ينتشر أتباع الطريقة الصوفية الرفاعية في دول العراق وسوريا ومصر إضافة إلى مناطق غرب آسيا، وهي طريقة سنية صوفية تُنسب إلى أحمد بن على الرفاعي، الملقب بشيخ الطرائق. وتقوم بالأساس على الأخذ بظاهر القرآن الكريم والسنة النبوية، ثم أخذ النفس بالجهاد والمكابدة، والإكثار من الذكر، وقراءة الورد القرآني، وذلك وفق إرشادات شيخ الطريقة وتوجيهاته. وتشترط الطريقة أن يتمسك مريدها بالقرآن والسنة ثم تعليمات الشيخ، وأن ينقاد وينصاع لأوامره تمامًا، كما عليه أن يكون على حال السلف الصالح من الملبس والزهد في الدنيا، وأيضًا التمسك بالوقار دون جفاء، والصبر على المصائب. وواجهت الطريقة ذات الاتهامات الموجهة إلى كل الطرق الصوفية من قبل التيار السلفي، من عبادة القبور ووصف حلقات الذكر بأنها بدعة، ولكنها نفت ذلك على موقعها الرسمي في مقالة لخادم الزاوية الرفاعية في هولندا وإنجلترا والمغرب، سالار رباتي، بعنوان "لسنا قبوريين بل على سنة الله ورسوله وأصحابه الطاهرين". ووصفت نفسها على الموقع بأنها "طريقة الزهد بالدنيا وطلب رضا الله بسلوك طريق المحبة"، ولكنها أكدت في الوقت نفسه على أنه لا يمكن القول بوجوب اتباع طريقة صوفية ما، فهي مجرد "بدعة حسنة". كما بدت وسطية في منهجها الذي يحذر من تطرف وغلو بعض المتصوفين، مثل تمسك بعضهم بفكرة الانعزال والوحدة أو إطلاق بعض التشبيهات الغريبة على الذات الإلهية، مثل الخمار والساقي وصاحب الدير، والقول بأنه "لا موجود إلا الله". كما أكدت على أن الأولياء لا يجوز لهم ادعاء الاقتراب من الله أكثر من البشر العاديين، أو أن لديهم إلهام إلهي ولا يحتاجون إلى العلم؛ واعتبرت الطريقة أن كل تلك التصرف تصدر عن "مدعين للتصوف". أما عن الرفاعي مؤسس الطريقة، فقد كان فقيهًا صوفيًا متجهًا نحو المذهب الأشعري والشافعي، ويعود نسبه إلى على بن أبي طالب، وُلد في 512 هجرية في منطقة البطائح بالعراق، وتوفي والده وهو في عمر السابعة عشرة فكفله الشيخ منصور البطائحي، ونشأه تنشئة دينية، وكذلك كان خاله الشيخ أبي بكر من أهم علماء زمانه، وكان الرفاعي يلازم دروسه. ودرس الرفاعي منذ صغره العلوم الدينية، حيث تعلم تلاوة القرآن في عمر السابعة، حتى وصل إلى سن العشرين فحصل على إجازة عامة بكل علوم الشريعة والطريقة من الشيخ أبو الفضل على شيخ منطقة واسط، ولقّبه ب "أبي العلْمين" أي علم الظاهر وعلم الباطن، ثم عهد إليه خاله بمشيخة المشايخ والأروقة التابعة له وهو في سن الثامنة والعشرين. ووضع الرفاعي عدد من المؤلفات من أبرزها: "حالة أهل الحقيقة مع الله" و"قلادة الجواهر" و"الحكم" لشرح كتاب التنبيه في الفقه الشافعي و"التحفة الرفاعية" و"معاني بسم الله الرحمن الرحيم". وعُرف الرفاعي برفضه التام للتشدد، ووصفه للمتشددين بقطاع الطريق، كما رفض دعوات الانعزال التي كانت بعض الطرق الصوفية تطرحها، وحذر أتباعه من مجالسة الداعين إليها. ورغم أن أتباعه يصفونه بالمجدد إلا أنه كان شديد الحرص على اتباع منهج السالفين وعدم الإضافة عليه، حيث قال: "اتبع ولا تبتدع، فإن اتبعت بلغت النجاة وصرت من أهل السلامة، وإن ابتدعت هلكت". وقال عن طريقته: "طريقي دين بلا بدعة، وعمل بلا كسل، ونية بلا فساد، وصدق بلا كذب، وحال بلا رياء"، ومجّد الزهد الذي اعتبره "أساس الأحوال المرضية والمقامات السنية". وتوفي الرفاعي في عمر السادسة والستين، في 578 هجرية، إثر مرض بالمعدة. "البوابة نيوز" حاورت طارق الرفاعي، شيخ الطريقة الرفاعية، الذي قال أن الطريقة من أكبر الطريق الصوفية في العالم، وليس في مصر فقط، وتوجد كذلك في دول السودان والسعودية وأمريكا وفرنسا وغيرهم. كما أشار إلى أن الطريقة تتواجد في موالد جميع الأولياء في مختلف أنحاء مصر، بهدف زيادة الانتشار والتواصل مع المريدين الموجودين في كل المحافظات. ونفى بشدة ما يُقال عن بعض أتباع الطريقة، من الإتيان ببعض الأفعال الغريبة أو مفرطة الشجاعة كاللعب مع الثعابين وركوب الأسود، والدخول في النيران المشتعلة، موضحًا: "الإمام الرفاعي قال طريقي دين بلا بدعة، وهذه الأشياء بدع لا تتناسب مع العصر، وإنما كانت خاصة بالرفاعي كأحد الأولياء، وبسبب حياته في الصحراء لفترة جعلتاه يتأقلم مع الحيوانات ويتجنب أذاها". واعتبر الرفاعي أن الطريقة تتطور بشكل كبير، مثلها مثل معظم الطرق الصوفية، التي واكبت الزمن وأصبحت منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي. وأكد أن الطريقة ليست جامدة على أفكار معينة، ولا تتمسك سوى بسنة رسول الله وأقوال الإمام الرفاعي. وفيما يتعلق باحتفاليات الطريقة بشهر رمضان، قال الرفاعي أنها تبدأ ليلة اليوم الأول منه، خلال احتفال المشيخة العامة للطرق الصوفية في موكب كبير يمتد من مقام صالح الجعفري إلى مسجد الحسين، عقب صلاة العصر، احتفالًا برؤية هلال رمضان. وأضاف: "يعقب ذلك احتفالات الطرق الصوفية التي تستمر على مدى الشهر الكريم، ويحظى احتفال الطريقة الرفاعية بالانعقاد أول أيام الشهر الكريم، فضلًا عن احتفالات خاصة بالطريقة في جميع المحافظات، في الميادين وأماكن التجمعات، تتمثل في إفطار جماعي ودروس علم مفتوحة للجميع، وليس لمريدي الطريقة فقط". مشيرًا إلى استمرار انعقاد الحضرة الأسبوعية في مسجد الرفاعي يوم الجمعة من كل أسبوع.