ما الذي يتمناه أي كاتب صحفى في دولة كبيرة ومهمة مثل مصر؟ أن يبنى مجده بانفرادات صحفية لا يقترب منها غيره، أن يكتب مقالات مدوية تصبح محورًا لحديث المجالس العامة والخاصة، أن يكون مصدرًا للأخبار والأسرار التي تدور خلف كواليس قصر الحكم. يمكن أن يفعل أي كاتب صحفى ذلك عبر مصادره الخاصة، لكن لا شىء يزن عند الصحفيين المصريين درجة ومرتبة أن يكونوا مقربين من رأس النظام، أو أن يحظى أحدهم بلقب كاتب الرئيس، مهما تعرض بسبب ذلك من انتقادات أو تلقى من هجوم، فأن تكون في معية الرئيس فهذا يكفيك، حتى لو ادعيت غير ذلك. منذ ظهور عبدالفتاح السيسى، على الساحة السياسية وهناك محاولات لا تنقطع من كبار الكتاب الصحفيين، للتأكيد على أنهم رجاله، يجلسون معه وينقلون عنه، يعرف الصحفيون أن تأكيد ذلك سيفيدهم مهنيًا وشخصيًا. هنا محاولة لرصد ما جرى، محاولة نقترب فيها من تكوين الرئيس السياسي والثقافى، ومما قاله الصحفيون الكبار الذين يدور بينهم صراع أقرب ما يكون إلى المعركة الحامية على عقل الرئيس والانفراد به. يمكن أن تعتبر ما ستقرؤه هنا فصلًا خاصًا من فصول قصة الصحافة والسياسة في مصر، قد تكون مكتملة وقد تنقصها بعض التفاصيل، لكننى في الغالب أحاول أن أكون موضوعيا فيها قدر الإمكان، فقد كنت شاهدًا على بعض فصولها، سمعت من أصحابها ما قالوه، ووضعت ذلك كله على طاولة أداء الرئيس السياسي. يمكن أن تكتشف من خلال هذه الحلقات هزال البعض من الصحفيين، وقوة البعض الآخر، لكنك ستعرف في النهاية أننا أمام نمط جديد من التعامل مع الرئيس، يقوم على أنه لا يوجد في مصر، حتى الآن على الأقل، من يمكننا التعامل معه على أنه كاتب الرئيس أو المعبر المباشر عنه، فالجميع يدّعى وصلًا ب«عبدالفتاح السيسى»، والسيسى لا يقر لهم بذلك. القصة طويلة.. وهذه فقط بعض فصولها، يمكننا أن نستكملها بعد ذلك، فما سأكتبه هنا كافٍ جدا، لأن أقول إن عصر الكهنة الذين يسكنون قصر الرئاسة انتهى، وإن ما تسمعونه من كبار الصحفيين لا يعبر بالضرورة عن الرئيس، بقدر ما يعبر عنهم وحدهم.