المدقق فى أحداث أسبوع الآلام، يجد دورا بارزا للمرأة يكشف عن شجاعتها وقوة شخصيتها وحضورها الصادق بشكل يتجاوز كثيرا ما فعله الرجال، وهو دور لا يلقى عليه الضوء نتيجة للتفكير الذكورى الذى يغلف حياتنا وتفكيرنا حتى فى الروحانيات، والأمثلة كثيرة ومتعددة ومنها قصة مريم أخت لعازر التى أدت واجب الضيافة، وسكبت الطيب على رأس السيد المسيح ثم قدميه. ووقتها كان من غير المعتاد أن تدهن قدميه، بل مسحت قدميه بشعرها، وإذا كان الشعر هو مجد المرأة (1كو15:11)، فهذا يدل على منتهى الاتضاع والانسحاق، وأكد المسيح على تكريم هذه المرأة، وطلب أن «يذكر ما فعلته تذكارا لها»، هذا فى الوقت الذى كان يهوذا تلميذه يعقد مؤامرته الحقيرة على خيانته. ووقت القبض على المسيح هرب تلاميذه الرجال، ولم يبق منهم سوى يوحنا الحبيب، أما المريمات أمه وخالته والمجدلية، فقد رافقنه فى المحاكمات ووقت الجلد والصلب، وهو نفس الوقت الذى أنكره فيه تلميذه بطرس ثلاث مرات، ولم تنكره أى من تلميذاته. وفى طريقه وهو يحمل الصليب خرجت بنات أورشليم القدس للبكاء عليه فى نحيب يعبر عن صدق وعطف المرأة. وقفت مريم العذراء عند الصليب وهى ترى ابنها معلقا على الخشبة فى منظر لا يحتمله قلب أى أم تحضر ذبح ابنها الوحيد أمام عينيها، فهل هناك أشجع وأعظم من ذلك.