«سكاي أبوظبي»: 240 مليار جنيه مبيعات مشروع «رأس الحكمة»    سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 17-6-2025 مع بداية التعاملات    ‌جروسي: أجهزة الطرد المركزي في نطنز ربما تضررت بشدة إن لم تدمر بالكامل    «ثنائي يسبق زيزو».. النحاس يكشف مفاجأة في ترتيب مسددي ركلات الجزاء بالأهلي    فيرمينو يقترب من الرحيل عن أهلي جدة ل نادي عربي جديد (تقارير)    ترتيب المجموعة الرابعة في مونديال الأندية بعد الجولة الأولى    مواعيد مباريات اليوم في كأس العالم للأندية    شاهد المران الأول للأهلى فى نيوجيرسى استعدادا لمواجهة بالميراس    بعد أزمة الاستبعاد.. جلسة صلح بين ريبيرو ونجم الأهلي في أمريكا (تفاصيل)    "دعم متساوي".. وزير الرياضة يتحدث عن دور الدولة في دعم الأهلي والزمالك    وصول صناديق أسئلة امتحان مواد اللغة الأجنبية الثانية والاقتصاد والاحصاء لمراكز التوزيع    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    اليوم.. طلاب الثانوية الأزهرية يؤدون امتحان مادة الفقه    تركي آل الشيخ يطرح بوستر جديد لفيلم «7DOGS» ل أحمد عز وكريم عبدالعزيز    طريقة عمل كيكة الجزر، مغذية ومذاقها مميز وسهلة التحضير    8 أطعمة تصبح أكثر صحة عند تبريدها، والسر في النشا المقاوم    5 تعليمات من وزارة الصحة للوقاية من الجلطات    إيران تشن هجوما جديدا الآن.. إسرائيل تتعرض لهجمات صاروخية متتالية    ترجمات| «ساراماجو» أول أديب برتغالي يفوز بجائزة نوبل أدان إسرائيل: «ما يحدث في فلسطين جريمة»    فاروق حسني يروي القصة الكاملة لميلاد المتحف المصري الكبير.. ويكشف رد فعل مبارك    ما حقيقة مهاجمة الولايات المتحدة ل إيران؟    وزير الدفاع الأمريكي يوجه البنتاجون بنشر قدرات إضافية في الشرق الأوسط    بعد تصريحات نتنياهو.. هل يتم استهداف خامنئي الليلة؟ (مصادر تجيب)    3 أيام متتالية.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    الدولار ب50.21 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء 17-6-2025    وكالة إس إن إن: إيران تعتزم مهاجمة قاعدة جوية عسكرية إسرائيلية حساسة    تفاصيل العملية الجراحية لإمام عاشور وفترة غيابه    خامنئي يغرد تزامنا مع بدء تنفيذ «الهجوم المزدوج» على إسرائيل    إغلاق جميع منشآت التكرير في حيفا بعد ضربة إيرانية    سحر إمامي.. المذيعة الإيرانية التي تعرضت للقصف على الهواء    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    رئيس مدينة دمنهور يقود حملة مكبرة لإزالة الإشغالات بشوارع عاصمة البحيرة| صور    بعد إنهاك إسرائيل.. عمرو أديب: «سؤال مرعب إيه اللي هيحصل لما إيران تستنفد صواريخها؟»    مصرع شاب غرقا فى مياه البحر المتوسط بكفر الشيخ وإنقاذ اثنين آخرين    حرب إسرائيل وإيران.. البيئة والصحة في مرمى الصواريخ الفرط صوتية والنيران النووية    "حقوق الإنسان" بحزب مستقبل وطن تعقد اجتماعًا تنظيميًا بحضور أمنائها في المحافظات    تراجع أسعار الذهب العالمي رغم استمرار الحرب بين إسرائيل وإيران    إلهام شاهين تروي ل"كلمة أخيرة" كواليس رحلتها في العراق وإغلاق المجال الجوي    حدث بالفن | عودة إلهام شاهين وهالة سرحان من العراق والعرض الخاص لفيلم "في عز الضهر"    بسبب إغلاق مطار بغداد.. إلهام شاهين تكشف تفاصيل عودتها لمصر قادمة من العراق    "سقوط حر" يكشف لغز جثة سوداني بفيصل    مباحث الفيوم تتمكن من فك لغز العثور على جثة شاب مقتول بطلق ناري    محاكمة تشكيل عصابي متهم بسرقة المواطنين بالإكراه ببولاق أبو العلا اليوم    العثور على جثة مسنّة متحللة داخل شقتها في الزقازيق    أمريكا: حالات الإصابة بمرض الحصبة تقترب من 1200 حالة    مسئول بالغرف التجارية: التوترات الجيوسياسية تلقي بظلالها على أسعار الغذاء.. والمخزون الاستراتيجي مطمئن    قطع أثرية بمتحف الغردقة توضح براعة المصريين القدماء فى صناعة مستحضرات التجميل    مستشارة الاتحاد الأوروبي: استمرار تخصيب اليورانيوم داخل إيران يمثل مصدر قلق    أخبار 24 ساعة.. الوزراء: الحكومة ملتزمة بعدم رفع أسعار الوقود حتى أكتوبر    محافظ كفر الشيخ: إقبال كبير من المواطنين على حملة «من بدرى أمان»    ما الفرق بين الركن والشرط في الصلاة؟.. دار الإفتاء تُجيب    إيبارشية قنا تستقبل أسقفها الجديد بحضور كنسي    اتحاد المرأة بتحالف الأحزاب يعلن الدفع بمجموعة من المرشحات بانتخابات مجلسي النواب والشيوخ    وزير العمل والأكاديمية الوطنية للتدريب يبحثان تعزيز التعاون في الملفات المشتركة    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ما هي علامات عدم قبول فريضة الحج؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    محافظ المنوفية: مليار و500 مليون جنيه حجم استثمارات قطاع التعليم خلال ال 6 سنوات الأخيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سر انقلاب "حماس" على "الأسد" لصالح قطر
نشر في البوابة يوم 17 - 05 - 2016

الحركة خرجت من دمشق بتحريض من «القرضاوى».. وعناصر منها شاركت في المظاهرات ضد النظام
حمد بن جاسم قال في العام الأول للحرب الأهلية في سوريا «الأسد سيسقط في رمضان»
الرئيس السورى شعر بخيبة أمل من «مشعل».. وحسن نصرالله توسط لعقد لقاء بينهما
في خطابه الذي ألقاه في جامعة القاهرة يوليو 2009 غازل الرئيس الأمريكى باراك أوباما جماعة الإخوان، مركزا أغلب خطابه على المسلمين ولم يستخدم كلمة العرب، إنما استخدم عبارات الإسلام والمسلمين، وكان من الواضح في حديثه أمام طلاب الجامعة والمسئولين المصريين، إشاراته المباشرة إلى الإخوان، حينما تحدث عن الذين «تختلف آراؤهم عن آرائنا». هذه النقطة لها أهميتها لأن البعض لا ينادون بالديمقراطية إلا عندما يكونون خارج مراكز السلطة ولا يرحمون الغير في ممارساتهم القمعية لحقوق الآخرين عند وصولهم إلى السلطة «بدا أوباما كمن يحدد ماذا على الإخوان أن يفعلوا حين يصلوا إلى السلطة، وفى مقال نشرته صحيفة «واشنطن تايمز» بقلم بيل جيرتز، تحت عنوان «دعم أوباما السرى للإخوان» جاء: يواصل الرئيس باراك أوباما وإدارته دعمهما للتنظيم العالمى المسلح المعروف باسم «الإخوان».
كشفت الصحيفة عن وثيقة إستراتيجية وسرية للبيت الأبيض تشرح كيف أن التنظيم هو البديل المعتدل للتنظيمات الإسلامية الأكثر عنفا كالقاعدة والدولة الإسلامية، الوثيقة تحمل اسم «presidential study directive _ 11 or psd __ 11» أو «مذكرة دراسة رئاسية 11» تشرح أسباب اختيار الإدارة الأمريكية دعم جماعة الإخوان التي صنفت كمنظمة إرهابية من قبل الحكومات في السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة، بينما اعتبرتها أمريكا أداة رئيسية لدعم الإصلاح السياسي.
في تعليقها على الوثيقة تقول الصحيفة الأمريكية: «يقول منتقدو الإستراتيجية الأمريكية إن الإخوان يخفون أهدافهم وغاياتهم على الرغم من دعمهم لأيديولوجيا متطرفة مماثلة لتلك التي تتبناها القاعدة والدولة الإسلامية ولكن مع عنف أقل، فالجهاد يعنى الحرب المقدسة وهو شعار المسلمين».
الإخوان والنظام السوري
لم تكن بداية الصدام بين جماعة الإخوان في سوريا في عهد حافظ الأسد، وإنما سبقه بسنوات طويلة، فالرئيس السابق حسنى الزعيم حل جماعة الإخوان في سوريا، ومثله فعل أديب الشيشكلى بعد انقلابه على الزعيم، ومنذ أواسط الثلاثينيات من القرن الماضي، ظهرت حركات أو تسميات إسلامية لها خلفية إخوانية ومنها مثلا دار الزرقم أو جمعية الرابطة الدينية أو أنصار الحق أو شبيبة محمد، أما المؤسس المتفق عليه فهو الشيخ مصطفى السباعى الذي كان قد حمل الدعوة الإخوانية من مصر حيث كان يتلقى علومه في الأزهر.
عرفت علاقة الإخوان بالسلطة السورية موجات من الملاحقات والاعتقال وصولًا إلى الصدام الدموى مطلع ثمانينيات القرن الماضى، إذ شعر الأسد بعد مرور الأشهر الأولى على أحداث درعا وما تلاها، أن ثمة قرارًا إقليميًا ودوليًا بفتح أبواب تقاسم السلطة مع الإخوان، فسارع إلى إغلاق كل الأبواب، بما في ذلك أبواب حركة حماس التي راح يشكك بأنها تعطى الأولوية في استراتيجيتها الجديدة لمشروع الإخوان وليس للعلاقة مع الدول التي دعمتها في السنوات الماضية أي إيران وسوريا إضافة إلى حزب الله.
سرعان ما قرر الأسد أن حركة حماس، التي كان يحتضنها إعلاميا وسياسيا وماليا وعسكريا في دمشق، صارت موضع شكوك فعلية، خصوصا حين طلب الأسد من رئيس مكتبها السياسي «خالد مشعل» أن يرد على الاتهامات التي بدأ يسوقها الشيخ يوسف القرضاوى ضد النظام وضده شخصيا، لكن مشعل ارتأى ألا يرد علانية وأن يذهب للقاء القرضاوى.
فماذا جرى بين حماس والقيادة السورية؟
هذا ما تخبرنا به الوثيقة الخامسة وفيها نقرأ: لعل اللحظة الحاسمة والقشة التي قصمت ظهر البعير، جاءت بعد أن أعلن يوسف القرضاوى المقيم منذ سنوات في قطر، مواقف داعية إلى محاسبة المسئولين عما يجرى ومشجعة على إسقاط الأسد وذلك بعد فترة غير بعيدة من امتداح القرضاوى نفسه قيادة الأسد.
شعرت القيادة السورية أن دخول القرضاوى على الخط يعنى قرارا إخوانيا كبيرا مدعوما من دول عربية وإقليمية وفى مقدمتها قطر وتركيا لتأجيج الأوضاع في سوريا، انتظرت دمشق أن تبادر حركة حماس أو مشعل شخصيًا للرد على القرضاوى لكن شيئًا لم يحصل، ثم جاء من يطلب من مشعل الرد، طلب مشعل من محدثيه السوريين أن يتريثوا قليلا لعله يجد حلا غير المجاهرة بالرد الذي يؤجج مشاعر السنة في المنطقة ضد النظام السورى.
اقترح مشعل إرسال مسئول سورى للقاء القرضاوى في الدوحة، أو أن يطلب السفير السورى في قطر لقاءه ليشرح له حقيقة ما يجري، وأن في الأمر أمورًا أخطر من مجرد المطالب بالإصلاح، شعرت القيادة السورية باستياء كبير وبخيبة أمل لا بل بالغضب من مشعل، كانت تعتقد أن ما قدمته سوريا لحماس وغيرها في فلسطين كفيل بأن يضع حماس وقيادتها إلى جانب القيادة السورية في السراء والضراء، كما اعتقدت أن مشعل الذي يعرف تماما حجم الضغوط الأمريكية التي مورست على الأسد لطرد حماس والتنظيمات الفلسطينية الأخرى من على أرضها سيرد الجميل في الوقت المناسب.
الخيانة الحمساوية
انتظرت القيادة السورية موقفًا مساندًا من حماس. اعتقدت أن مثل هذا الموقف كان سيرد عنها الكثير من الاتهامات بأن النظام يقتل أهل السنة ويوضح أن الأمر أبعد وأخطر، لكن الحركة بقيت صامتة، فيما كانت قيادات الحركة تضغط في الاجتماعات الخارجية للخروج من سوريا حفاظا على أمنها!
ذهب مشعل للقاء الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، الذي نصح مشعل بأن تعتمد حماس الموقف المناسب لتاريخها وعلاقتها مع الدولة التي وقفت بالرغم من كل الضغوط والصعاب إلى جانبها، قال نصر الله: «إن سوريا تتعرض لهجمة شرسة وإن من باب المصلحة العامة لحماس وسوريا وكل محور المقاومة أن يتضامن في هذه اللحظات الصعبة لإنقاذ سوريا والمحور».
«لم يبد مشعل الحماسة مع نصائح نصر الله، اتفق الرجلان على تأمين لقاء بين مشعل والأسد، نقل نصر الله التمنى إلى الرئيس الأسد، خاصة وأنه كان مقتنعًا بأن ثمة تدخلًا خليجيًا وربما مصريًا وتركيًا أيضا لإقناع المقاومة بالخروج من دمشق والذهاب إلى دولة أخرى كمصر أو قطر أو الأردن، فالاستخبارات السورية كانت قد رصدت رسائل من القرضاوى إلى قادة حماس يدعوهم فيها للخروج من سوريا «لأن البقاء فيها هو دعم نظام قاتل وغير شرعى إسلاميًا، وأن على الحركة أن تخرج وتعلن موقفها ضد هذا النظام وضد الأسد «ويبدو أن رسائل أخرى مماثلة جاءت من تركيا ومسئولين عرب وبينهم القطريون».
لم يعقد اللقاء بين الأسد ومشعل، لم يكن السبب متعلقًا بخيبة أمل الرئيس السورى من موقف حماس فقط، ولا من التقارير الاستخباراتية التي كانت تصله حول مشاركة بعض الحمساويين في التظاهرات أو في القتال، لكن لأن مشعل طلب أن يكون اللقاء مع الأسد بعيدًا عن الكاميرات، كان جواب الأسد: «لا أريد أن أراه، وليبق هو وجماعته في دمشق لن يتعرض لهم أحد وستستمر سوريا بمساعدتهم كما كانت تفعل سابقا، لكنى لا أريد منه شيئا، فأنا حين جاء (بأول) والأمريكيون وغيرهم يضغطون لكى أطردهم لم أقل لمشعل أن يأتينى لألتقيه بعيدا عن الكاميرات، يبدو أن مشعل قد عاد إلى موقعه الأصلى حيث الأولوية هي للإخوان وليس سوريا».
خرجت حماس من سوريا مطلع عام 2012 ولم تعد، وكان دخول القوات السورية إلى حماة مفصليا، في عدد من المواقف الإسلامية والعربية ضد القيادة السورية، أعاد إلى الأذهان مرحلة ثمانينيات القرن الماضى.
نار حماة
كان دخول الجيش السورى إلى حماة مفصليا ليس في العلاقة مع تركيا فقط، ولكن على الأرجح أيضًا مع دول خليجية وجدت في الأمر ذريعة لرفع الصوت ودعم المسلحين، كان الاستعداد لدخول حماة في أواخر يوليو 2011 قد أعطى معارضى نظام السورى ذريعة جيدة لتأجيج مشاعر العداء ضده وذلك عبر إثارة ذكريات مجازر حماه 1981 هذا ما جري، حيث أثار سريعا دول مجلس التعاون الخليجى وتركيا.
سعت بعض هذه الدول للتواصل مع القيادة السورية لتثنيها عن اقتحام المدينة. أرسل مسئول إماراتى للقيادة السورية عبر وسيط لبنانى تمنيًا بعدم الإقدام على ذلك معتبرا أن الجيش السورى بهذه الخطوة يكون قد اجتاز خطًا أحمر، وأن دول مجلس التعاون ستتخذ موقفا موحدا ضد الأسد وقيادته إذا ما أصر على موقفه لحسم الوضع بالقوة. كانت القيادة السورية تعتبر أن ضبط الوضع الأمنى أهم من كل المواقف، وأن الدخول إلى حماه ضرورى مهما كانت التكاليف. هذا ما قاله الأسد لأوغلو بعد اقتحام الجيش للمدينة.
كانت قناعة أبرز الدول الخليجية ومعها تركيا والغرب أن الدخول إلى حماه سيسرع في سقوط النظام لأنه سيؤجج مشاعر السنة في سوريا ويدفع مناطق عديدة للدخول إلى ساحات القتال، يروى مثلا رئيس مجلس النواب اللبناني «نبيه بري» كيف أن رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطرى السابق، الشيخ حمد بن جاسم آل ثان قال له في العام الأول للحرب في سوريا إن نظام الأسد سيسقط في شهر رمضان.
دخل نائب الرئيس السورى السابق «عبدالحليم خدام» سريعا على خط حماه، قال في اتصال هاتفى مع وكالة الأنباء الألمانية: «إن اجتياح الجيش السورى لمدينة حماه هو البداية الحقيقية لنهاية بشار الأسد، ولا بد من تدخل المجتمع الدولى بشكل من الأشكال لحماية الشعب السورى بالنظر إلى أن السوريين مصممون على أن تكون تظاهراتهم سلمية دون اللجوء إلى السلاح».
راحت الصحف حتى المؤيدة سابقا لسوريا تنشر افتتاحيات تنتقد النظام بشدة، لعل كل ذلك نجم عن قناعة كثيرين آنذاك بأن النظام السورى فعلًا آيل إلى السقوط قريبًا، ففى لبنان كان الكثيرون من قوى 14 آذار يؤكدون سقوط النظام الحتمى منذ الأيام الأولى للحرب، وينقل بعض دبلوماسيين غربيين أنه ينبغى الاستعداد لما بعد الأسد.
موقف الجامعة العربية
أما جامعة الدول العربية، فلعلها في الأزمة السورية لعبت أغرب أدوارها وأكثرها مثارًا للجدل خصوصًا بعد التجميد السريع لعضوية سوريا فيها «بضغوط قطرية وسعودية لم يشهد لها تاريخ الجامعة نظيرًا» وفق تعبير وزير الخارجية اللبنانى دكتور عدنان منصور.
أحدث الأمر سابقة مريبة في تاريخ العلاقات العربية - العربية، صحيح أن ليبيا تعرضت هي الأخرى لتعليق العضوية، لكن ما كان أحد ينتظر أن دولة بحجم سوريا ودورها سيتم إخراجها من الجامعة التي ساهمت في تأسيسها. راح دبلوماسيون يتصلون بالسفير السورى في الجامعة ويبررون له عجزهم عن مواجهة قرار الإبعاد.
كان المسئولون السوريون يدركون حجم الضغوط القطرية أولًا والسعودية ثانيًا، أو «الضغوط القطرية بدعم سعودى مباشر» وفق تعبير المقربين من الأسد، لكنهم كانوا يراهنون على أن دولًا عربية وقفت سوريا إلى جانبها طويلا لن تخذل دمشق، بالفعل فإن الصحافة العربية حتى داخل الخليج كانت تحرص آنذاك على التذكير بموقف سوريا لنصرة الكويت حين غزاها صدام حسين.
نقرأ مثلًا في مقال بعنوان «لنقف مع سوريا الوفية» في الأنباء الكويتية قبل 3 أشهر على اندلاع الأحداث السورية: هل يستطيع أحد نسيان المشاركة الداعمة من القيادة السورية والشعب في منهج الدعم اللوجستى والعسكري، فقد فتحوا بيوتهم ومنازلهم في استقبال أبناء الوطن الكويتى بكل ترحاب ورحابة صدر، وخصوصا الدور الفعال للرئيس الراحل حافظ الأسد، في مقاومة تحركات طاغية العراق».
فما الذي جري؟
هل نجحت قطر والسعودية في جذب الدول الأخرى إلى صفهما؟ أم أخطأت القيادة السورية في عدم التجاوب مع مطالب السعودية مثلا لتحييدها عن مواقف قطر؟ أم أن الدول العربية وجدت نفسها أمام ضغوط رأى عام يحمّل الجيش السورى مسئولية الدماء؟ أم أن في الأمر ما هو أبعد من كل ذلك؟ فيه تمهيد لتدمير الجيش السورى باسم الفتنة والتفرقة والقضاء على دور سوريا؟ ماذا جرى بين الأسد والعرب، حتى ابتعد العرب؟ لماذا ابتعدوا الآن ووصلوا إلى مرحلة القطيعة ولم يفعلوا حين ضرب حافظ الأسد بيد من حديد حماه في مطلع الثمانينيات؟
بعض الجواب نجده حتما في محاضر اللقاءات العربية - السورية خلال الحرب منذ 2011. ومنها ما تضمنته الوثيقة رقم (6) بعنوان: محضر لقاء نبيل العربى والأسد 13 يوليو 2011، وجاء فيها: استهل الأمين العام لجامعة الدول العربية اللقاء مع الرئيس الأسد بالتشديد على ضرورة تقوية دعائم التعاون العربى وإحياء وتعزيز العلاقات السورية - المصرية. وقال: «إنى سأعمل على تعزيز الجامعة العربية خصوصًا أن معظم الدول العربية باتت مستهدفة من الجميع، وأعتقد أنه لا بد من وقف التدخلات الأجنبية». اللافت أن العربى لم يناقش في هذا اللقاء كثيرًا الأزمة السورية التي جاء أصلًا بذريعة مناقشتها، بل انتقل الحوار مع الأسر إلى مواضيع أخرى.
في المساحة الصغيرة التي خصصها العربى والأسد لسوريا، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية: «أعتقد أن الأوروبيين سيفرضون عقوبات على سوريا في 19 يونيو المقبل، وهذا يدل مرة جيدة على ازدواجية النظرة الأوروبية والدولية لقضايا العرب، خصوصًا ما يتعلق بفلسطين، وأنا أعتقد أنه من الضرورى عندنا أن نلبى مطالب الشعوب العربية وجعل الإعلام يلعب دورًا كى يفهم الخارج بأن ثمة تغييرات جدية في مجتمعاتنا وليس على غرار الديمقراطية الصورية التي كانت في مصر، فالثورة في مصر ذهبت إلى مدى بعيد جدًا لدرجة أنهم طالبوا رئيس الوزراء المكلف بالتفاوض مع الثوار حول تشكيل الحكومة الجديدة، وأن في الأمر الكثير من المغالاة والمبالغة».
الأسد: «نحن العرب عودنا الغرب على التدخل في شئوننا وباعتقادى فإن الموضوع الأهم هو أن يبقى الشعب معنا، وأعتقد أن مشكلة ليبيا تكمن في أن العقيد القذافى كان يريد محاربة الخارج والشعب، بينما في مصر فإن النظام السابق أرضى الخارج ونسى الشعب».
«أما في سوريا فلا شك أن هناك موجة في ظل ما يشهده العالم العربي، لكننا نراهن على وعى الشعب وإدراكه بأن القضية ليست قضية إصلاحات فقط، ولو كانت كذلك لما حدث أي شيء لأننا كنا سباقين في طرح مشروع إصلاحى متكامل، إنما القضية في اعتقاد البعض بأن ثمة فرصة سانحة للانقضاض على سوريا ودورها».
العربى يهز رأسه في إشارة الموافقة على ما يقوله الأسد.
الأسد متابعا: أنت تعلم أننا في عام 2005 أجرينا العديد من الإصلاحات وأقررناها، لكن الظروف هي التي أخرت تطبيقها، ولم تؤثر فينا الضغوط الخارجية ولا كل ما يحاك ضد بلادنا، فقرارنا بالإصلاح هو قرار مركزى سبق كل ما حدث في الدول العربية، ونحن الآن نعمل من أجل تعديل الدستور بشكل شامل، نحن تحركنا مباشرة بعد الاحتجاجات في درعا، تحركنا بغية معالجة ما جري، ولم نقبل أساسًا ما حدث، واتخذنا الكثير من الإجراءات الأمنية والسياسية السريعة لمعالجة الذيول واستقبلت أنا شخصيًا وفودًا خرجت من عندى مقتنعة تمامًا بما حصل، وأعتقد أنه لو اقتصر الأمر على أهل درعا وما جرى فيها لانتهى بسرعة، لكن ثمة أطرافا سارعت إلى التدخل أو أنها كانت معدة سلفًا للتدخل وكانت تنتظر أول فرصة للانقضاض، وقد أدت مساعينا في نهاية الأمر إلى استقرار الوضع في درعا، وعندما تحركنا بجدية نحو الإصلاح اختار البعض أن يتوجه إلى السلاح من أجل إفشال الإصلاحات.
تطرق الأسد إلى الإخوان معتبرا أنهم: «يستخدمون تركيا على نحو رئيسي، وأما في حمص فالوضع مختلف بسبب التدخلات الطائفية وزرع بذور فتنة منذ فترة طويلة، ولعل بعض المسئولية في عدم الانتباه إلى ما يجرى تقع على عاتق عدد من المسئولين الأمنيين.
لقد أريد لحمص وبعض المناطق الأخرى أن تتحول إلى بنغازى جديدة، فالمال موجود والسلاح وأجهزة الاتصالات، ووجدنا أجهزة تصوير لم يرصدها الأمن، ولكن مع مرور الوقت بدأ تفكيك تلك الشبكات، وصارت قوى الأمن السورية قادرة على التقاط الإشارات بقوة وضبط شبكات السلاح واعتقال المسلحين، وكلما مر الوقت صار الجيش قادرًا على فهم طبيعة تلك الشبكات الخطيرة التي تم إنشاؤها منذ فترة غير قصيرة إعدادًا لما يراد له أن يصير حربا أهلية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.