أثار بيان وزارة الخارجية السودانية، الذي طالبت خلاله مصر ب«التفاوض المباشر» حول منطقتى «حلايب» و«شلاتين»، أسوة بما تم مع السعودية بشأن جزيرتى «تيران» و«صنافير»، ردود فعل مصرية واسعة، رسميًا وشعبيًا، تضمنت في مجملها تأكيدا على أن المنطقتين «أراضٍ مصرية، وتخضع للسيادة المصرية». «الأهالي» للبشير: «انسى» «البوابة» اختارت في تحقيقها للقضية أن يكون استطلاع رأى «أصحاب الشأن»، وهم أهالي «حلايب» و«شلاتين»، في المقدمة، الرأى الذي عبر عنه ممدوح على عمر، عضو مجلس النواب، عن المنطقتين، بقوله: «أرضنا مصرية والأمر منتهٍ». وأوضح «عمر» أن تصريحات المسئولين السودانيين ليست جديدة، وهى تتكرر من فترة إلى أخرى، والمسئولون المصريون ردوا عليها مسبقا في أكثر من مناسبة، وتابع بقوله: «الأمر منتهٍ، لأن حلايب وشلاتين أرض مصرية، والحكومة المصرية تفرض سيادتها وسيطرتها عليها، ولا تشكيك في ذلك». وشدد نائب حلايب وشلاتين على ضرورة ألا يتم الانسياق وراء تلك الأمور، حتى لا يحدث توتر بين الجانبين المصرى والسودانى، خصوصا أن «الخرطوم» لاعب أساسى في أزمة مشروع «سد النهضة»، الذي يعد أمرا أكثر أهمية من تلك التصريحات التي تتردد كثيرا، مشيرا في الوقت ذاته إلى أهمية تنمية المنطقتين، خصوصا بمشروعات تمس المواطن بشكل مباشر. من جانبه، قال الشيخ طاهر سدو، المتحدث باسم «مشايخ حلايب»، إن قبائل المنطقة أعلنت موقفها مسبقا بخصوص ما يدعيه السودان بأن المنطقتين تتبعانه، فهو كلام ليس له أساس من الصحة، موضحا أن بالفعل في البداية كانتا تتبعانه إداريا فقط، وتوجد اتفاقية تدرس في المناهج السودانية تشير إلى ذلك، مضيفا: «هذه الاتفاقية منذ 1898، وتنص على أن الفاصل الحدودى بين مصر والسودان خط 22، ومن لديه أي مستند أو تفويض سياسي يثبت صحة تلك الادعاءات يظهره». وأكد سدو أن حلايب وشلاتين مصريتان وأهلهما مصريون، وهم الذين يقررون مصير منطقتهم، ومن قديم الزمن وقبائل المنطقتين ذات أصول فرعونية، مضيفا: «السودان مالهوش حاجة في حلايب وشلاتين». وتابع: «التصريحات الخاصة بسودانية المنطقتين غير مقبولة وغير حقيقية، والدولتان تحدثتا في الأمر منذ سنوات، وجميع الوثائق والخرائط أثبتت أحقية مصر في الأرض»، موضحا أن أهالي «حلايب» يفخرون بمصر، وانتماؤهم لأجدادهم الفراعنة، ويعتبرون أنفسهم حماة الوطن ورجاله ولا يقبلون أي تعد عليه. ونوه بأن أكبر القبائل التي تسكن مثلث «حلايب»، وهم «الرشايدة»، و«العبابدة»، و«البشايرة»، رفضوا دعوة الحكومة السودانية لهم بالمشاركة في الانتخابات السودانية، وأعلن قيادات القبائل الثلاث، أثناء احتفالهم بانتصارات أكتوبر 2009، أنهم مصريون 100٪. الموقف الرسمي: «مصريتان ولا تفاوض» رسميا، أصدرت وزارة الخارجية المصرية، بيانا ردت خلاله على التصريحات السودانية، وأكدت فيه أن «حلايب» و«شلاتين» أراض مصرية، وتخضعان للسيادة المصرية، واكتفت بذلك معقبة: «مصر ليس لديها أي تعليق إضافي على بيان الخارجية السودانية». بينما قال أسامة شلتوت، السفير المصرى في السودان، إن السفارة المصرية في «الخرطوم» لن تجرى أي اتصالات مباشرة مع الحكومة السودانية، بشأن طلبها التفاوض حول مثلث حلايب وشلاتين، موضحا أن التنسيق يجرى فقط من خلال وزارة الخارجية. وأكد «شلتوت»، ل«البوابة»، أن «حلايب وشلاتين أراض مصرية، وتقع تحت سيادة مصر، والسفارة ليس لديها تعليق غير ذلك»، مشيرا إلى أن السودان عرض التفاوض أكثر من مرة، ومصر ردت بشكل قاطع بأن الأرض ملكها، والأمر غير قابل للتفاوض. وأشار إلى أنه إذا لجأ السودان إلى التحكيم الدولى كما هدد في بيانه، فإنه سيخسر القضية، لأن الأراضى «مصرية مائة في المائة». الخبراء يتسلحون بآلاف الوثائق وفيما يتعلق بالخبراء، قال الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى، إن السودان لن يلجأ للتحكيم الدولى بشأن «حلايب وشلاتين»، لأنه يعلم جيدا أنه سيخسرها، وأن مصر لديها كل الحق في ملكية الأرض، موضحا أن مصر سمحت بوجود إدارة سودانية استثنائية داخل هذه المنطقة عام 1953 لغرض إنسانى، وهو تقديمات المساعدات الطبية والعلاجية للسودانيين، لذلك فإن ادعاء السودان بأنه فرض سيطرته على المنطقة ادعاء مرفوض، ولا يمت إلى الواقع بصلة. من جانبها، قالت الدكتورة هايدى فاروق، مستشار قضايا الحدود، إن هناك 1500 وثيقة، بينها وثائق بالأرشيف البريطانى تؤكد ملكية مصر ل«حلايب وشلاتين»، فيما لا يملك السودان «وثيقة واحدة» تؤكد تبعيتهما له. وقالت ل«البوابة»: «السودان نفسه يملك ما يزيد على 1500 وثيقة، تؤكد ملكية مصر لحلايب وشلاتين، بينما لا يملك وثيقة واحدة تؤكد ملكيتهما له»، منوهة بأنه بعد صدور قرار بإنهاء الحماية البريطانية على مصر، حاولت الحكومة البريطانية وقتها ضم «حلايب وشلاتين» إلى السودان، للاستيلاء على خيراتهما والاستفادة منهما، لكنها لم تتمكن من ذلك. وأضافت فاروق، أن الوثائق البريطانية، بالأرشيف البريطانى، تؤكد أيضا ضم «حلايب وشلاتين» ضمن حدود مصر بشكل مستقيم منذ عام 1924، مشيرة إلى أنه في عام 1968، وَقَع تحت يد أحد الباحثين المصريين، وثيقة عبارة عن «منشور سرى للغاية»، وزعته حكومة السودان على مديرى مديرياتها عام 1954، تأمرهم فيه بإبادة جميع الوثائق التي تثبت حقوق مصر التاريخية على السودان. ونوهت بأنه في عام 1958 ثار النزاع حول «حلايب وشلاتين»، وذلك بعد صدور قانون تقسيم الدوائر الانتخابية السودانية، الذي شمل المنطقة، فأرسلت الحكومة المصرية مذكرة في فبراير 1958، جاء فيها أن هذه المناطق تخضع للسيادة المصرية، فلما لم ترد الحكومة السودانية على هذه المذكرة، تقدمت الحكومة المصرية بمذكرة أُخرى نفس الشهر، بطلب استعجال الرد، وأشارت إلى أن الاستفتاء سيجرى يوم 21 فبراير عام 1958، ولذلك فإن المسألة يقتضى إنهاؤها حتى يتمكن المواطنون من الإدلاء بأصواتهم، ولم ترد الحكومة السودانية، على هذه المذكرة أيضا. وتابعت أن مصر أرسلت مذكرة ثالثة، لإخطار الحكومة السودانية بأنها سترسل لجان الاستفتاء إلى هذه المناطق، ثم اتصل رئيس وزراء السودان، بوزير الداخلية المصرية، وطلب إِرجاء نزاع الحدود إلى ما بعد الانتخابات السودانية، وهو ما وافقت مصر عليه، حتى فوجئت بتقديم السودان شكوى إلى مجلس الأمن، جاء في حيثياتها ادعاء السودان، بأن مصر قد تنازلت عن هذا المثلث بدليل أنها لم تجر فيه استفتاء رئاسة الجمهورية والدستور. فيما أكد الدكتور صلاح فوزى، الفقيه الدستورى، أن مصر غير مضطرة للاستجابة إلى تلك الدعوات، لأن منطقتى «حلايب وشلاتين» تخضعان للسيادة المصرية، بدليل أنهما تقعان ضمن التقسيم الإدارى المصرى. وأشار إلى أن قانون «تقسيم الدوائر» الأخير شمل منطقتى «حلايب وشلاتين»، بعدما قسمت اللجنة المكلفة بوضع «قانون تقسيم الدوائر الانتخابية»، محافظة البحر الأحمر، إلى 3 دوائر، من بينها الدائرة الثالثة بمنطقة شلاتين، ومقرها قسم شرطة شلاتين، ومكوناتها الإدارية وهما المنطقتان، وتمثل الدائرة حاليا بمقعد في البرلمان.