تعاني جماعة الإخوان في الأردن انقسامات حادة خلال الفترة الأخيرة تهدد استمرارها على الساحة السياسية هناك، فبعد شهور قليلة على إعلان مراقب عام جماعة الإخوان السابق عبد المجيد الذيبات، انشقاقه وتأسيس جماعة بديلة بذات الاسم وبمباركة رسمية، حتى اتبعته قيادات تاريخية من مؤسسي الإخوان هناك لتعلن توجهها المستقل لتأسيس حزب جديد كبديل عن ذراع الإخوان السياسي، حزب جبهة العمل الإسلامي. وبينت شبكة "CNN" الأمريكية أن التحرك الجديد الذي تقوده قيادات تاريخية بعضها من المؤسسين، استند إلى مبررات عديدة للإعلان عن الانفصال عن حزب الإخوان، أولها تحفظ قيادة الجماعة التي يقودها المحسوب على تيار الصقور الشيخ همام سعيد، القبول بمبادرة "الشراكة والإنقاذ" لإعادة هيكلة المواقع القيادية في الذراع السياسية للجماعة، حزب جبهة العمل الإسلام. وتفاقمت الأزمة المتراكمة داخليا بوتيرة تصاعدية منذ انتخابات الأمانة العامة للحزب في 2014 بين تياري الصقور (المسيطر على قيادة الجماعة) والحمائم (مطلقي مبادرة الإنقاذ)، مع تدحرج أزمة النزاع القانوني الذي تواجهه الجماعة مع الذنيبات بشأن نقل أملاك الجماعة بعدما انتزعت اعترافا رسميا بوجودها. ورغم تمسك مطلقي المبادرة بعضويتهم في الإخوان، إلا إن ذلك لم يمنع المراقب العام ببث رسالة تحذيرية من الخروج على "بيعته،" لكن الناطق الإعلامي باسم الجماعة بادي الرفايعة، أكد بأن الجماعة لا ترغب بالوصول إلى طريق مسدود مع "المبادرة" وأعضائها من الرموز البارزة في الحركة الإسلامية في البلاد. ويقول الرفايعة، أحد قيادات الجماعة، إن قيادة الإخوان تنظر للأزمة على أنها خلاف داخلي يمكن احتواؤه، وأنه "خلاف محدود لا يمتد إلى القواعد،" فيما تجتهد القيادة في تقريب وجهات النظر قبل أن تعرض الأزمة على مجلس شورى الإخوان (أعلى هيئة في الجماعة) ليصدر قراره الملزم لأعضائه الذين ينخرط بعضهم في المبادرة. ويضيف الرفايعة حول موقف المراقب الذي عرض في رسالته التنحي قبيل انتهاء ولايته في إبريل المقبل مع رفض التدخل في الحزب: "رسالة المراقب كانت موقف الجماعة حتى اللحظة وبالنهاية الجميع سيلتزم بقرار الشورى وهم أعلنوا ولاءهم للجماعة.. لدينا مراجعة داخلية قائمة على أساس تعديل النظام الأساسي وحديثنا في العلن يؤشر على تماسكنا وانفتاحنا، فهل يمكن أن يختلف وزير مع الحكومة دون أن يطرد منها؟" في ذات السياق، فصل حزب جبهة العمل الإسلامي مجموعة من نشطاء الحزب مؤخرا كان آخرهم عضوين منخطرين في مبادرة الشراكة والإنقاذ، ومن أوائل منتسبيه، ما أثار استياء بعض أوساط الحزب، على خلفية توجيه نقد معلن للحزب وقيادته. لكن القائمين على المبادرة، أعلنوا مبكرا مضيهم قدما في دراسة تأسيس حزب سياسي جديد تحت لافتة حزب وطني لمختلف الأطياف، وذلك بعلم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ومكتب الارشاد العالمي الذي يشكل هيئة استشارية عليا لجماعات الإخوان في العالم، بحسب القيادي في المبادرة وأمين السر السابق في الإخوان، خالد حسنين. ويبدو أن اهتمام مكتب الارشاد العالمي بالمبادرة جاء في سياق "القلق" على إخوان الأردن، حيث بادر المكتب بالاتصال للاستفسار عن المبادرة الجديدة، وفقا لحسنين، الذي أوضح قائلا: "مكتب الارشاد هو من اتصل أكثر من مرة معربا عن قلقه، لكن لا موقف لديهم من المبادرة ويميلون للمصالحة، كما أن المبادرة عرضت على أحد أعضاء المكتب للاطلاع فقط في مؤتمر بإسطنبول واعتبرها خطوة مهمة ولم يعارضها".