احتفلت محافظة الأقصر، صباح اليوم الثلاثاء، بظاهرة تعامد الشمس على قدس أقداس الإله آمون بمعابد الكرنك التاريخية للعام الخامس على التوالي، والتي تعد أهم ظاهرة فلكية تشهدها محافظة الأقصر، في صورة لما كان يشهده القدماء المصريون قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام. وحرص محمد بدر، محافظ الأقصر، على الحضور مبكرا لمتابعة استعدادات الاحتفال بالظاهرة، مؤكدا أنه تم دعوة عدد من القنوات الأجنبية لمتابعة الحدث وحرصه على تسويق الحدث ليكون على أجندة مصر السياحية، وذلك في إطار الجهود الجارية لتنويع المنتج السياحي، واستعادة التدفقات السياحية للمدينة، بجانب الاستعداد لإقامة مهرجان السينما المصرية الأوروبية، ومهرجان الأقصر للسينما الأفريقية وغيرها من الأحداث الثقافية والفنية والسياحية. واختلفت احتفالية محافظة الأقصر بهذه المناسبة هذا العام عن الأعوام السابقة، حيث تميزت بالبساطة والاقتصار على مشاهدة الظاهرة على أنغام أوبرالية وسط أجواء اتسمت بسحر وغموض الفراعنة وترحيب المحافظ بضيوفه والتقاط الصور التذكارية مع الزائرين المصريين والأجانب، كما طغى حضور عدد كبير من الشباب على أجواء الاحتفالية، حيث حرص المئات منهم على المشاركة في الاحتفال بهذه الظاهرة النادرة، كما حلق عدد من البالونات الطائرة فوق المشاركين في الاحتفالا بمناسبة تعامد الشمس مما آثار الإعجاب لدى الحاضرين. كما شهدت الظاهرة حضور اللواء على صلاح حكمدار مديرية أمن الأقصر والعميد محمد صلاح مدير إدارة المرور والعميد محمد عمر مدير إدارة الحماية المدنية والعميد أحمد نسيم رئيس مدينة الأقصر والدكتور مدحت السيد وكيل وزارة الشباب والرياضة والدكتور طه بخيت وكيل وزارة التربية والتعليم وعدد من الأجهزة التنفيذية والشعبية بالمحافظة، وعلماء الآثار وغيرهم. وتجمع المئات من الأهالي والسياح الأجانب في ساحة معبد الكرنك منذ الصباح الباكر ليشاهدوا تلك الظاهرة النادرة ويتمكنوا من رؤية قرص الشمس وأشعته، التي تنتشر في جميع أرجاء المعبد مستمتعين بالأجواء الفنية والبساطة التي تميز بها الاحتفالات التي أقيمت في قلب معابد الكرنك الفرعونية شرق مدينة الأقصر. وتتزامن ظاهرة تعامد الشمس على قدس أقداس الإله آمون بمعابد الكرنك مع تعامد مماثل للشمس على قدس أقداس معبد الملكة حتشبسوت غرب الأقصر، والمعروف باسم معبد الدير البحري، وذلك ضمن ثلاثة أحداث متزامنة لتعامد الشمس على ثلاثة معابد مصرية ضمن ما يسمى بظاهرة شروق الشمس النادرة أو "يوم الانقلاب الشتوي على المحور الرئيسي لمعبدي الكرنك بالأقصر"، الذي يواكب بداية فصل الشتاء فلكيًا لدى سكان الجزء الشمالي للكرة الأرضية وهو الاكتشاف الذي رصده مركز البحوث الأثرية في جمعية المرشدين السياحيين في الأقصر، وتحتفل به الأوساط الأثرية والسياحية بمحافظة الأقصر للعام الخامس على التوالي. من جانبه، قال الطيب عبدالله حسن، مرشد سياحي وباحث أثري، إن ظاهرة تعامد الشمس على معابد الكرنك العظيم تعد ملحمة أخرى في تاريخ أجدادنا المشرف، مشيرا إلى قيام علماء الفلك والآثار المصريين والأجانب بدراسة تلك الظاهرة في معبد أبو سمبل الكبير الخاص بالملك رمسيس الثاني في بلاد النوبة وسجلوها في يومي 21 فبراير و21 أكتوبر من كل عام ولكن ليست بمناسبة ميلاده أو تتويجه إنما لأغراض الحسابات الفلكية للفيضان والزراعة. وأضاف أنه تم أيضا تسجيل تعامد الشمس على معابد الكرنك، معلنا عن بدء فصل الشتاء أو ما يسمى "الانقلاب الشتوي" عقب قيام الزملاء من مرشدي ومفتشي الأقصر بتعقب تلك الظاهرة وسلطوا عليها الضوء، وما تزال بعض الأسرار قائمة فالكرنك نفسه مضاد ل"طلوع الشمس" على عكس أبو سمبل وكأن الشمس تحتضن معقل آمون من الخلف وتتعامد على صالة الأساطين الكبيرة وكأنها شمعه تنير الطريق لآمون كي يتجلى في أبهى صوره وربما تكون تلك الظاهرة تخفى مزيدا من الأسرار ستكشف عنها الأيام المقبلة. وتابع الطيب "أننا نقف بكل احترام رافعين القبعة للمصري القديم المبتدع المفكر والمتأمل العظيم الذي صنع بفكره المتحضر أروع حضارة عرفتها الإنسانية عبر الزمان بكل كل فخر واحترام لا بد أن نعيد نظرتنا إلى تاريخنا العظيم ولن يفسره إلا نحن "استمرارية الماضي" فنحن من سيكمل مشوار الأجداد".