على الرغم من النمو الكبير فى أعداد مستخدمى الإنترنت فى مصر والعالم العربى، إلا أن هذا النمو لا يعادله أى نمو اقتصادى ملحوظ، ففى بلد مثل مصر يقترب فيه عدد المستخدمين للشبكة الدولية نحو نصف عدد سكانه على الأقل وفقا للتقديرات الدولية، لكن كل استخدامات الإنترنت تنحصر فى التصفح وجمع المعلومات والرأى والتعليق، دون أى استغلال أو إنتاج يذكر أو محاولة الاستفادة من التجارب الدولية فى هذا المجال، فنحن أمام تضخم فى الاستهلاك وضآلة فى الإنتاج. أدهشنى بشدة الخبر الذى قرأته يوم 11 نوفمبر 2015 بكل وسائل الإعلام الدولية عن المبيعات الضخمة التى حققها موقع «على بابا الصينى»، حيث حقق فى هذا اليوم الذى يوافق عندهم مناسبة هامة هى «عيد العزاب» مبيعات أكثر من 4 مليارات دولار من إجمالى البضائع المباعة فى غضون ساعة واحدة، وأشار «على بابا» إلى أن حوالى 130 مليون مستخدم زاروا منصته للتسوق عبر الجوال خلال الساعات التى سبقت الحدث، وهو رقم ضخم جدًا بالمقارنة بالمبيعات التى تتم فى مناسبات مشابهة، فقد تفوق على مبيعات يوم «بلاك فرايدى» الأمريكى الذى توقف عند 1.5 مليار دولار وعيد الفصح عند مليار دولار. أما الإحصائيات العربية والمصرية فى معظم تقارير التجارة والمدفوعات الإلكترونية مثل تقرير «بيفورت state of payments» فهى مرعبة وقليلة جداً، فإجمالى التجارة الإلكترونية العربية السنوية بلغت 7 مليارات دولار فى 2014، ونصيب مصر فيها نحو 1.5 مليار دولار سنويًا، وهو رقم ضئيل لو نظرنا إلى الإحصائيات الدولية؛ فقد يحقق مثل هذا الرقم موقع إلكترونى فى نحو 10 دقائق. فى الماضى كان الشخص الذى يريد شراء جهاز مثلًا يُباع خارج بلده، كان يسعى لشخص يقيم بهذا البلد، ويقوم بالاتصال به ويطلب منه أن يساعده فى الحصول على ما يريد، وقد يقبل الشخص أو يرفض حسب رغباته وإمكانياته الفردية، الآن يدخل الشخص إلى أحد مواقع التسوق الإلكترونى أو الشركة التى تبيع ذلك الجهاز ليقوم باختياره والدفع عبر الإنترنت بكارت ائتمان ثم شحنه ومتابعته حتى وصوله بمنتهى السهولة. ولعل ذلك يؤكد رسالة لكل المهتمين بتقنية المعلومات فى مصر وهى ضرورة الاهتمام بمجال التجارة الإلكترونية، ولعل ظهور تطبيقات التجارة الإلكترونية والتسويق والترويج الإلكترونى ساعد على سقوط النظرية السائدة حتى وقت قريب، وهى نظرية التركيز على المنتج أو السلعة، وتقوم بوصف ملامح المنتجات المختلفة ومدى تأثيرها وكفاءتها وفاعليتها وسلوك المستهلك تجاه المنتج وعلاقات العرض والطلب، وكذلك دراسات المنافسين والصمود والحفاظ على الاستمرارية والبقاء فى ظل التحديات المحلية والإقليمية والتحولات العالمية نحو السوق الكبيرة والرؤية الأوسع والعالم الأشمل والخدمات الأفضل؛ وهكذا تغير فكر الشركات من التركيز على المنتج إلى التركيز على السوق والعميل والأهم التقنيات والأدوات المستخدمة فى الجذب والدعاية والترويج للمنتج أو الفكرة الجديدة. التسويق الإلكترونى هو جميع الأساليب والممارسات ذات الصلة بعالم التسويق عبر الإنترنت، ويجب التأكيد على أن أدوات التكنولوجيا الرقمية والتجارة الإلكترونية هى طريق الحاضر والمستقبل، وهى بمثابة تطور طبيعى تفرضه سنن الحياة والواقع. ذلك مثال بسيط لما ينتظرنا والعقبات والنتائج من التخلف عن ركب الحضارة والتقدم فى المجال الشبكى للربط بين الأفراد والجماعات والمؤسسات على مستوى العالم، ففى هذه الحالة سنخرج من القطار السريع للمعرفة، وعند العودة لن نجد مكاننا لأن هناك من ينتظرون أن نترك لهم هذا المكان.