أعاد حادث إطلاق النار في سان برناردينو الجدل في الولاياتالمتحدة بشأن قانونية بيع الأسلحة في البلاد، حيث يعد الأحدث في سلسلة طويلة من حالات الجنون التي تجتاح أرض الأحلام كما يسميها البعض، والتي تمت فيها نحو 355 حالة إطلاق نار حتى الآن في العام الجارى، متجاوزا عدد الأيام المنقضية. ومع بدء مكتب التحقيقات الفيدرالي «FBI» بالتحقيق في الحادث الذي نفذه سيد فاروق وزوجته تاشفين مالك، الذي أودى بحياة 21 شخصًا وإصابة 14 آخرين في مركز إنلاند الإقليمى، لرعاية ذوى الاحتياجات الخاصة، في سان برناردينو، بولاية كاليفورنيا الأمريكية الأسبوع الماضى، أكد أنه يتعامل مع الهجوم كعمل إرهابى، وجاء بيان لتنظيم داعش الإرهابى زعم أن المنفذين يدينان بالولاء له وأنهما من أنصار الدولة وهو ما يزيد من حالة ظاهرة إرهاب الإسلام «الإسلاموفوبيا»، حيث التعامل معه على أنه عمل إرهابى سيجعله الحادث الأعنف على الأراضى الأمريكية منذ أحداث 11 سبتمبر 2001. وفى نفس الوقت شدد الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، السبت، على أن الولاياتالمتحدة لن تخضع للترهيب، مضيفًا «تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية يتم تمويلها ودعمها من داخل أمريكا ومن الدول الأخرى وهو الأمر الذي يشجع أشخاصًا على ارتكاب أعمال عنف رهيبة وفى معظم الأحيان يتصرفون بشكل منفرد». أمريكا.. مستنقع لتجارة السلاح إلا أن العديد من وسائل الإعلام الأمريكية الشهيرة ألقت باللوم على الكونجرس والحكومة الأمريكية التي تتهاون مع تجار السلاح وهو الأمر الذي مكن المختلين عقليًا من الحصول بسهولة على الأدوات التي ينفذون بها جرائمهم الهستيرية التي شهدتها الولاياتالمتحدةالأمريكية مؤخرًا، ومنها صحيفة «نيويورك دايلى نيوز» الأمريكية والتي قامت بنشر العديد من أغلفتها عن الحوادث السابقة، ومنها الهجوم الذي تم في 2012 في سينما مدينة «كولورادو»، والذي راح ضحيته أكثر من 70 ضحية، وحادثة إطلاق النار على المدرسة الابتدائية «ساندى هوك» في نيو تاون بولاية «كونيتيكت»، والذي أسفر عن مقتل 26 ضحية من بينهم 20 تلميذًا، تتراوح أعمارهم ما بين 5 و10 سنوات، إلا أن السلطات الأمريكية لم تقم حتى الآن بإلغاء أو تعديل القوانين التي تسمح بتداول الأسلحة بشكل شرعى وطبيعى في البلاد، الأمر الذي يسمح للأفراد بشراء الأسلحة عبر البريد. وتقدر التكلفة السنوية لعنف السلاح في المجتمع الأمريكى بأكثر من 100 مليار دولار، وتؤكد الإحصاءات أنه تبعًا لانخفاض السيطرة على السلاح، يمكن العثور على نحو 300 مليون قطعة سلاح في الولاياتالمتحدة، بواقع سلاح لكل مواطن تقريبًا، وحسب مختبر الجريمة في شيكاغو ومركز التحكم في الأمراض، فإن أمريكا تغرق في حالات من الفوضى الذهنية وربما لا توجد مثلها في دول أخرى، وهى ما تترجم إلى العواقب المميتة التي يواجهها المجتمع الأمريكى بشكل روتينى. إحصاءات مفزعة وتشير الإحصاءات الرسمية الصادرة عن مؤسسات حقوقية، في الولاياتالمتحدة، إلى أن متوسط القتلى، نتيجة إطلاق الرصاص يصل إلى 87 قتيلًا و183 جريحًا في اليوم الواحد، ويشترى مرتكبو جرائم القتل الأسلحة النارية عبر الإنترنت، وتشمل رشاشات أوتوماتيكية والآلاف من الطلقات النارية وغير ذلك، كما يستطيعون شراء ملابس مضادة للرصاص وأقنعة واقية من الغازات السامة عبر الشبكة العنكبوتية. ووفقًا لمجلة «ذا نيويوركر»الأمريكية في عددها الأسبوعى الذي يصدر 14 ديسمبر المقبل بغلاف عبقرى يوضح سهولة شراء الأسلحة، حيث يصور رجلًا وامرأة يتجولان في سوبر ماركت كبير للأسلحة ويضعان ما يريدان في سلة الشراء وهم يبتسمون، حيث إن حق امتلاك الأسلحة مدرج في الدستور، والمواطن يستطيع شراء السلاح بحرية تامة، وقد أرجعت المجلة «فوضى تجارة السلاح»، إلى القانون الأمريكى الذي يجيز للمواطنين شراء الأسلحة بالبريد والاحتفاظ بها، وعدم وجود رغبة حقيقية في الكونجرس الأمريكى لتعديل هذا القانون، نتيجة ضغوط مصانع السلاح، و«الجمعية الوطنية للأسلحة». ويقوم «لوبى السلاح» الأمريكى بإحباط كل تشريع تحاول الحكومة الأمريكية تمريره، لتقييد حمل الأسلحة، ولم تتمكن الحكومة من تمرير قانون يقلل من الظاهرة، بسبب ضغوط بعض أعضاء الكونجرس الذين يرتبطون بعلاقات اقتصادية مع «مافيا السلاح» بالولاياتالمتحدة. وقالت المجلة إنه لا يوجد من الدول المتقدمة من ينافس حب وولع أمريكا باقتناء الأسلحة وأعمال إطلاق النار المصاحبة، وسلطت المجلة الضوء على ضرورة إصلاح قطاع الصحة العقلية، حيث إن هناك ثغرات في السجل الفيدرالى للأفراد، فقد اكتشفت جمعية «رؤساء بلديات ضد الأسلحة غير المشروعة» أن ملايين الملفات حول أشخاص مختلين عقليًا لم تحول إلى مكتب الإف بى آى، والغريب أن ولاية كاليفورنيا هي واحدة من أكثر الولايات التي لديها أصعب قوانين لمراقبة السلاح، وهو الأمر الذي يؤكد أنه إذا عزم المجرم على ارتكاب حادث إطلاق نار فإنه سوف يجد طريقة للقيام بذلك. ووفقًا للتقرير فإن الإتجار بالسلاح مشكلة وطنية تحتاج إلى حل وطنى، وقد فشل الكونجرس الأمريكى في أعقاب حادث إطلاق النار في مدرسة ساندى هوك في الاتفاق على بعض الإصلاحات الأساسية لقوانين حمل السلاح في البلاد، وبحسب الإحصاءات فإنه يقتل أكثر من 100 ألف أمريكى في كل عام نتيجة لحوادث العنف المسلح، وأن واشنطن تنفق مبالغ طائلة سنويا لمكافحة الإرهاب، ولكنها ليست على استعداد لاتخاذ خطوات حتى لعمل تحريات على جميع مبيعات السلاح داخل أمريكا. ورأت صحيفة «بوليسى ميك» الأمريكية أن تجارة السلاح تزدهر في أمريكا يومًا بعد يوم، وقد بلغت أوجها في عهد أوباما، حيث يصنع مسدس في أمريكا كل 10 ثوان، وفى كل صباح يحمل مليون أمريكى سلاحهم معهم خلال اليوم، و2 مليون آخرون يحتفظون بالسلاح في سياراتهم، ونحو 12٪ فقط من الأسلحة الموجودة في أمريكا مرخصة، وأكثر من نصف المسدسات التي تصنع في العالم كله، أي ما يزيد على 50٪ من تلك المسدسات تصنع في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتعد أمريكا الدولة الأولى في العالم في عدد المسدسات والأسلحة الموجودة بين المدنيين، وهى الدولة الأولى في العالم في نسبة السلاح إلى عدد السكان، واليمن هي الدولة الثانية في العالم في تلك الإحصائية، ويتم إطلاق النار على 75 طفلًا في أمريكا كل يوم، يموت منهم 9 يوميًا، ويتعرض 6 أمريكيين كل يوم إلى إصابات وعاهات مستديمة، واللافت للنظر أنه قد تزايدت الجرائم في بعض الولايات بدرجة 300٪ عندما تم تحجيم حق الأفراد في حمل السلاح، ومنها مقاطعة واشنطن، ومدينة نيويورك.