«إسكان النواب» تستمع لمستأجري الإيجار القديم اليوم.. ووزير الأوقاف السابق يوضح موقفه من القانون    تراجع أسعار الذهب اليوم الاثنين 12 مايو في بداية التعاملات    تراجعت 3 جنيهات، اسعار الدواجن اليوم الإثنين 12-5-2025 في الفيوم    حقيقة تعاطي قادة أوروبا الكوكايين خلال عودتهم من أوكرانيا    برلماني أوكراني يشير إلى السبب الحقيقي وراء الإنذار الغربي لروسيا    مباشر.. القناة الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك اليوم في السوبر الإفريقي لكرة اليد    جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة: الهلال والنصر.. مصر وغانا في أمم إفريقيا للشباب    الحماية المدنية بالغربية تسيطر على حريق هائل بتشوينات القمح ببسيون    موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 وقيمة الحد الأدنى للأجور    جريمة زوجية وجثة حسناء في سهرة حمراء وانتقام للشرف.. أكتوبر على صفيح ساخن    أسعار سبائك الذهب 2025 بعد الانخفاض.. «سبيكة 10 جرام ب 54.851 جنيه»    أغنية مش مجرد حب لرامي جمال تقترب من تحقيق مليون مشاهدة (فيديو)    المطورين العقاريين: القطاع العقاري يُمثل من 25 إلى 30% من الناتج القومي    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    أمن الإسماعيلية: تكثيف الجهود لكشف لغز اختفاء فتاتين    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب جنوب غربي الصين    لبنى عبد العزيز لجمهورها: الحياة جميلة عيش اليوم بيومه وماتفكرش فى بكرة    يارا السكري ترد على شائعة زواجها من أحمد العوضي (فيديو)    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    حكم اخراج المال بدلا من شراء الأضاحي.. الإفتاء تجيب    أمريكا تعلق واردات الماشية الحية من المكسيك بسبب الدودة الحلزونية    وفري في الميزانية واصنعيه في البيت، طريقة عمل السينابون    أصالة تدافع عن بوسي شلبي في أزمتها: "بحبك صديقتي اللي ما في منك وبأخلاقك"    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الاثنين 12 مايو    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    حقيقة وفاة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق    جيش الاحتلال ينفذ عمليات نسف كبيرة فى رفح الفلسطينية جنوبى قطاع غزة    من أجل تدعيم صفوفة قبل المونديال.. الأهلي يفاضل بين شكري وتوفيق محمد لدعم الجبهة اليسرى    المهندس أحمد عز رئيسا للاتحاد العربى للحديد والصلب    خاص| سلطان الشن يكشف عن موعد طرح أغنية حودة بندق "البعد اذاني"    عمرو سلامة عن مسلسل «برستيج»: «أكتر تجربة حسيت فيها بالتحدي والمتعة»    عمرو سلامة: «اتحبست في دور المثير للجدل ومش فاهم السبب»    ترامب: سأعلن عن خبر هو الأهم والأكثر تأثيرا على الإطلاق    حبس وغرامة تصل ل 100 ألف جنيه.. من لهم الحق في الفتوى الشرعية بالقانون الجديد؟    تكليف «عمرو مصطفى» للقيام بأعمال رئيس مدينة صان الحجر القبلية بالشرقية    ملخص أهداف مباراة الاتحاد والفيحاء في دوري روشن السعودي    عاجل- قرار ناري من ترامب: تخفيض أسعار الأدوية حتى 80% يبدأ اليوم الإثنين    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    وزيرا خارجية الأردن والإمارات يؤكدان استمرار التشاور والتنسيق إزاء تطورات الأوضاع بالمنطقة    ندوة "العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فتاوى دار الإفتاء المصرية" بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    مشاجرة عائلية بسوهاج تسفر عن إصابتين وضبط سلاح أبيض    حريق محدود في مطبخ شقة سكنية بساقلتة دون إصابات    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    عاصفة ترابية مفاجئة تضرب المنيا والمحافظة ترفع حالة الطوارئ لمواجهة الطقس السيئ    بسبب ذهب مسروق.. فك لغز جثة «بحر يوسف»: زميله أنهى حياته ب15 طعنة    عاد إلى إفريقيا.. الوداد يحسم مشاركته في الكونفدرالية بفوز في الجولة الأخيرة    نجم الزمالك السابق: تعيين الرمادي لا يسئ لمدربي الأبيض    مع عودة الصيف.. مشروبات صيفية ل حرق دهون البطن    حسام المندوه: لبيب بحاجة للراحة بنصيحة الأطباء.. والضغط النفسي كبير على المجلس    خبر في الجول - جاهزية محمد صبحي لمواجهة بيراميدز    مواعيد عمل البنك الأهلى المصرى اليوم الاثنين 12 مايو 2025    الاعتماد والرقابة الصحية: القيادة السياسية تضع تطوير القطاع الصحي بسيناء ضمن أولوياتها    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    جامعة بنها تطلق أول مهرجان لتحالف جامعات القاهرة الكبرى للفنون الشعبية (صور)    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسار الدولة المصرية على الساحة الدولية... نظرة موضوعية "9"
نشر في البوابة يوم 26 - 01 - 2016

بعد انقطاع لأسبوع واحد، فرضته الحاجة إلى بيان حتمية الإقرار بمركزية القوة السياسية فى ميزان الأمن القومى، فى ظل ما شهدته الساحة الداخلية فى شقها البرلمانى من صراعات التحول الديمقراطى، نعود اليوم إلى مسار الدولة المصرية على الساحة الدولية، على خلفية زيارة الرئيس الصينى «شى جين بينج» لمصر، وهى أول زيارة لرئيس صينى لمصر منذ 12 عامًا، لعل نظرة موضوعية، نتعمق من خلالها إلى ما هو أبعد من مقايضة التنين الصينى بالولايات المتحدة، على غرار ما تم من رؤى قاصرة، إذ بادلت الدب الروسى بالأخيرة فى مناسبات شتى، لا تحمل من الموضوعية الكثير.
ففى نمو العلاقات المصرية الصينية ما يزيد علي كون الصين صاحبة الاقتصاد الثانى على المستوى العالمي؛ إذ تبدو الحاجة أكثر إلحاحًا لرصد العديد من الرسائل والدلالات، عسى قراءة أفضل تشير إلى الموقع الصحيح للدولة المصرية على الساحتين الإقليمية والدولية، كنتاج لما هو قائم بالفعل على الصعيد الداخلى.
فليس من شك أن توازنًا بات ملحوظًا إزاء توجهات الدولة المصرية الجديدة على الساحة الخارجية، وهو أمر ينبغى العمل على دعمه باستمرار، وتعزيز فرص نجاحه؛ إذ لا يعد الخروج من دوائر النفوذ التقليدية على الساحتين الإقليمية والدولية بالأمر الهين.
ومن جهة أخرى، فإن وعيًا بحقائق العلاقات الدولية المعاصرة، فى ظله ينبغى أن تقل خطابات «التلاسن» على الولايات المتحدة الأمريكية، كلما صعدنا بمستوى علاقاتنا مع إحدى الدول التى «نتصور» على سبيل الخطأ أن تميز علاقاتنا بها، يمكن أن يكون على حساب العلاقات الاستراتيجية بالولايات المتحدة، القطب الأوحد حتى تاريخه؛ ذلك أن العلاقات الاقتصادية الأمريكية الصينية بلغت حدودًا فائقة، ربما بحسابات البعض الضيقة تشير إلى «تناقضات» السياسة، بينما الحال أن تشابك المصالح، على نحو مُعقد، لا يترك مجالًا متسعًا أمام نهج المقاطعة، حتى أن المقاطعة العربية الإسرائيلية تم اختراقها منذ سنوات بعيدة تحت وطأة مبدأ «المصالح المشتركة» كسبيل لا بديل عنه فى العلاقات الدولية المعاصرة.
وعليه فإن المزايدة بالعلاقات المتنامية لمصر مع قوى من خارج المعسكر الأمريكى، تخصم كثيرًا من مصداقيتنا، ولا تشى بامتلاكنا قناعات قوية وحقيقية تجاه الأطراف التى «نشاغب» بها القطب الأوحد!.
فى هذا السياق، تبدو أهمية القدرة على فك تشابكات المشهد الإقليمى والدولى، والإقرار بما فيه من قوى لا يمكن تهميشها، أو تجاوز أدوارها؛ ذلك أن النظام العالمى «الأحادى» راح يشكل خطوات ملموسة تجاه تعددية قطبية، ولكن بمفهوم جديد، أساسه التعاون الاقتصادى، كبديل عن أسس ومبادئ التقسيم الاستعمارى على غرار ما شهده العالم قبل التحول إلى النظام ثنائى القطبية بفعل الحرب العالمية الثانية، وليس كذلك على قواعد موجات التحرر من الاستعمار، حين برز المعسكران الكبيران، الغربى بزعامة الولايات المتحدة، والشرقى بزعامة الاتحاد السوفيتى. إذ لم يعد التنافس بين القوتين العظميين يجرى على مناطق تناوئ احتلالًا، أو خارجة لتوها من قبضته؛ ومن ثم فقد كانت دولًا غير مكتملة النمو بالمعنى الذى يضمه المفهوم السياسى للدولة، وعليه فقد كان تهافت الدول النامية على الانضمام إلى عضوية أحد الناديين، الغربى أو الشرقى، نابعًا من رغبتها فى زيادة قدراتها على المناورة على الساحة الدولية، فى عالم لم يكن قد تشكلت أدواته الاقتصادية على نحو بات.
أما الوضع الراهن، نظام أحادى يتجه إلى تعددية قطبية، فإن دلالاته تنحاز أكثر باتجاه ما أفرزته ظاهرة العولمة، الاقتصاد ثقافته الأولى، وأداته الأرجح، كنتاج لمرحلة النظام العالمى الأحادى الذى تزعمته الولايات المتحدة الأمريكية، وزعمت بموجبه جدارتها بالدفاع عن الحقوق والحريات الإنسانية استنادًا إلى كونها آخر آفاق الحضارة الإنسانية، كما ورد فى أطروحة «نهاية التاريخ والإنسان الأخير» التى قدمها عالم السياسة الأمريكى «فوكوياما» عام 1992، حين اعتبر أن انتشار الديمقراطيات الليبرالية والرأسمالية يؤشر بوضوح إلى بلوغ العالم نقطة نهاية التطور الحضارى، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، فيما شكل، مع أطروحة «صدام الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمى» للمفكر السياسى صمويل هنتنجتون الذى زعم أن صراعات ما بعد الحرب العالمية الثانية لن تكون إلا بين حضارات برمتها وليس دولًا بعينها؛ ومن ثم فالصراع ثقافى بالأساس؛ إذ ركز هنتنجتون على الحضارة الإسلامية كمهدد أول ورئيسى للحضارة الغربية!. وجدير بالذكر أن النظريتين تشكلان القوام الأساسى للاستراتيجية الأمريكية التى استهلت بها زعامتها للنظام العالمى بعد انهيار الاتحاد السوفيتى فى مطلع التسعينيات من القرن العشرين، رغم أن أطروحة هنتنجتون جاءت عام 1993 ردًا على أطروحة فوكوياما، وانتقادًا لها، إلا أن فيهما تكاملًا جمع بينهما فى أجندة الاستراتيجية الأمريكية.
من هنا، فإن قراءة صحيحة ومتعمقة لإقليم الشرق الأوسط، كمركز للحضارة الإسلامية، تشير إلى قسوة تداعيات المساعى المصرية الناجحة، باعتبار مصر قوة إقليمية تقليدية، بحكم صدق توافر الكثير من عناصر قوتها الشاملة، لإحداث حالة من التوازن على الساحة الدولية، خاصة مع ممثلى الحضارات الأخرى، الصينية والإفريقية، دون إهدار لما بين مصر وأطراف الحضارة الغربية من روابط تاريخية وجغرافية لها انعكاسات سياسية واقتصادية لا يستهان بها. فعلى أساس من مخاطبة الآخر بذات اللغة، جدير بالدولة المصرية التوغل داخل كل فراغ ينشأ، بحكم الحركة الدائمة للعلاقات الدولية المعاصرة بحثًا عن المصالح المشتركة لأطرافها؛ ذلك أن صدامات فكرية هى التى باعدت بين الحضارات إلى أن اتخذ «فوكوياما» من ذلك مبررًا لما توقعه من صدام أو صراع بين الحضارات.
ولعل نظرتنا الموضوعية نستمدها من خلال رصد عوامل مشتركة تُقارب بين التنين الصينى ومنطقة الشرق الأوسط، بل وأغلبية الدول النامية، فيما يعد مفرقًا واضحًا عن السياسة الخارجية للولايات المتحدة؛ ذلك أن غيابًا أكيدًا لمبدأ «المشروطية السياسية»، نرصده فى منهج الصين فى علاقاتها الخارجية؛ فباستثناء تداعيات الأزمة المزمنة مع تايوان، لا شروط سياسية تفرضها الصين للتعاون الاقتصادى، وهو المبدأ الحاكم للسلوك الدولى للولايات المتحدة، بحكم دستورها، وباعتبارها كذلك صاحبة نقطة النهاية فى التطور الإنساني. والحال أن موضوعية نسعى إليها، تفيد أن مسارنا على الساحة الدولية عليه أن يعترف بمحددات وتناقضات ربما لا تصب فى صالح أي رهانات سياسية «سطحية»؛ ففى مواجهة الولايات المتحدة نلحظ أن الصين تفتقر للإلهام السياسى الديمقراطى، فضلًا عن عدم توفر إبداع تكنولوجى صينى حقيقى، ما يسحب قطعًا من عناصر القوة الشاملة للدولة الصينية، مقابل تفوق أمريكى فى كثير من عناصر القوة الشاملة فضلًا عن أن سعيًا إلى زعامة عالمية، لا يعد أمرًا ينقص الإرادة الصينية، وإن تراجع خلف الأوجه المتعددة للتعاون الاقتصادى.
ليبقى الرهان الصينى فى مسار الدولة المصرية، محل تقدير كبير، غير أن ارتباطًا لازمًا بقضايانا الأساسية، لا ينبغى إهداره؛ ذلك أن الصين تُعد اللاعب الرئيسى فى سد النهضة الإثيوبى، وأن توازنًا يحقق مصالحنا العليا لا يمكن تجاوزه، وقبولًا بقواعد العلاقات الدولية المعاصرة، وتوازنات القوى الإقليمية والدولية على الأرض، لا ينبغى تخطى دلالاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.