بكين تقترب من إقامة قاعدة عسكرية بجيبوتى وطدت علاقتها العسكرية بدول مؤثرة مثل الجزائر ونيجيريا بالتدريب والتسليح والمساعدة التقنية تساعد في إطلاق أول مفاعل كينى بقدرة إنتاجية تصل إلى 100 ميجاوات «لقد عادت الصين إلى الأممالمتحدة محمولة على أعناق الإخوة الأفارقة»، هذه العبارة التي أطلقها الزعيم الصينى، ماو تسى تونج، الذي قال «لن ننسى أبدًا أن الممثلين الأفارقة صفقوا ورقصوا في قاعة اجتماع الدورة ال26 للجمعية العامة الأممية في عام 1971 تعبيرًا عن فرحهم لاستعادة جمهورية الصين الشعبية مقعدها في الأممالمتحدة»، تعكس طبيعة العلاقات الصينية الأفريقية. تعلمت الصين من أخطاء الأوروبيين والأمريكيين في القارة السمراء، فلم تتعامل معهم بمنطق المستعمر المستحوذ على ثرواتهم، لم تتعالَ عليهم دبلوماسيا وشعبيا، وعملت على وضع أسس عميقة في تعاملها مع القارة الأفريقية، وأعلت مبادئ لغة المصالح المتبادلة، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها الداخلية أو فرض سيطرتها عليها، عبرت بكين إلى قلب أفريقيا من باب الشراكة، دون فرض أي شروط سياسية مسبقة. وتمثل أفريقيا أهمية خاصة لبكين التي تعتمد في ثلث وارداتها النفطية على النفط الإفريقى، والذي تحتاجه الصناعة الصينية العملاقة التي تستهلك النفط بنهم، حيث أضحت ثانى أكبر مستهلك للنفط في العالم، وتعد السودان وتشاد والجزائر والجابون المصدر الرئيسى للنفط الإفريقى بالنسبة لبكين. ونسجت بكين علاقات قوية مع الشعوب الأفريقية عبر الدبلوماسية الشعبية التي دشنها الرئيس الصينى السابق «هو جنتاو» في العام 2009 والتي سعى من خلالها إلى تعزيز الروابط الشعبية من خلال توفير المنح التعليمية، وتبادل زيارات الفنانين والمثقفين والصحفيين والأطباء وغيرهم. وتواصلت زيارات الرؤساء الصينين للدول الأفريقية، مالى والسنغال وتنزانيا وموريشيوس وأكثر من 14 دولة، لمواصلة توسيع وإثراء علاقة الصداقة التقليدية الصينية الأفريقية وتثبيت الثقة المتبادلة وتعزيز الشراكة الإستراتيجية وتطويرها. وكما غزت بكين قلوب الشعوب الأفريقية فقد عملت على نسيج علاقات قوية بالسياسيين والدبلوماسيين بشخصيات مؤثرة في دولهم الأفريقية، تكسب بكين العديد من الأصدقاء والزعماء الأفارقة، وتنفق بسخاء وصولا لذلك. وشيدت الصين قصرًا رئاسيًا ضخمًا للرئيس السودانى عمر البشير بجوار القصر القديم على ضفاف النيل الأزرق، وتبلغ المساحة الكلية لقصر البشير الجديد نحو 18 ألفًا و600 متر مربع، محاط بحدائق على طول 15 ألف متر، ويتكون المبنى من ثلاثة طوابق، بديل قصر الجنرال غوردن الأبيض، وقد ظل لسنوات منزلًا للرئيس السودانى عمر البشير، خصص الأعلى منها مكتبا رئاسيا، ودور لنواب الرئيس، و7 صالات استقبال، و14 مصعدًا قال عنه وزير الرئاسة صلاح ونسى خلال الافتتاح أنه الأكبر والأشمخ في كل أفريقيا بلا مثيل بتكلفة مليون دولار. وشيدت الصين في السنوات الأخيرة العديد من القصور المُماثلة في أنجولا وبوروندى وغينيا بيساو وليسوتو وملاوى وموزمبيق وسيراليون وتوجو، وتقوم ببناء مجمع يكون مقرًا للوزارات الحكومية في غينيا، إضافة إلى بناء قصر العدالة ومستشفى عسكري وسد على نهر جيبا للرى ولتوليد الكهرباء. وشاركت بكين في توفير سبل الراحة والرفاهية للسكان المحليين، فأنشأت أكثر من 3300 كم من الطرق، و30 مستشفى، و50 مدرسة، و100 محطة توليد طاقة، في أكثر من 40 دولة أفريقية، وبعثت التجار والأطباء، فأرسلت البعثات الطبية التي قاربت 17 ألف طبيب إلى 43 دولة أفريقية، وعملت على تدريب 10916 مسئولا وفنيا، واختيار 100 من كبار الخبراء الزراعيين الصينيين، وإقامة مشروعات المراكز الفنية الزراعية النموذجية. السياسة الصينية تجاه أفريقيا، اتخذت مسارًا أكثر فاعلية، عندما أعلنت اتبعاها سياسات جديدة لتدعيم التعاون مع أفريقيا، عرفت بالإجراءات الثمانية، شملت التجارة، والاستثمار، وتبادلات الأفراد، قدمت الصين قروضًا معفاة من الفائدة، وقروضًا تفضيلية، وائتمانا تفضيليا للمستوردين، وقروضا تجارية دعما لمشاريع البنية التحتية المحلية. ووقعت الصين مع 22 دولة أفريقية على اتفاقيات إطارية بشأن قروض بشروط ميسرة، لدعم 33 مشروعًا، واتفاقيات في مجال الإعفاء من الديون، تم بموجبها إعفاء 32 دولة أفريقية من 150 دينًا، بدون شروط. واتجهت بكين إلى تطبيق إجراءات إلغاء التعريفة، وبدء صندوق التنمية الصينى - الإفريقى نشاطه، الأمر الذي جعل الصين هي الصديق الأول للشعوب الأفريقية. وزحفت بكين بهدوء للقارة السمراء لتغزوها اقتصاديا، حتى أصبحت الشريك الاقتصادى الثانى لدول القارة بعد الولاياتالمتحدة، بل وقاربت على تجاوزها لتصبح الأول بلا منازع. وقفز حجم التبادل التجارى بين الصين والدول الأفريقية من عشرة مليارات دولار عام 2000 إلى أكثر من مائتى مليار دولار حاليًا، ويقدر عدد الشركات الصينية بأكثر من 2000 شركة تتنوع نشاطاتها في مجال الزراعة والتعدين والبناء والتعمير، وقطاعات التجارية والاستثمارية، هذا إضافة إلى العمال والخبراء الصينيين، وقد أقامت الصين مناطق اقتصادية خاصة بها في خمس دول أفريقية. وبادرت إلى إنشاء منتدى التعاون الصينى - الإفريقى (FOCAC) لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين الصين والبلدان الأفريقية في القطاعين العام والخاص، وقد أصبح مؤخرًا يضم في عضويته أكثر من 45 دولة أفريقية. وقد أقر المنتدى الخامس للتعاون الإفريقى الصينى في بكين على خطة عمل، تقضى بحصول الدول الأفريقية على قروض مالية ميسرة من الصين ب20 مليار دولار لتطوير البنى التحتية، الزراعية والصناعية، لتحقيق التنمية الذاتية والتنمية المستدامة. المساعدات التي تقدمها الصين تلعب دورًا إيجابيًا في تحسن أفريقيا ظروفها التنموية الاقتصادية والاجتماعية، وترفع قدرتها التنموية الخاصة، فمنحت غينيا ثلاثة ملايين دولار في إطار معاهدة التعاون الفنى والاقتصادى التي وقعتها الدولتان وتعهدت الصين بموجب المعاهدة بفتح سوقها ل442 سلعة من غينيا بأسعار تفضيلية. ومنذ عدة أيام افتتح رئيس توجو، فاورى جيناسينبى، صالة جديدة بالمطار بعد تجديدها بمساعدة تمويلات صينية، وقد تم تجديد الصالة الجديدة بمطار جناسينجى إيدياما الدولى بالعاصمة لومى باستثمارات يصل قدرها إلى 150 مليون دولار مقدمة من بنك الاستيراد والتصدير الصينى، وأعيد تصميمها وبناؤها بمساعدة شركتين صينتين، ليصبح المطار قادرًا على استيعاب 1.6 مليون راكب سنويا، فيما زادت قدرته على السنوية على تعبئة وشحن السلع من 15 ألف طن إلى 35 ألف طن، ليصبح أحدث المطارات الدولية بغرب أفريقيا، ويمنح العاصمة لومى الفرصة لتصبح محور للمطارات في المنطقة الفرعية، ويضع أساسًا صلبًا للتنمية الاقتصادية بتوجو. وقامت بكين بخطوة مُماثلة قبلها بفترة بجيبوتى، وقامت شركة حكومية صينية بشراء حصة كبيرة في ميناء جيبوتى ذى الأهمية الكبيرة مقابل 185 مليون دولار، فضلًا عن وعود بمشروعات تنموية وصيانة كاملة للبنية التحتية للدولة الفقيرة، وتبنى شركة هندسة السكك الحديد الصينية وشركة الصين لإنشاءات الهندسة المدنية، خط السكة الحديد الذي يبلغ طوله 700 كيلومتر، ويعمل بالكهرباء ليربط أديس أبابا بميناء (دوراليه) في جيبوتى، وهو مشروع ذى أولوية ضمن خطة التحول والنمو، الحكومة الصينية تمول المشروع بقرض قيمته 3.3 مليار دولار. واتجهت بكين لتصدير خبرتها النووية في مجال الطاقة لدول القارة، وفتح الباب أمام تسويق تكنولوجيتها، ففى نيروبى وقعت الحكومة الكينية على اتفاق مع الصين في إطار مشروع المفاعلات النووية الذي يهدف إلى إطلاق أول مفاعل كينى بقدرة إنتاجية تصل إلى 100 ميجاوات واستخدام الكهرباء النووية، وقد تم توقيع بكينالصينوجنوب أفريقيا على اتفاق تعاون في قطاع الطاقة النووية، حيث تعتزم جنوب أفريقيا شراء من 6 إلى 8 مفاعلات جديدة، الإسهامات الاقتصادية والتنموية إلا محدودة التي قدمتها بكين، جعلت منهم ضيفًا مرحبًا به عسكريًا على أرض القارة السمراء. وشارفت بكين على الانتهاء من إقامة قاعدة عسكرية بجيبوتى في منطقة أوبوك، حيث توصلت الدولتان إلى توافق بشأن القاعدة التي ستستخدم في الأساس كاستراحة عسكرية وفى إعادة تموين القوات التي تقوم بمهام بحرية أو إنسانية أو مهام لحفظ السلام، كذلك وطدت بكين علاقتها العسكرية بدول مؤثرة بالمنطقة، مثل الجزائر ونيجيريا بالتدريب والتسليح والمساعدة التقنية.