السلطان سنجر السلجوقي؛ هو السلطان السادس في السلالة السلجوقية واسمه أبو الحارث سنجر بن ملكشاه بن ألب ارسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق واسم سنجر يلفظ في لسان الترك صنجر ومعناه يطعن وأمه هي كانت جارية مملوكة واسمها تاج الدين خاتون السفرية جارية السلطان ملكشاه بن ألب ارسلان. اختلفوا في سنة ولادته، فقد ذكر بعضهم بأن ولادته كانت في الخامس والعشرين من شهر رجب سنة 479ه وكان مسقط رأسه في مدينة سنجار، إذ ولد هناك عندما كان والده السلطان ملكشاه نازلًا فيها، بعدما اجتاز ديار بني ربيعة متوجهًا إلى غزو بلاد الروم. ويعد سنجر من أعظم الشخصيات السلجوقية التي ظهرت على مسرح الأحداث بالدولة السلجوقية. ألقابه تلقب السلطان سنجر بالسلطان الاعظم والسلطان سنجر تلقب بألقاب عدة منها الملك المظفر ناصر الدين لأول مرة عندما تولى الإمارة على خراسان سنة 490ه/ 1096ه، وعندما بسط نفوذه على بلاد ما وراء النهر لقب بملك المشرق، وظل يلقب بالملك المظفر طوال حقبة حكم السلطان محمد، وعندما جلس السلطان سنجر على عرش السلطنة لقب نفسه بالسلطان الأعظم معز الدين والدنيا وهو لقب كان قد تلقب به والده السلطان ملكشاه، وتستمد ألقاب السلاطين عادة شرعيتها إذا ما صدرت عن الخليفة العباسي والتي تدل على سلطة الخليفة الشرعية على الأقاليم التابعة للدولة العباسية، ففي سنة 514ه - 1119م خطب للسلطان سنجر بعد الخليفة والذي لقبه بلقب شاهنشاه، ومن الألقاب الأخرى التي اطلقت عليه لقب عضد الدولة. وأطلق على السلطان سنجر لقب ذي القرنين من لدن شعرائه بعد استيلاءه على غزنة سنة 511ه/ 1117م وهو لقب يبين مدى اتساع نفوذه. صفاته وصف المؤرخ الحسيني السلطان سنجر بأنه رجل اسمر، عظيم البطن والهامة، جهير الصوت، به اثر للجدري، على يده اليمنى خال أو خالان. وقد أورد ابن فندق ذكرا لإصابة السلطان سنجر بالجدري في صباه، إذ ذكر أن الشاعر والحكيم عمر الخيام كان قد اشرف على علاجه أثناء أصابته بالجدري عند ما كان سنجر صبيًا وسمعه سنجر يومًا يقول لوزير والده عندما سأل عمر الخيام عن حالته رد قائلا الصبي مخوف فاغتم سنجر للأمر وحزن حزنًا شديدًا وظل يضمر الكراهية للشاعر عمر الخيام طوال حياته. شخصيته على الرغم من تميز الطابع العسكري على عصر السلطان سنجر إلا إنه كانت لديه اهتمامات متعددة اضفت على شخصيته المزيد من التألق وخاصة في مجال الثقافة والأدب رغم ما اشيع عنه بأنه كان اميًا لا يجيد القراءة والكتابة، فقد شجع سنجر الشعراء والكتاب حتى عد عصره من العصور المهمة في تاريخ الأدب الفارسي، لما كان يوليو من رعاية للشعراء والكتاب واثابته لهم حتى استخدم بعضهم في معاركه ضد خصومه. شجاعته دللت الوقائع التاريخية والمعارك التي خاضها السلطان سنجر منذ بدء تسلمه إمارة خراسان سنة 490ه/ 1097م، على أنه كان يمتاز بشجاعة وهمة عالية مكَّنَتاهُ من قيادة دولته المترامية الأطراف فقد أدار دفة الحكم فيها لأكثر من ستين سنة على الرغم من صغر سنه حين توليه امارة خراسان إذ لم يكن يتجاوز عمره أحد عشر سنة سنة وهي حقبة طويلة لم يتسن لغيره من السلاطين والملوك أن يستمروا في عرش السلطنة مثلما سنحت له الظروف، وقد وصفه اليزدي قائلا: جلس على مسند العز والرفعة والقدرة منذ سن النشوء والنمو إلى عنوان عهد الصبا وقد أطاعه جبابرة العجم وأكاسرة العالم ودانوا بالطاعة والولاء. وله مواقف في الشجاعة والثبات كثيرة وقد عبر عنها في معركة قطوان قرب سمرقند التي خاضها مع القرة خطائين سنة 1142م وانهزم عسكر السلطان سنجر، وبقي هو واقفا في عدد قليل تحت الراية، كما وصفه ابن خلكان قائلا: كان من أعظم الملوك همة. ومن مواقفه الشجاعة أنه كان يتحدى الموت عند خوضه المعارك الضارية وعد الموت حقيقة واقعة لا مفر منها إذ كان يقول: ومن يئس من حياته لا يفكر في العواقب، ربما ينال الظفر بما يدفع عن نفسه. وفاته في الرابع عشر من شهر ربيع الأول سنة 552ه/ 1157م توفي السلطان سنجر بن ملكشاه، عن عمر دام اثنتين وسبعين سنة، بعد أن أصابه القولنج والإسهال. دفن السلطان سنجر في مرو عاصمة ملكه في قبة بناها لنفسه أثناء حياته سماها دار الآخرة، وكانت المقبرة متصلة بمسجد تآكل بفعل الزمن، وهي عبارة عن مربع كبير توجت حيطانه الأربعة بأروقة تقوم عليها جوانب القبة الكبيرة وزينت الحيطان الداخلية بكتابات وزخرفة بارزة بنماذج من الزهور. ودامت حقبة حكمه اثنتين وستون سنة قضى اثنتين وعشرين منها ملكاعلى خراسان، وأربعين منها سلطانا على السلاجقة. وخطب له على أكثر منابر الإسلام بالسلطنة ما يقارب من اربعين سنة. وانقطع بموته استبداد الملوك السلجوقية بخراسان. ولما وصل خبر وفاته إلى بغداد قطعت عنه الخطبة ولم يجلس له أحدٌ في العزاء، ممايدل على افول نجم السلاجقة وذهاب هيبتهم وانهيار قوتهم وعودة الهيبة والقوة للخلافة العباسية في زمن الخليفة المقتفي لأمر الله وان محاولات الخلفاء المسترشد بالله والخليفة أبو جعفر منصور الراشد بالله في مناهضة السلاطين السلاجقة لم تذهب سدى بل اتت ثمارها.