه. سيادة الرئيس عرض "العطر" باللغة المسرحية هو عرض يقدم العقدة الدرامية دون أن يقدم الحل لها، فحلها في يدكم ويد من كُتب لهم صُنع القرار. فهل من حل للعقدة الدرامية الإنسانية لذوي الاحتياجات الخاصة؟! "العطر" بطولة هاني سراج، محمد غريب، نورا نور، نورا القاضي، لقاء الصيرفي، أحمد عبد النبي، آية زناتي، سيف صلاح الدين، أحمد جمال الخطيب، صفوت حسن، مادونا جمال،قمر عادل،عمر اتش. فكرة وإخراج محمد علام.