قال الكاتب البريطاني جدعون راخمان إن "ظهور دونالد ترامب كان قد صاحبته تمتمات خافتة بأن ذلك يحدث فقط في أمريكا، لكن ظاهرة ترامب يحسُن فهمها في إطار عالمي يصوّر عودة شخصية الزعيم القوي إلى الظهور على مسرح السياسة العالمية." ولفت راخمان -في مقال نشرته "فاينانشيال تايمز" - إلى أن "أمريكا لم تكن سابقة في هذا المضمار وإنما جاءت متأخرة بعد روسياوالصين وغيرهما .. ربما يعتني المؤرخون يوما بعام 2012 باعتباره نقطة تحول؛ ففي مايو من ذلك العام عاد فلاديمير بوتين إلى الكرملين رئيسا لروسيا، ولم تمض أشهر قليلة حتى اعتلى شي بينج جين الأمانة العامة للحزب الشيوعي الصيني." ونوه الكاتب عن أن "الزعيمين "بوتين وبينج" وصلا إلى الحكم بعد قائدين لا يمتلكان كاريزما هما ديمتري ميدفيديف وهو جينتاو، ثم سارع الزعيمان إلى تأسيس شكل جديد للقيادة، وكانت الآلة الإعلامية الممتثلة مهيئة تماما لتأليه الشخصيتين والتأكيد على ما يتمتعان به من قوة ووطنية.. ولم يمض وقت طويل حتى بات الاتجاه الذي شوهدت بدايته في روسياوالصين - بات مرئيا في دول أخرى حول العالم." ورأى راخمان "أن الأمريكيين قد يعترضون قائلين إن السياسة في بلادهم لا تتشابه في شيء مع نظيراتها في روسيا أو الصين أو غيرهما.. لكن في الحقيقة، ترامب يُظهر العديد من الصفات التي يُظهرها هؤلاء الزعماء الأقوياء أمثال بوتين وبينج وغيرهما..". ونبه الكاتب إلى أن "كل هؤلاء الزعماء الأقوياء قد وعدوا باستعادة أمجاد أوطانهم مستخدمين قوة شخصيتهم واستعدادهم أن يتجاهلوا الجماليات الليبرالية.. ودائما ما تمضي زعامة الأقوياء يدا في يد مع الحساسية المفرطة للنقد.. وقد شنّ كل من بوتين وبينج حملات أمنية على حرية التعبير.. وفي تركيا، اتهم أردوغان نحو ألفي تركي بتهمة تشويه صورته.. وقد تغاضى ترامب قليلا عن بعض إهانات الإعلام فيما تعهد بأن يُسهّل على السياسيين مقاضاة الصحافة." وتابع راخمان "دائما ما يتاجر الزعماء الأقوياء بمشاعر عدم الأمان والخوف والإحباط.. وقد صور بوتين وأردوغان كلا من روسياوتركيا باعتبارهما محاطتين بالأعداء، فيما استثمر بينج حالة الإحباط السائدة بين عامة الشعب الصيني جراء الفساد وعدم المساواة.. وقد استطاع ترامب توليف عدد من تلك الأفكار؛ فوعد باستعادة المجد الوطني والحزم ضد المجرمين والغرباء.". ورأى الكاتب أن "ترامب وبوتين بدا كلاهما وكأنهما نالا إعجابا مجتمعيا.. ولا غرو فالزعماء الأقوياء عادة ما يحققون رواجا على الأقل في البدايات". واختتم راخمان قائلا، إن "الحقيقة الباعثة على القلق هي أن تأثير الزعماء الأقوياء نادرا ما ينحصر في حدود أوطانهم، إنما ينتشر تأثيرهم على نحو عالمي."