واصل الدكتور أشرف الشيحى، وزير التعليم العالى خسائره، أمس الأحد خلال لقائه برؤساء ونواب الاتحادات بمختلف الجامعات الحكومية، فى الاجتماع الذي دعا إليه بنفسه لبحث أزمة إلغاء انتخابات اتحاد طلاب مصر استعدادًا لحكم مجلس الدولة المقرر أن يصدر يوم الأربعاء القادم. والمتابع للقاء يمكن أن يصفه باللقاء المشحون بالعواصف حينا والمستفز حينا آخر، أخطا فيه الدكتور الشيحى كثيرًا ولم يحقق أي نجاح، وكانت أبرز أخطائه تتمثل في 7 أشياء نحصيها فيما يلي: الخطأ الأول: الهجوم دون مبرر بدأ الشيحى اللقاء بالهجوم منذ اللحظة الأولى، لم يظهر كأب للطلاب، بل تعامل معهم كمسئول من برجه العاجى يخاطبهم باستعلاء وتكبر، وكأن عليهم طاعة ولى الأمر، وتلفظ خلال اللقاء بعبارات حادة وغير قابلة للنقاش. الخطأ الثانى: خناقة الكراسي لم يكن من اللائق للشيحى أن يرفض أن يجلس بجواره عبدالله أنور، رئيس اتحاد طلاب مصر، حتى مع تخوفه من أن يعتبر ذلك اعترافًا منه برئاسته الاتحاد، وكان الأولى به بدلا أن يقول "محدش هيقعد جمبى"، أن يحتوي طلب الطلاب بأبوة، وأن يجلس فى المنتصف، وأن يحول اللقاء إلى جلسة ودية بدلا من الرد على الطلاب باستعلاء، وهو ما خلق أجواءً ساخنة اتسمت بالرعونة. الخطأ الثالث: التعنت الملحوظ ظهر الوزير مظهر المتعنت الذى يغالى فى رفضه القاطع، فلم يكتف برفض جلوس عبدالله أنور بجانبه إلا أنه غالى فى أقواله حينما قال: "أبدي تحفظك كما تريد، ولما كنت طالبا مثلكم مكنتش أتعدى، ومحدش يفرض عليا يقعد فين"، "لن يتدخل أحد من قبل الوزارة ولم يفرض أحد إرادته على الطلاب، وتم الاختيار بشكل نزيه". وكان عليه أن يحترم تحفظ الطلاب الذين يحاربون من أجل انتخاباتهم لأكثر من شهر، وسافروا لساعات طويلة محملين بالتوقعات والمطالب التى لم يعرها اهتماما، كذلك كان عليه استيعاب تحفظ الطلاب وإدراك أن هؤلاء الطلاب طاقات يجب استيعابها كوزير لملايين من طلاب الجامعات. الخطأ الرابع: موضوعات جانبية لم يكن من الطبيعى أن ينحّي الوزير أزمة بطلان الانتخابات، وأن يتناول جداول رحلات منتصف العام والمشروعات الخاصة بالجامعات، وكان عليه أن ينهى أزمة الانتخابات أولا ثم يبدأ بعدها أى موضوعات جانبية، وعندما قاطعه الطلاب كحق طبيعى لهم، وقالوا: "إحنا جايين نتكلم عن انتخابات اتحاد طلاب مصر"، فرد الوزير: "انتوا هتعلمونا نتكلم إزاي وأعمل جدول اللقاء إزاي". وذلك بالرغم من أن اللقاء عقد على خلفية أزمة الانتخابات وليس لمناقشة خطط الوزارة فى منتصف العام، وكان من الأولى على الأقل إنهاء الأزمة، ثم تناول أي موضوعات جانبية يوافق على طرحها الطلاب أولا كلقاء بين طرفين. الخطأ الخامس: محاسبة المخالفين فى الوقت الذى طالب فيه الطلاب بمحاسبة مسئول وزاري لتدخله فى الانتخابات، وهو المؤيد بتسجيلات صوتية، لم يعلن الوزير إحالة هذا المسئول للتحقيق، خاصة أنها ليست المرة الأولى لهذه الاتهامات، حيث رد الوزير قائلا: إن التدخل جائز وطالما لم يؤثر على الانتخابات فهو جائز، مما يفتح علامات استفهام حول أسباب تجاهل الوزير لإحالة هذا المسئول للتحقيق، وحول رؤيته فى التدخل. الخطأ السادس: العبارات الرنانة شمل لقاء الوزير مع اتحاد طلاب مصر الكثير من الجمل الفضفاضة والعبارات الرنانة والشعارات التى لا محل لها من الإعراب أو تناسب المؤتمرات والمنتديات، وليست اللقاءات المباشرة مثل مصلحة الوطن، وأن الدولة تحاسب المخطئ بالقانون، والجميع يعمل من أجل مصلحة مصر، على الرغم من أن مطالب الطلاب هو احترام القانون والاعتراف بانتخاباتهم التى تمت وفقًا للوائح والقوانين وبإشراف الوزارة نفسها، وأنه من العيب أن يتحدث فاقد الشيء عما فقده. الخطأ السابع: افتقاد الحوار بالرغم من أن اللقاء الذى جمع بين الشيحى ورؤساء الاتحادات كان من المفترض أن يكون حوارا مفتوحا يستمع فيه الوزير لرؤساء ونواب الاتحادات، ويتعرف عليهم ويستمع لأفكارهم وخططهم فى تطوير جامعاتهم، ولو لدقائق محدودة إلا أن اللقاء تحول لمحاضرة نظرية من جانب واحد، قرر فيها الطلاب ألا يجادلوا أو يناقشوا بعدما علموا يقينا المعرفة بأنه لا حوار مع سيادة الوزير وأنه ليس بحوار بل توجيه مباشر. والمتابع للقاء الأمس يكتشف أن الوزير خسر كثيرا كعادته، فلم يحتو الطلاب أو يحتضنهم، ولم يقترب منهم كأب أو مسئول يحادثهم حينا أو يلاطفهم حينا، وهذا ليس ضعفا كما اعتقد الشيحى، ولكنه تصرف منتظر من أستاذ بالجامعة دوره تربوى فى المقام الأول أكثر منه تعليمى. خسر الشيحى لأن الطلاب خرجوا خالين الوفاض من أى معلومات مقنعة عن إلغاء انتخابتهم بعدما فشل فى إقناعهم، والحقيقة أنه ألقى عليهم المعلومات بطريقة جوفاء نظرية، وكان عليه إقناعهم وإعلان مساندتهم حتى النهاية. خسر الشيحى اليوم لأنه كان من الأولى أن يحول هؤلاء الشباب إلى طاقة نور له ولوزارته وأن يحملوا لاثنين مليون ونصف المليون طالب رسالات من الوزير يعجز أن يوصلها هو لكل طالب فى كل كلية ومؤسسة تعليمية. خسر الشيحى اليوم لظهورة مظهر الوزير المستبد الذى لا يهمه إلا نفسه وقانونية إجراءاته التى لم تراعها لجنته متجاهلاً الطلاب ومشكلاهم ومخاوفهم. وفي المقابل، كسب الطلاب الذين أظهروا لباقة فى الحديث، ومرونة فى التعامل ونجحوا فى احتواء الوزير وتحاملوا على أنفسهم بدلا أن يقلبوا عليه اللقاء وينسحبوا رافعين شعار "مصلحة الطلاب"... خسر الشيحى كعادته وكسب الطلاب فى لقاء تنتظر عواقبه خلال أيام".