«أم كلثوم» هى الابنة الثالثة لرسولنا الكريم سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، من «أم المؤمنين السيدة خديجة»، ومثل أمها امتثلت لأبيها مع بدء دعوته، وحينما بلغت مبلغ الزواج، وكان ذلك قبل أن يأتى الوحى للرسول صلى الله عليه وسلم، خطبها جدها لأبيها «أبو طالب» لابن أخيه عتيبة، ابن عبد العزى «أبو لهب»، فوافق الرسول صلوات الله وتسليمه عليه، لما لأبى طالب من مكانة عنده. سرعان ما انتهى زواجها من «أبو لهب» عقب نزول الوحى على الرسول صلى الله عليه وسلم، وبدء نشر الدعوة الإسلامية، ومواجهة «قريش» لها. وقتذاك اجتمع سادة مكة قائلين: «إنكم قد فرغتم محمدًا من همه، فردوا عليه بناته فأشغلوه بهن، وذهب سادة قريش إلى أصهار المصطفى الثلاثة، وقالوا لهم واحدا بعد الآخر: «فارق صاحبتك ونحن نزوجك أى امرأة من قريش شئت، فأبى أبو العاص زوج زينب الكبرى، ووافق عتيبة». بعد طلاقها خاضت «أم كلثوم» غمار الجهاد مع أبيها، فبعد زواج شقيقتها «رقية» وهجرتها إلى الحبشة، بقيت هى مع أختها الصغرى فاطمة، لتخوض معركة الاضطهاد الأولى التى عاشها بنو هاشم. كانت «أم كلثوم» حانية على الجميع حتى على أمها خديجة رضي الله عنهما، التى قرب أجلها بعدما أنهكتها الأحداث المتواترة وأعظمها حصار شعْب أبى طالب، وسرعان ما توفيت خديجة رضي الله عنها، وتمادى كفار قريش فى إيذاء نبى الرحمة صلى الله عليه وسلم، وفى أحد الأيام اعترض طريقه أحد الأوغاد فنثر على رأسه الشريف ترابًا، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته، فأقبلت عليه أم كلثوم لتغسل عنه التراب وهى تبكي. مرت الأيام، وهاجر الرسول، صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة وتركها هى وشقيقتها فاطمة مع «أم المؤمنين» السيدة سودة بنت زمعة، لتلحق فيما بعد بأبيها، بمساعدة زيد بن حارثة. لم تحزن أم كلثوم على فراقها من «أبى لهب»، لأنها كانت موقنة بأنها ستتزوج برجل رضى عنه الله ورسوله، فتزوجها عثمان بن عفان، وكانت زيجتها بأمر السماء. بعد موقعة بدر، لم تكتمل فرحة النبى صلى الله عليه وسلم حال عودته بالنصر، فسرعان ما توفيت شقيقتها «رقية»، ورأى النبى «عثمان» مهمومًا فقال له: مال أراك مهمومًا؟.. فقال : يا رسول الله وهل دخل علىّ أحد ما دخل عليّ، لقد ماتت ابنة الرسول التى كانت عندي، وانقطع ظهري، وانقطع الصهر بينى وبينك، فكان رد السماء، يا عثمان هذا جبريل عليه السلام يأمرنى عن الله، أن أزوجك أختها أم كلثوم، على مثل صداقها، وعلى مثل عشرته، فكانت النور الثانى لعثمان – ذى النورين- وأكملت حياتها عاقرًا. وبلغ من إعزاز النبى، صلى الله عليه وسلم، لها أنه قال فيها: «لا ينزل قبرها أحد قارف أهله الليلة أفيكم أحد لم يقارف أهله الليلة؟»، تلك العبارة قالها المصطفى يوم توفيت الحانية عليه بعد أمها «خديجة»، عقب مرض لم يمهلها إلا أيام قليلة، وكان ذلك فى شهر شعبان فى السنة التاسعة للهجرة، وغسلتها أم عطية وكفنت بإزار أبيها.