وفد قطري يزور اتحاد القبائل العربية لبحث التعاون المشترك    سعر الدولار مقابل الجنيه بعد قرار البنك المركزي تثبيت أسعار الفائدة    "بوليتيكو": إدارة بايدن تدرس تعيين مستشار أمريكي في غزة بعد الحرب    خبير سياسي: اللوبي الصهيوني حول العالم يمول الإعلام الغربي    تعرف على المنتخبات المتأهلة للمربع الذهبي لبطولة إفريقيا لكرة القدم للساق الواحدة    في مباراة مثيرة، فيورنتينا يهزم كالياري بالدوري الإيطالي قبل نهائي دوري المؤتمر    سقوط سيارة ملاكي في ترعة بطريق "زفتى - المحلة" (صور)    المعمل الجنائي يفحص آثار حريق داخل محطة تجارب بكلية الزراعة جامعة القاهرة    مقتل مدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية: "مش عايزها تاخد دروس"    "اعترافات صادمة.. أب ونجله يقتلان صهرهما ب17 طعنة دفاعًا عن الشرف"    موعد ومكان صلاة الجنازة على شقيق الفنان مدحت صالح    هشام ماجد: "هدف شيكابالا ببطولة أفريقيا اللي الأهلي بياخدها"    هشام ماجد ل«نجوم FM»: الجزء الخامس من «اللعبة» في مرحلة الكتابة.. وأصور حاليا «إكس مراتي»    إخفاء وإتلاف أدلة، مفاجأة في تحقيقات تسمم العشرات بمطعم برجر شهير بالسعودية    بركات: مواجهة الترجي ليست سهلة.. ونثق في بديل معلول    خالد جلال: مدرب الترجي يعتمد على التحفظ    بوقرة: الأهلي لن يتأثر بغياب معلول في نهائي دوري أبطال إفريقيا    استقالة عمرو أنور من تدريب طنطا    «الوضع الاقتصادي للصحفيين».. خالد البلشي يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    أسعار اللحوم اليوم الجمعة 24 مايو 2024 في محلات الجزارة    يمن الحماقي: أتمنى ألا أرى تعويما آخرا للجنيه المصري    نداء عاجل من غرفة شركات السياحة لحاملي تأشيرات الزيارة بالسعودية    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    هيثم عرابي يكشف تعليمات طلعت يوسف للاعبي فيوتشر قبل مواجهة الزمالك    "فوز الهلال وتعادل النصر".. نتائج مباريات أمس بالدوري السعودي للمحترفين    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    الجيش الإيراني يعلن النتائج الأولية للتحقيق في حادثة مروحية رئيسي    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الحصول على العضوية الكاملة تتوقف على الفيتو الأمريكي    حزب الله اللبناني يعلن استهدف جنود إسرائيليين عند مثلث السروات مقابل بلدة يارون بالصواريخ    إصابة فتاة إثر تناولها مادة سامة بقنا    خبطة في مقتل.. تفاصيل ضبط ترسانة من الأسلحة والمخدرات بمطروح    قرار عاجل ضد سائق أوبر المتهم بالتحرش بالفنانة هلا السعيد    قرار يوسع العزلة الدولية.. ماذا وراء تصنيف الحكومة الأسترالية لميليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية؟    سعر سبيكة الذهب بعد تثبيت الفائدة.. اعرف بكام    مياه الشرب بالجيزة.. كسر مفاجىء بمحبس مياه قطر 600 مم بمنطقة كعابيش بفيصل    حظك اليوم برج الحوت الجمعة 24-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. فرصة للتألق    حظك اليوم برج الجدي الجمعة 24-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج القوس الجمعة 24-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أسعار الدواجن البيضاء في المزرعة والأسواق اليوم الجمعة 24-5-2024    طريقة الاستعلام عن معاشات شهر يونيو.. أماكن الصرف وحقيقة الزيادة    لمستخدمي الآيفون.. 6 نصائح للحفاظ على الهواتف والبطاريات في ظل الموجة الحارة    عاجل.. الموت يفجع الفنان مدحت صالح في وفاة شقيقه    مدحت صالح ينعى شقيقه: مع السلامة يا حبيبي    5 شهداء وعدد من الجرحى في قصف شقة سكنية وسط حي الدرج بمدينة غزة    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    جيش الاحتلال يتصدى لطائرتين مسيرتين فوق إيلات    انطلاق المؤتمر السنوي ل «طب القناة» في دورته ال 15    لجنة سكرتارية الهجرة باتحاد نقابات عمال مصر تناقش ملفات مهمة    محمد نور: خطة مجابهة التضليل تعتمد على 3 محاور    الفريق أول محمد زكى: قادرون على مجابهة أى تحديات تفرض علينا    رئيس الوزراء يناقش سبل دعم وتطوير خدمات الصحفيين    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال    بالفيديو.. خالد الجندي: عقد مؤتمر عن السنة يُفوت الفرصة على المزايدين    قبل قصد بيت الله الحرام| قاعود: الإقلاع عن الذنوب ورد المظالم من أهم المستحبات    وزارة الصحة تؤكد: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرى    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسار الدولة المصرية على الساحة الدولية... نظرة موضوعية "9"
نشر في البوابة يوم 26 - 01 - 2016

بعد انقطاع لأسبوع واحد، فرضته الحاجة إلى بيان حتمية الإقرار بمركزية القوة السياسية فى ميزان الأمن القومى، فى ظل ما شهدته الساحة الداخلية فى شقها البرلمانى من صراعات التحول الديمقراطى، نعود اليوم إلى مسار الدولة المصرية على الساحة الدولية، على خلفية زيارة الرئيس الصينى «شى جين بينج» لمصر، وهى أول زيارة لرئيس صينى لمصر منذ 12 عامًا، لعل نظرة موضوعية، نتعمق من خلالها إلى ما هو أبعد من مقايضة التنين الصينى بالولايات المتحدة، على غرار ما تم من رؤى قاصرة، إذ بادلت الدب الروسى بالأخيرة فى مناسبات شتى، لا تحمل من الموضوعية الكثير.
ففى نمو العلاقات المصرية الصينية ما يزيد علي كون الصين صاحبة الاقتصاد الثانى على المستوى العالمي؛ إذ تبدو الحاجة أكثر إلحاحًا لرصد العديد من الرسائل والدلالات، عسى قراءة أفضل تشير إلى الموقع الصحيح للدولة المصرية على الساحتين الإقليمية والدولية، كنتاج لما هو قائم بالفعل على الصعيد الداخلى.
فليس من شك أن توازنًا بات ملحوظًا إزاء توجهات الدولة المصرية الجديدة على الساحة الخارجية، وهو أمر ينبغى العمل على دعمه باستمرار، وتعزيز فرص نجاحه؛ إذ لا يعد الخروج من دوائر النفوذ التقليدية على الساحتين الإقليمية والدولية بالأمر الهين.
ومن جهة أخرى، فإن وعيًا بحقائق العلاقات الدولية المعاصرة، فى ظله ينبغى أن تقل خطابات «التلاسن» على الولايات المتحدة الأمريكية، كلما صعدنا بمستوى علاقاتنا مع إحدى الدول التى «نتصور» على سبيل الخطأ أن تميز علاقاتنا بها، يمكن أن يكون على حساب العلاقات الاستراتيجية بالولايات المتحدة، القطب الأوحد حتى تاريخه؛ ذلك أن العلاقات الاقتصادية الأمريكية الصينية بلغت حدودًا فائقة، ربما بحسابات البعض الضيقة تشير إلى «تناقضات» السياسة، بينما الحال أن تشابك المصالح، على نحو مُعقد، لا يترك مجالًا متسعًا أمام نهج المقاطعة، حتى أن المقاطعة العربية الإسرائيلية تم اختراقها منذ سنوات بعيدة تحت وطأة مبدأ «المصالح المشتركة» كسبيل لا بديل عنه فى العلاقات الدولية المعاصرة.
وعليه فإن المزايدة بالعلاقات المتنامية لمصر مع قوى من خارج المعسكر الأمريكى، تخصم كثيرًا من مصداقيتنا، ولا تشى بامتلاكنا قناعات قوية وحقيقية تجاه الأطراف التى «نشاغب» بها القطب الأوحد!.
فى هذا السياق، تبدو أهمية القدرة على فك تشابكات المشهد الإقليمى والدولى، والإقرار بما فيه من قوى لا يمكن تهميشها، أو تجاوز أدوارها؛ ذلك أن النظام العالمى «الأحادى» راح يشكل خطوات ملموسة تجاه تعددية قطبية، ولكن بمفهوم جديد، أساسه التعاون الاقتصادى، كبديل عن أسس ومبادئ التقسيم الاستعمارى على غرار ما شهده العالم قبل التحول إلى النظام ثنائى القطبية بفعل الحرب العالمية الثانية، وليس كذلك على قواعد موجات التحرر من الاستعمار، حين برز المعسكران الكبيران، الغربى بزعامة الولايات المتحدة، والشرقى بزعامة الاتحاد السوفيتى. إذ لم يعد التنافس بين القوتين العظميين يجرى على مناطق تناوئ احتلالًا، أو خارجة لتوها من قبضته؛ ومن ثم فقد كانت دولًا غير مكتملة النمو بالمعنى الذى يضمه المفهوم السياسى للدولة، وعليه فقد كان تهافت الدول النامية على الانضمام إلى عضوية أحد الناديين، الغربى أو الشرقى، نابعًا من رغبتها فى زيادة قدراتها على المناورة على الساحة الدولية، فى عالم لم يكن قد تشكلت أدواته الاقتصادية على نحو بات.
أما الوضع الراهن، نظام أحادى يتجه إلى تعددية قطبية، فإن دلالاته تنحاز أكثر باتجاه ما أفرزته ظاهرة العولمة، الاقتصاد ثقافته الأولى، وأداته الأرجح، كنتاج لمرحلة النظام العالمى الأحادى الذى تزعمته الولايات المتحدة الأمريكية، وزعمت بموجبه جدارتها بالدفاع عن الحقوق والحريات الإنسانية استنادًا إلى كونها آخر آفاق الحضارة الإنسانية، كما ورد فى أطروحة «نهاية التاريخ والإنسان الأخير» التى قدمها عالم السياسة الأمريكى «فوكوياما» عام 1992، حين اعتبر أن انتشار الديمقراطيات الليبرالية والرأسمالية يؤشر بوضوح إلى بلوغ العالم نقطة نهاية التطور الحضارى، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، فيما شكل، مع أطروحة «صدام الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمى» للمفكر السياسى صمويل هنتنجتون الذى زعم أن صراعات ما بعد الحرب العالمية الثانية لن تكون إلا بين حضارات برمتها وليس دولًا بعينها؛ ومن ثم فالصراع ثقافى بالأساس؛ إذ ركز هنتنجتون على الحضارة الإسلامية كمهدد أول ورئيسى للحضارة الغربية!. وجدير بالذكر أن النظريتين تشكلان القوام الأساسى للاستراتيجية الأمريكية التى استهلت بها زعامتها للنظام العالمى بعد انهيار الاتحاد السوفيتى فى مطلع التسعينيات من القرن العشرين، رغم أن أطروحة هنتنجتون جاءت عام 1993 ردًا على أطروحة فوكوياما، وانتقادًا لها، إلا أن فيهما تكاملًا جمع بينهما فى أجندة الاستراتيجية الأمريكية.
من هنا، فإن قراءة صحيحة ومتعمقة لإقليم الشرق الأوسط، كمركز للحضارة الإسلامية، تشير إلى قسوة تداعيات المساعى المصرية الناجحة، باعتبار مصر قوة إقليمية تقليدية، بحكم صدق توافر الكثير من عناصر قوتها الشاملة، لإحداث حالة من التوازن على الساحة الدولية، خاصة مع ممثلى الحضارات الأخرى، الصينية والإفريقية، دون إهدار لما بين مصر وأطراف الحضارة الغربية من روابط تاريخية وجغرافية لها انعكاسات سياسية واقتصادية لا يستهان بها. فعلى أساس من مخاطبة الآخر بذات اللغة، جدير بالدولة المصرية التوغل داخل كل فراغ ينشأ، بحكم الحركة الدائمة للعلاقات الدولية المعاصرة بحثًا عن المصالح المشتركة لأطرافها؛ ذلك أن صدامات فكرية هى التى باعدت بين الحضارات إلى أن اتخذ «فوكوياما» من ذلك مبررًا لما توقعه من صدام أو صراع بين الحضارات.
ولعل نظرتنا الموضوعية نستمدها من خلال رصد عوامل مشتركة تُقارب بين التنين الصينى ومنطقة الشرق الأوسط، بل وأغلبية الدول النامية، فيما يعد مفرقًا واضحًا عن السياسة الخارجية للولايات المتحدة؛ ذلك أن غيابًا أكيدًا لمبدأ «المشروطية السياسية»، نرصده فى منهج الصين فى علاقاتها الخارجية؛ فباستثناء تداعيات الأزمة المزمنة مع تايوان، لا شروط سياسية تفرضها الصين للتعاون الاقتصادى، وهو المبدأ الحاكم للسلوك الدولى للولايات المتحدة، بحكم دستورها، وباعتبارها كذلك صاحبة نقطة النهاية فى التطور الإنساني. والحال أن موضوعية نسعى إليها، تفيد أن مسارنا على الساحة الدولية عليه أن يعترف بمحددات وتناقضات ربما لا تصب فى صالح أي رهانات سياسية «سطحية»؛ ففى مواجهة الولايات المتحدة نلحظ أن الصين تفتقر للإلهام السياسى الديمقراطى، فضلًا عن عدم توفر إبداع تكنولوجى صينى حقيقى، ما يسحب قطعًا من عناصر القوة الشاملة للدولة الصينية، مقابل تفوق أمريكى فى كثير من عناصر القوة الشاملة فضلًا عن أن سعيًا إلى زعامة عالمية، لا يعد أمرًا ينقص الإرادة الصينية، وإن تراجع خلف الأوجه المتعددة للتعاون الاقتصادى.
ليبقى الرهان الصينى فى مسار الدولة المصرية، محل تقدير كبير، غير أن ارتباطًا لازمًا بقضايانا الأساسية، لا ينبغى إهداره؛ ذلك أن الصين تُعد اللاعب الرئيسى فى سد النهضة الإثيوبى، وأن توازنًا يحقق مصالحنا العليا لا يمكن تجاوزه، وقبولًا بقواعد العلاقات الدولية المعاصرة، وتوازنات القوى الإقليمية والدولية على الأرض، لا ينبغى تخطى دلالاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.