اعتبر كثيرون قبل سنوات قليلة أن التجارة الإلكترونية ومواقع التسوق عبر الإنترنت تمثل مستقبل تجارة التجزئة، لدرجة أنها شكلت خطرًا على المتاجر التقليدية، لكن في الآونة الأخيرة اتجهت شركات نشأت ونمت في الإنترنت إلى افتتاح متاجر عادية. بتسارع تطورات التقنية، تسارعت الحياة وأصبح المجتمع لا يرضى بأقل من خدمة إلكترونية متكاملة، يستطيع من خلالها شراء احتياجاته ودفع قيمتها بطريقة إلكترونية، ومن ثم يتسلمها أمام باب منزله. فعلى الرغم من المتعة التي قد يشعر بها البعض أثناء ذهابهم للتسوق بين المحال في الأسواق التجارية، إلا أن ما يقارب 46% من السعوديين يفضلون التسوق عبر الإنترنت؛ الأمر الذي دفع بتوقعات العديد من الاقتصاديين بنمو مضاعف في التجارة الإلكترونية، لتحقق على شبكة الإنترنت 50 مليار ريال سعودي نهاية العام الجاري. وبالرَّغم من أن التجارةَ الإلكترونيةَ صناعةٌ ناشئة في السعودية، فإنها بحسَب دراسات اقتصاديةٍ تشهد سنويًا نموًا كبيرًا، إذ بلغَ مقدارُ التعاملاتِ في التجارة الإلكترونية مليارًا ومئة مليونِ ريال سعودي شهريًا. ومن المتوقع أن تبلغَ قيمةُ مبيعاتِ التجارةِ الإلكترونية، على شبكة الإنترنت في المملكة خمسينَ مليارَ ريالٍ سعوديٍ سنويًا معَ نهاية السنة الجارية، لتصبحَ المملكةُ من أكثر الدول نشاطًا في مجال المدفوعات الإلكترونية. ويعزو خبراء اقتصاد سعوديون ذلك النمو الكبير إلى توفر طرقِ الدفع المناسبة وتحسن وسائل الشحن، والتغير الكبير في ثقافة التجارة الإلكترونية لدى المجتمعِ السعودي في السنوات الأخيرة بسبب الشبكات الاجتماعية، فضلًا عن انتشار الهواتفِ الذكيةِ التي أصبحتْ مؤخرًا إحدى القنواتِ الفعالة في إجراءِ كثيرٍ من الأعمال الشرائية. وتشير الدراساتُ إلى أن أكثرَ من خمسةَ عشر مليون شخصٍ في السعودية يستخدمون الإنترنت، وأن قُرابةَ خمسةِ ملايينَ منهم يُجرون معاملاتٍ عبرَ الإنترنت. ويتوقعُ الخبراءُ أن تشهدَ السعودية تزايدًا في المعاملات الإلكترونية بسبب تدني اختراق البطاقاتِ الائتمانية، وباقاتِ اشتراك الإنترنت المحفزةِ للعملاء، لتصبحَ أولى دولِ المِنطقة من حيث معاملات التجارة الإلكترونية تحديًا. وليس ببعيد عن السعودية، باتت الإمارات تتبوأ المرتبة الأولى بوصفها أكبر سوق للتجارة الإلكترونية بين دول مجلس التعاون الخليجي، بحسب إحصائية حديثة لغرفة تجارة وصناعة دبي، إذ وصلت سوق التجارة الإلكترونية في الإمارات إلى 5.1 مليارات دولار مع نهاية عام 2015. وأكدت دراسة حديثة ل"ماستر كارد" نشرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي أن هناك نموًا متزايدًا لأسواق التجارة عبر الإنترنت في دولة الإمارات، ومن المتوقع أن تصل إلى 10 مليارات درهم في 2018. وذكر التقرير أن مصرفيين بدولة الإمارات طالبوا الجهات الرسمية بتبني نظام يتمتع بالسوية العالية لإدارة المعلومات، لمواكبة النمو المتسارع بالعمليات المصرفية عبر الجوال. وقال تقرير صادر نهاية شهر يناير/كانون الثاني عن مؤسسة آرنست يونغ: "إن 81% من العملاء في الإمارات قالوا إنهم مستعدون لتغيير بنكهم للحصول على تجربة رقمية أفضل، فيما أكد 60% أنهم مستعدون لترك بنكهم والتحول لآخر يتعامل رقميًا فقط". وأوضح التقرير أنه على الرغم من أهمية تلك الخدمات والسهولة التي توفرها، فإن 34% فقط من العملاء في دول الخليج العربي يستخدمون الخدمات المصرفية عبر الجوال، كما أن 55% منهم غير راضين عن مستوى الخدمة المقدم حاليًا، وذلك يعود على وجه الخصوص إلى قلة توافر المعلومات الفورية وغياب السرعة عند إجراء العمليات المصرفية.