قال محمد فايق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن التزامن في صدور التقرير السنوي الحادي عشر للمجلس القومي لحقوق الإنسان مع حالة الترقب العام لنهوض مجلس النواب بدوره في تلبية العشرات من الاستحقاقات التشريعية التي فرضها الدستور الجديد، وذلك في وقت تتزاحم فيه الأولويات مع جملة من التحديات الرئيسية، وفي مقدمتها الإرهاب واضطراب الوضع الإقليمي والضغوط الأجنبية، وتتعلق الأنظار بجهود الدولة على صعيد التنمية الاقتصادية – الاجتماعية التي تنال الاهتمام الرئيسي في أجندة العمل الوطني، يبقى السؤال الرئيسي حول مدى قدرة الدولة حكومة وبرلمانًا في التوصل لأقصى قدر ممكن ومراعاة التوازن الدقيق بين اعتبارات الأمن وبين احترام وحماية حقوق الإنسان والحريات العامة وأشار فايق خلال كلمته بمؤتمر المجلس للإعلان عن تقرير حالة حقوق الإنسان في مصر خلال فترة تشكيله والتي تنتهى في أغسطس القادم إلى أن مصر تواجه تحديات، وفي مقدمتها تداعيات استمرار ظاهرة الإرهاب وتداعيات مكافحته وتداعيات الفوضى الاقليمية وانخراط مواطنيين مصريين في المنظمات الإرهابية الناشطة في بعض البلدان العربية أو تعرض عاملين مصريين في بعض البلدان العربية للقتل أو الطرد، واستفحال عمليات التهريب وجرائم الإتجار بالبشر والهجرة غير النظامية. وأوضح رئيس المجلس أن على رغم جهود الدولة لدفع التنمية وتطوير قوانين الاستثمار وإطلاق عدد من المشروعات التنمويه العملاقة في مجالات النقل والمواصلات والمشروعات اللوجيستية والزراعية والصناعية والتغذية وتحقيق إنجازات ملموسة في بعض هذه المشروعات مثل مشروع قناة السويس الجديدة، وأكتشاف احتياطات غير مسبوقة من الغاز، والبدء في مشروع تطوير منطقة حرة شرق قناة السويس، واستصلاح الأراضى، وفروع توليد الكهرباء من محطة الضبعة. فقد استمرت الدولة تواجه تحديات عميقة في مجال النهوض بالتنمية في ضوء تهالك البنية التحتية، وترهل الجهاز البيروقراطي للدولة، وزيادة البطالة، وتضخم الدين العام المحلى والدولى، وتدهور قيمة العمله الوطنية. وأكد على تعرض مصر لأول مرة لتحد غير مسبوق، بتداعيات بناء إثيوبيا لسد النهضة دون مراعاة لآثاره على حصة مصر من مياه النيل، فضلا عن عدم اطمئنانها لسلامة منشآت السد وتباطؤها المتعمد في التفاوض، مؤكدا على ضرورة التفاعل مع السياق الدولى بعتبارة مهام جديدة على عاتق الدولة تحمل العديد من الفرص والمسئوليات من خلال خطة التنمية الدولية 2030 التي حلت محل أهداف الالفية التي انتهت 2015. وتضمنت 17 هدفًا للتنمية المستدامة أيدها قادة العالم في سبتمبر 2015 بالقمة العالمية التي عقدت لتحقيق هذا الهدف، ووفرت إطارًا جديدًا لتنمية للسنوات الخمس عشرة المقبلة، تتصل جميعها بقضايا تهم الدولة وأهدافها مثل القضاء على الفقر والجوع وتوفير الأمن الغذائى والتعليم الجيد والصحة وتعزيز النمو الاقتصادى للفرد وتوفر عملًا لائقًا للجميع، كما وفرت 169 مؤشرًا دقيقًا لتحسين متابعة تنفيذها. وعلى صعيد تحدي التوازن بين مقتضيات الأمن وحقوق الإنسان، فإن المشكلة تبرز في التعامل مع كليهما باعتبارها نقيضًا للآخر بدلًا من الفلسفة الصحيحة، فالدولة القوية الحامية للأمن تمثل الركن الأساس في توافر حقوق الإنسان والتمتع بها وضمان تعزيزها وحمايتها وتطورها، ولا أمن ناجح ومستدام بغير حقوق الإنسان، والأمن هو عملية مجتمعية تشاركية لا تتحقق بغير مساندة المجتمع للمؤسسات الأمنية، فلا مؤسسة أمنية قادرة على النهوض بمسئولياتها بغير مساندة المجتمع. وأشار فايق إلى أن التقرير السنوي الحادي عشر للمجلس يتضمن تطورات حالة حقوق الإنسان في البلاد من خلال فصل يتناول تفاصيل هذه الحالة في التشريع والممارسات المتعلقة بالحقوق الأساسية والحريات العامة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ويعكس الفصل الثاني جهود المجلس في مجال تلقى الشكاوى ومعالجتها وتحليل الحالة وسماتها، كما يعكس الفصلين الثالث والرابع جهود المجلس في مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان والتعاون على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية والكثير من الجهود التي بذلها المجلس للتفاعل إيجابًا مع القضايا المطروحة، ثم الخاتمة والتوصيات والتي تتناول تقييمًا ذاتيًا لجهود المجلس وتوصيات ذات طبيعة عملية في المجالات المتنوعة التي يُقدر المجلس تبنيها بالصورة الملائمة مما سيسهم بمقدار هائل في معالجة الاختلالات القائمة. وتابع: لا يفوتني في ختام هذا التقديم إلا إن أعبر عن الحزن العميق لفقدان المجلس لقامة كبيرة في وزن الراحل الدكتور "بطرس بطرس غالي" الرئيس الشرفي للمجلس والرئيس السابق الذي أدار دفة هذه المؤسسة وفق بوصلة صحيحة ونظرة ثاقبة منذ تأسيسه وحتى خريف العام 2012، وبرحيله فقد المجلس أبًا روحيًا ومرشدًا ملهمًا وإسهامًا بلا حدود في دفع مسيرة الوطن وتعزيز حقوق الإنسان في مختلف المحافل الدولية مذكرًا بأن الدكتور بطرس غالي ظل مخلصًا لوطنه والأمة العربية والأفريقية حتى وافته المنية.