مفاجأة قوية أعلنها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بإعلانه الانسحاب العسكرى من سوريا، وهو الأمر الذى لم يكن متوقعا بأى حال، نظرا للعلاقة القوية بين موسكو والرئيس السورى بشار الأسد. ووفقا لخبراء ومراقبين للأزمة السورية فإن قرار روسيا يثير الكثير من الجدل خاصة أن التدخل الروسى فى سوريا جاء فى إطار أربع أولويات تعديل موازين القوى، بما يضمن استقرار الدولة السورية، وبطبيعة الحال المصالح الروسية فى سوريا. ومن بين هذه الأهداف إضعاف «داعش» والجماعات المتشددة الأخرى، وذلك عبر استهداف الإرهابيين القادمين من جمهوريات الاتحاد السوفياتى السابق، وتجربة منظومات عسكرية فى إطار عملية التحديث التى تقوم بها روسيا منذ فترة لترسانتها، وربط النزاع السورى بملفات أخرى مرتبطة بالصراع مع الغرب (القرم، أوكرانيا، العقوبات الاقتصادية) وعليه فإن حيثيات قرار سحب القوات الروسية من سوريا تبقى مرتبطة بالأهداف الأربعة مجتمعة. على الرغم من تحول غالبية المعارضة السورية من سياسية وجماعات ضغط إلى مقاتلين وجماعات مسلحة بعضها له ظهير سياسى قابل للتفاوض وبعضها رافض بأى حال التفاوض ويفضل استمرار معاركه حتى لو رحل الأسد وبعض المعارضة يركز على أن رحيل الأسد وخروج حزب الله يسمح لنا بالتخلى عن السلاح والتوصل إلى حلول سياسية. وظهر ذلك جليا واضحا من خلال المؤتمر الذى عقدته المملكة العربية السعودية فى فبراير الماضى بالعاصمة الرياض لوضع خطة كاملة للتحرك السياسى والدبلوماسى وتوحيد المعارضة السورية وهو المؤتمر الذى حضره عدد كبير من المعارضة المسلحة وغير المسلحة السورية وأسفر عن نتائج مهمة على إثرها بدأ تشكيل هيئة تفاوضية توجد فى «جنيف» حاليا لبحث الوصول لحل سياسى، ولم يفرض ذلك سوى «داعش وجبهة النصرة التى فضلت الاحتفاظ ببيعة القاعدة». ولا يزال الرئيس السورى بشار الأسد يحتفظ بأوراق مهمة فى الصراع السورى وهو ما يجعله قويا إلى حد ما ومتماسك رغم كل الصراعات التى تمر بها سوريا والخسائر منذ بداية الصراع السورى فى 2011 ولعل أهم ما يقوى شوكة الأسد هو بقايا الجيش السورى ورجاله الذين تمسكوا ببقائه وغالبيتهم من طائفة الشيعة العلويين التى ينتمى لها الأسد. إلا أن السبب الرئيسى والأساسى فى الدعم المقدم للأسد، هو إيرانوروسيا اللتين وقفتا بقوة إلى جوار «الأسد» منذ بداية الأزمة، وعلقت إيران بدورها على الانسحاب الروسي، مؤكدة أن ذلك إشارة إيجابية، وهو ما أثار مزيدا من الجدل والتساؤل عما إذا كانت تراجعت عن دعمها للأسد أيضا.