سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في ذكرى مولد الإمام الأكبر عبدالحليم محمود.. يقف في وجه قرار السادات وينتصر.. له رأي قاطع حول تطبيق الشريعة الإسلامية.. يوصي بوضع دستور إسلامي ليكون تحت طلب أية دولة
كان الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق كالأسد الجسور ينطلق في كل ميدان، بعزيمة لا تفتر وجهد لا يترنح، حارب في عدة جهات، حارب الوجودية حين هبت فئة تدعو لها كمذهب حر يجب أن يسود الناس، فأخذ الشيخ يتساءل عن مكمن الحرية في المذهب الوجودي؟ أهى حرية مطلقة بحيث تصبح اعتداء على حقوق الآخرين، لينال امتداده في أي مكان وإن كان يحتله سواه؟ ولد في 2 جمادى الأولى 1328ه الموافق 10 مايو 1910م، بعزبة أبو أحمد قرية السلام مركز بلبيس بمحافظة الشرقية. نشأ في أسرة كريمة مشهورة بالصلاح والتقوى، وكان أبوه ممن تعلم بالأزهر لكنه لم يكمل دراسته فيه. حفظ القرآن الكريم ثم التحق بالأزهر سنة 1923م حصل على العالمية سنة 1351ه "1932م" ثم سافر إلى فرنسا على نفقته الخاصة لاستكمال تعليمه العالي حيث حصل على الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية عن الحارث المحاسبي سنة 1359ه "1940م". بعد عودته عمل مدرسا لعلم النفس بكلية اللغة العربية بكليات الأزهر ثم عميدا لكلية أصول الدين سنة 1384ه "1964م" وعضوا ثم أمينا عامًا لمجمع البحوث الإسلامية فنهض به وأعاد تنظيمه عين وكيلا للأزهر سنة 1390 ه "1970م" فوزيرا للأوقاف وشئون الأزهر. وتولى الشيخ عبد الحليم محمود مشيخة الأزهر في ظروف بالغة الحرج، وذلك بعد مرور أكثر من 10 سنوات على صدور قانون الأزهر سنة 1961م الذي توسع في التعليم المدنى ومعاهده العليا، وألغى جماعة كبار العلماء، وقلص سلطات شيخ الأزهر، وغلّ يده في إدارة شئونه، وأعطاها لوزير الأوقاف وشئون الأزهر، وهو الأمر الذي عجّل بصدام عنيف بين «محمود شلتوت» شيخ الأزهر الذي صدر القانون في عهده وبين تلميذه الدكتور «محمد البهي» الذي كان يتولى منصب وزارة الأوقاف، وفشلت محاولات الشيخ شلتوت في استرداد سلطاته، وإصلاح الأوضاع المقلوبة. وصدر قرار تعيين الشيخ عبد الحليم محمود شيخًا للأزهر في 27 مارس 1973م، وكان هذا هو المكان الطبيعى الذي أعدته المقادير له، وما كاد الشيخ يمارس أعباء منصبه وينهض بدوره على خير وجه حتى بوغت بصدور قرار جديد من الرئيس الراحل أنور السادات في 7 يوليو 1974م يكاد يجرد شيخ الأزهر مما تبقى له من اختصاصات ويمنحها لوزير الأوقاف والأزهر، وما كان من الشيخ إلا أن قدم استقالته لرئيس الجمهورية على الفور، معتبرًا أن هذا القرار يغض من قدر المنصب الجليل ويعوقه عن أداء رسالته الروحية في مصر والعالم العربى والإسلامي. روجع الإمام في أمر استقالته، وتدخل الحكماء لإثنائه عن قراره، لكن الشيخ أصر عليها، وامتنع عن الذهاب إلى مكتبه، ورفض الحصول على راتبه، وطلب تسوية معاشه، وأحدثت هذه الاستقالة دويًا هائلًا في مصر وسائر أنحاء العالم الإسلامي، وتقدم أحد المحامين الغيورين برفع دعوى حسبه أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة ضد رئيس الجمهورية ووزير الأوقاف «بصفتيهما»، طالبًا وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية. إزاء هذا الموقف الملتهب اضطر السادات إلى معاودة النظر في قراره ودراسة المشكلة من جديد، وأصدر قرارًا أعاد فيه الأمر إلى نصابه، جاء فيه: «شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأى في كل ما يتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام، وله الرياسة والتوجيه في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية والعربية في الأزهر».