أعلنت الرئاسة التونسية، اليوم الإثنين، تمديد حالة الطوارئ التى فرضتها منذ نوفمبر 2015 ، إثر اعتداء انتحاري قتل فيه 12 من عناصر الأمن الرئاسي، شهرًا إضافيًا. وقالت رئاسة الجمهورية في بيان لها ظهر اليوم "قرّر رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي اليوم الإثنين 20 يونيو 2016 بعد إستشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب الإعلان مجددا عن حالة الطوارئ على كامل تراب الجمهورية لمدة شهر إبتداء من 21 يونيو 2016. ويمنح إعلان حالة الطوارئ وزارة الداخلية صلاحيات استثنائية واسعة مثل فرض حظر تجول على الافراد والعربات ومنع الإضرابات العمّالية، ووضع الأشخاص في الإقامة الجبرية وحظر الاجتماعات، وتفتيش المحلات ليلا ونهارا ومراقبة الصحافة والمنشورات والبث الإذاعي والعروض السينمائية والمسرحية، بدون وجوب الحصول على إذن مسبق من القضاء . ولم تبدِ أي جهة تونسية أية اعتراضات على قرار الرئيس التونسي الجديد وذهب بعض النشطاء الحقوقيون ، إلى أن فرض حالة الطوارئ قد تكون أمرا ضروريًا في ظل الأوضاع المتوترة في منطقة الشمال الأفريقي خاصة تصاعد وتيرة الصراع في ليبيا شرق تونس معتبرين ان فرض الطوارئ ضروري لحماية الأمن القومي التونسي ولكن لا يجب ان تكون مثل هذه الإجراءات الاستثنائية ذريعة للسلطات من أجل هضم الحقوق والحريات الرئيسية للتونسيين ، مضيفين أن التحديات الأمنية التي تواجهها تونس تتطلب ردوداً قوية، ولكن هذا لا يجب ان يؤدي الي التضحية بالحقوق التي ناضل التونسيون بعد الثورة لضمانها في دستورهم . وأكد الكاتب التونسي فاضل الطياشي ، أن التمديد الأخير لحالة الطوارئ فى بلاده يؤكد ان السلطات ما زالت غير مطمئنة للوضع العام خاصة من الناحية الامنية في جزئها المتعلق بالإرهاب ، موضحًا أنه رغم الانتصارات التي حققتها القوات الأمنية والعسكرية على الارهابيين الا ان شبح الارهاب مازال مخيما على البلاد بدليل بعض التحركات التي تحصل من حين لآخر لبعض الخلايا الإرهابية النائمة المتحصنة بالجبال واحيانا ببعض المدن والتي وفق معطيات استخباراتية، ما زالت تتحين الفرص لتنفيذ عمليات إرهابية مختلفة. وأضاف الطياشي ، أن كل هذه الأمور استوجبت التمديد في الطوارئ وكذلك ضرورات أخرى ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية فرضته . وأشار الطياشي أن الدولة رغم أنها أصبحت ممسكة بزمام الأمور كما ينبغي مقارنة بالسنوات الأولى للثورة، إلا أن بعض حالات الانفلات والفوضى تحصل من حين لآخر على غرار الاحتجاجات غير القانونية التي تغلق الطرقات أو تعطل الإنتاج والعمل ببعض المناطق، او تتسبب في فوضى او اعمال عنف، وبما ان قانون الطوارئ يمنع التجمهر والتجمع فانه من شأنه بالتالي أن يخفف العبء عن الدولة لمقاومة التحركات الاحتجاجية غير المشروعة وبالتالي فان البلاد ما زالت تحتاجه. وأما من الناحية الاقتصادية قال الكاتب التونسى : إنه ايضا يمكن تبرير حالة الطوارئ بانها رسالة طمانة للخارج مفادها ان البلاد في وضع آمن ومستقر وهو ما قد بشجع على جلب السياح والاستثمار الاجنبي بعد المخاوف العديدة التي ابدتها اطراف اجنبية من الوضع في تونس. وفي جانب اقتصادي آخر فان حالة الطوارئ تسهل المهمة عند مراقبة الحدود للتصدي للمهربين الذين اصبحوا يلحقون مضرة كبرى بالاقتصاد وهكذا يتضح ان تونس مازالت في حاجة الى حالة الطوارئ التي يجري العمل بها بلا توقف منذ ثورة 2011 وأثبتت نجاعتها حسب راي جل التونسيين. وبموجب مرسوم رئاسي من سنة 1978، يجوز لرئيس الجمهورية إعلان حالة الطوارئ لمدة تصل إلى 30 يوماً، قابلة للتجديد، استجابة للاضطرابات الخطيرة التي تمس النظام العام ويمنح الفصل 80 من دستور تونس لسنة 2014 الرئيس سلطة إعلان إجراءات استثنائية "في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة". وينص الدستور علي انه يجب العودة الي السير العادي لمؤسسات الدولة "في أقرب الآجال". ويمنح الدستور رئيس البرلمان أو 30 من أعضائه حق التقدم للمحكمة الدستورية بطلب البت في ما إذا كانت الظروف تقتضي استمرار حالة الطوارئ. إلا أن المحكمة الدستورية لم تتشكل حتى الآن، مما يجعل حالة الطوارئ لا تخضع الي الرقابة القضائية. وقد خضعت تونس لحالة الطوارئ منذ 2011، في أعقاب خلع الرئيس زين العابدين بن علي، وحتى مارس 2014. وكانت الرئاسة التونسية فرضت حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوما اعتبارا من 24 نوفمبر 2015، ومددت العمل بها شهريْن اعتبارا من 24 ديسمبر 2015، ثم شهرا اعتبارا من 22 فبراير 2016، وثلاثة اشهر اعتبارا من 23 مارس 2016 ويوم 24 نوفمبر 2015 قتل 12 وأصيب عشرون من عناصر الأمن الرئاسي عندما فجر انتحاري تونسي نفسه في حافلتهم في قلب العاصمة تونس وغداة الهجوم، أغلقت تونس حدودها البرية المشتركة مع ليبيا 15 يوما وشددت المراقبة على الحدود البحرية والمطارات، كما منعت، لدواع امنية، الطائرات الليبية من الهبوط في مطار تونس- قرطاج الدولي (وسط العاصمة) في الفترة ما بين 4 ديسمبر 2015 و8 يونيو 2016. ويعد الهجوم على حافلة الأمن الرئاسي ثالث اعتداء إرهابي في تونس في 2015 يتبناه تنظيم الدولة الإرهابي (داعش).