للمرة الثالثة، يفتتح مهرجان كان فعالياته بفيلم للمخرج «وودى آلان»، فيلم آلان هذه السنة هو «café society» الذى تدور قصته حول شاب يصل إلى هوليوود فى ثلاثينيات القرن الماضى على أمل العمل فى صناعة السينما، ويقع فى الحب ويجد نفسه غارقًا داخل المجتمع الهوليوودى الحديث. فيلمان آخران لآلان عُرضا فى افتتاح كان، أولهما «Hollywood ending» عام 2002 الذى يحكى قصة مخرج يقوم بدوره «آلان» يصاب بالعَمَى المؤقت أثناء تصوير أحد أفلامه. الفيلم الثانى هو «Midnight in Paris» عام 2013، وتدور أحداثه فى باريس حول كاتب شاب يعود به الزمن لثلاثينيات القرن الماضى، ويقابل فنانى هذا التوقيت الذى أطلق عليه العصر الذهبى للفن. آلان الذى كسر حاجز الثمانين أخرج للسينما ما يقرب من 50 فيلما، إلى جانب كتابة سيناريوهات تفوق هذا العدد أيضًا، بدأ حياته مع الخمسينيات كاتبًا للنُكَت ومؤلفًا للقصص الخفيفة، ثم بدأ فى الستينات عمله كمؤد لعروض الستاند أب كوميدى التى صنف على أساسها عام 2004 من المركز الكوميدى الأمريكى فى المركز الرابع ،ومن المملكة البريطانية فى المركز الثالث فى قائمة ضمت أفضل مائة ممثل كوميدى، هذا بالإضافة إلى كون آلان عازفًا لموسيقى الجاز التى يلعبها حتى الآن فى صالة صغيرة بولاية منهاتن. رُشح آلان للإوسكار حوالى 27 مرة، نال 3 منها عن كتابة السيناريو، وواحدة عن الإخراج، كما فاز سبعة من أبطال أفلامه بالجائزة، لكن الغريب أنه لم يذهب ولا مرة لتسلم أى جائزة، لأنه كما يصرح يرفض فكرة الجوائز من الأساس. فى حوار صحفى معه يقول آلان: «أتعلم، لا توجد إجابة متفائلة حول هذه الحياة مهما تحدث الفلاسفة أو رجال الدين أو علماء النفس، جوهر ما يقال أن هذه الحياة لها أجندتها الخاصة، وأنها لا تسير كيفما تريد، وأن جميعنا سوف ينتهى إلى مكان سيئ يوما ما آجلا أم عاجلا، وكل ما عليك كفنان أن تأتى بأشياء تشرح للناس لماذا تستحق الحياة أن نعيشها، وبأنها شيء إيجابى ذات معنى، الآن يمكنك أن تفعل ذلك دون أن تخدعهم، لا يمكنك أن تكون صريحا لأن الحقيقة هو أن الحياة بلا معنى، أنت تعيش فى كون عشوائى، حياة بلا معنى، ومرة أخرى فكل شيء حققته مصيره الزوال، الأرض ستزول، الشمس ستنفجر والكون سينتهى، وكل أعمال شكسبير وبيتهوفن ومايكل أنجلو ستختفى يوما ما، مهما قدرناها، لذا من الصعب أن تقنع بأى شيء إيجابى حيال ذلك». هنا نستطيع أن نفهم كيف يتعامل آلان مع أفلامه المتنوعة بشكل مدهش، حتى إنك تشعر أن هناك كنزا متجددا يغرف منه، ليظهر كل مرة بوجهٍ جديد، فهو لا يأخذ الحياة على محمل الجد، كل ما هنالك أنه يريد أن يلعب ويجرب طوال الوقت، فتجد دائما الفلسفة العميقة المغلفة بكوميديا طافية على السطح كشكل من السخرية من العالم المثالى الموجود داخل الروايات والذى ينتصر فيه الخير فى النهاية، فهو يتعامل مع أفظع الجرائم البشرية ومع أكبر المشاعر الإنسانية من الحب والألم بأنها إلى زوال، بحيادية تامة حتى إنك تتصور أن هذا هو العادى، وأن هذا هو العالم! .