ظروف استثنائية، تعقد خلالها الدورة العادية للقمة العربية ال27، لمواجهة العديد من التحديات، على رأسها البيان المغربى الرافض لاستضافة تلك الدورة بزعم عدم جدواها، وأن مثل تلك الاجتماعات تقتصر على إلقاء الخطب لتعطى انطباعا خاطئا عن الوحدة والتضامن بين الدول العربية، فضلا عن ملفات تنذر بخلاف كبير بين القادة العرب خلال القمة المقبلة خصوصا ملف إدراج «حزب الله» كمنظمة إرهابية، إضافة إلى وضع آليه التعاون العربى الدولى لمواجهة التمدد الداعشى في المنطقة، كل تلك الملفات تنتظر قرارات حاسمة ترد على بيان المغرب، وتقول للعالم إن متطلبات المرحلة تنذر بإجراءات جديدة للجامعة، إما أن تعبر عن نفسها بصفتها منظمة دولية تستطيع أن تتخذ قرارات وتنفذها، وإما أن يتم اتخاذ قرارات بتوقف أعمالها لاستبدالها بمنظمات عربية أخرى أكثر فاعلية، بحسب دبلوماسيين. ليست الأزمات الدولية وحدها هي من تهدد بقاء «الجامعة العربية»، بل أيضا تمويلها، فهناك مليارات الدولات الخليجية تصرف سنويا على موظفى الجامعة وتطويرها وانعقاد اجتماعاتها الدورية، فالأموال الطائلة التي تخرج من الخليج للجامعة ما هي إلا دعم لمنظمة دولية ما عليها سوى دعم قراراتها، الأمر الذي بات جبريا وخاصة بعد احتدام الصراع السعودى مع «حزب الله» فالمعركة المقبلة بين العرب ستكون إما الوقوف إزاء القرار السعودى باعتبار حزب الله منظمة إرهابية، وإما رفع يد السعودية عن تمويل الجامعة، الأمر الذي سيدعمها فيه باقى دول الخليج، فلا ينسى أحد صمت السعودية على الملايين التي دفعتها لصندوق القدس بالجامعة العربية لدعم القضية الفلسطينية طبقا لالتزامها بقرار مجلس الجامعة، والذي تم سرقته ولم يجر إلى الآن أي تحقيق بالواقعة، كل هذا يشير إلى أن اعتبار دعم تلك المنظمة الدولية لقراراتها أمرا يستحق تخطى كل التحديات. إرث ثقيل ينتظر الأمين العام للجامعة العربية الجديد، أحمد أبوالغيط، خلال القمة العربية المقبلة المقرر عقدها مطلع يوليو المقبل، فإضافة إلى الملفات العربية التي تنتظر قرارات صريحة وجذرية، تأتى مواقف أبوالغيط السابقة من بعض الدول العربية التي تطلب بذل مزيد من الجهد لتحسين صورته أمام تلك الدول وتبرير مواقفه وإبرام مصالحات وتقديم خطة تؤكد أنه يستحق أن يمثل كل دول العرب. أثارت بعض مواقف أبوالغيط أثناء شغله حقيبة الخارجية المصرية، جدلا كبيرا بسبب اعتبارها مخالفة للسياق العام العربى في تلك الفترة، وجاء أبرزها اعترافه بإفشال القمة العربية التي عقدت في الدوحة عام 2009 لوقف الحرب على غزة، في موقف تخلى فيه عن الدبلوماسية المطلوبة، وفى لقاء مع الإعلاميين، قائلا إن القاهرة كانت وراء إفشال القمة، حيث قررت مصر والسعودية مقاطعتها، لعدم اكتمال النصاب القانونى لعقدها، مؤكدا أن مصر قصدت عدم اكتماله بحجة أن الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك لم يكن موافقًا عليها. «قطر تلعب دورا أكبر من حجمها».. كلمات خارج إطار الدبلوماسية وضعت أبوالغيط في مأزق عدم التوافق عليه من قبل مجلس الجامعة، وتطلبت منه اتخاذ إجراءات فورية لحل تلك الأزمة، واضطر لأن يعد مجلس الجامعة بعمل جولة تشمل قطر لتقريب وجهات النظر، ودرء الخلافات للتوحد حول هدف واحد يتمثل في محاربة الإرهاب، وخاصة بعد أن قوبلت تصريحاته الهجومية على قطر التي قال فيها إنها تلعب دورا إقليميا أكبر من حجمها، مشيرا إلى أن الدوحة استغلت الدور الإيجابى الذي نجحت فيه أثناء التوسط لحل الأزمة بين الأطراف اللبنانية في استمرار سياستها والتحرك في المنطقة العربية بأريحية سواء في السودان أو القضية الفلسطينية، حيث رأى أن التحركات القطرية ما هي إلا مزاحمة للدور المصرى والسعودى عن طريق الدعم المالى لأطراف النزاع. «قطع العلاقات مع إسرائيل ليس بالسياسة الحكيمة».. تعليق صريح قاله أبوالغيط، ردا على المطالبات بقطع العلاقات مع إسرائيل أو تجميد معاهدة السلام، عقب تزايد عمليات القصف الإسرائيلية ضد لبنان عام 2006، حيث اعتبر أن ذلك سيكون بمثابة «إعلان حرب»، مؤكدا أن هناك تعاقدا مصريا إسرائيليا ممثلا في اتفاقية السلام، وأن مصر دولة تحترم التزاماتها الدولية، فضلا عن لقطته الشهيرة وهو يمسك بيد وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبى ليفنى بعد أن كادت توشك على السقوط على سلالم قصر الاتحادية، عقب مؤتمر صحفى أعلنت ليفنى بعده شن حرب على قطاع غزة، وقيل وقتها إن ليفنى أعلنت الحرب على غزة من قلب قصر مصر، الأمر الذي تطلب أن تخرج أول تصريحاته بعد إعلانه أمينا عاما للجامعة العربية بنفى ما قيل ووصفه ب«الشائعات». «حزب الله» ملف جديد يدرج على قائمة الموضوعات التي ستعرض على القادة العرب خلال القمة المقبلة والتي تنتظر قرارا فوريا، وخاصة بعد أن اتخذت دول مجلس التعاون الخليجى في اجتماعها الأخير قرارا باعتبار حزب الله منظمة إرهابية لا يتورع عن ارتكاب أعمال الإرهاب، وتهديد سيادة وأمن واستقرار دول الخليج، وكذلك قرار وزراء الداخلية العرب باعتبار حزب الله جماعة إرهابية. فموقف «السعودية» من كلمة العراق خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في دورته ال145، بالانسحاب من الاجتماع احتجاجا على تأييد وزير الخارجية العراقى إبراهيم الجعفرى ل«الحشد الشعبى وحزب الله»، حيث قالت مصادر من داخل القاعة الكبرى بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية بأن وزير الخارجية العراقى إبراهيم الجعفرى قال: «الحشد الشعبى وحزب الله حافظا على كرامة العرب، ومن يتهمهما بالإرهاب هم الإرهابيون»، الأمر الذي دعا الوفد السعودى إلى الانسحاب إعلانا لرفضه مثل تلك التصريحات. فأزمة سعودية-عراقية تنذر بكارثة خلال القمة المقبلة، حيث إن تصريحات «الجعفرى» المناهضة للرياض خلال الاجتماع لم تكن محض صدفة، بل جاءت كرسالة قوية للرياض -بحسب دبلوماسيين- لتقول بأنه لا مجال للإجماع على إدراج «حزب الله» كمنظمة إرهابية، وأن بغداد بصفتها إحدى الدول الأعضاء بالجامعة العربية ستواجه المقترح السعودى بصفته غير مقبول بالنسبة لها، على أن تكون تلك المواجهة الثانية بين العراق والسعودية. وكانت المواجهة الأولى في يناير الماضى عندما استدعت العراق السفير السعودى في بغداد ثامر السبهان بعد تلميحه إلى أن عناصر الحشد الشعبى المسلحين والمدعومين من إيران يغذون المشاعر الطائفية في العراق، مشيرا إلى أن الجماعات التي تقف وراء أحداث المقدادية لا تختلف عن تنظيم داعش، الأمر الذي أثار موجة ردود فعل غاضبة في العراق، أعلن على أثرها وزيرا الخارجية العراقى إبراهيم الجعفرى والسعودى عادل الجبير رفضهما لتصريحات السفير السعودى في بغداد، وأكد الجبير أن تلك التصريحات لا تعبر عن الموقف الرسمى للسعودية تجاه العراق، الأمر الذي بدا للوسط الدبلوماسى بأن السعودية لا تسعى لتفاقم الأزمة. 25 بندا لمواجهة «إسرائيل» و«داعش» «25 بندا» سيقوم «أبوالغيط» بدراستها ووضع آلية لعرضها خلال القمة المقبلة، تتضمن القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقضايا الراهنة والتحديات التي تواجه العرب، خصوصا فيما يتعلق بالأمن القومى العربى وصيانته ومكافحة الإرهاب وتطورات الأوضاع في فلسطين واليمن وليبيا وسوريا. كما سيواجه التحدى الأخير الذي فشل فيه نبيل العربى أثناء القمة العربية الماضية، وهو الالتفاف حول تدشين وعمل «القوة العربية المشركة» أو إعادة إعمال «الجيش العربى» الذي عقدت على شرفه القمة العربية بالإسكندرية عام 1963، وبقى حتى الآن «حبرا على ورق»، الأمر الذي دعا المراقبين إلى أن يتساءلوا: هل يستطيع أبوالغيط أن ينجح فيما فشل فيه سابقوه، أم ستؤول الجامعة العربية إلى الزوال؟ المغرب أصدر بيانا لرفض استضافة تلك الدورة بزعم عدم جدواها وأن مثل تلك الاجتماعات تقتصر على إلقاء الخطب لتعطى انطباعا خاطئا عن وحدة الدول العربية.