قال الباحث الأثري أحمد عامر: إن التزاوج بين الأقارب والمعارف في المجتمع المصري القديم كان مستحبًا وميسرًا ضمانًا للمعرفة بالأصل وتقارب المستويات الاجتماعية وتزكية لصلات الرحم، وإن لم تكن العروس من الأقارب أو المعارف اشترط الأبوان فيما ذكره الحكيم "بتاح حتب" أن تكون معروفة بين أهل بلدتها، وكان الحكيم "عنخ شاشنقي" قد نصح ولده حيث قال له "احذر أن تتخذ فتاة سيئة الطبع زوجة حتى لا تورث أبناءك تربية فاسدة"، ثم قوله لأبي البنات "تخير لابنتك زوجًا عاقلًا ولا تلتمس لها زوجًا ثريًا"، ولم تخصص المصادر المصرية حدًا أدنى للزواج، فيما خلا حالات فردية متأخرة الزمن نصت عرضًا على سن العشرين للعريس، وسن الرابعة عشر والثانية عشر والنصف للعروس، وكان الزواج المُكبر مستحبًا في أغلب الحالات طالما توافرت له أركانه الأساسية، وعلى الرغم من ذلك فإنه لم يتضح لنا في وثائق العصور الفرعونية المُبكرة ما ينص صراحةً على طقوس دينية تصحب إجراءات الزواج في المعبد أو في المنزل، بالإضافة إلى أنه لم يتم العثور على على مناظر واضحة تصور محافل الزفاف وعاداتها. وأشار "عامر" إلى أنه غالبًا ما كان الأب نفسه هو الذي يتلقى طلب العريس للاقتران بابنته، وقد يكون له بعض التحفظات مثل أن وقت زواجها لم يحن بعد، أن يعمل على شغل وظيفة مناسبة قبل أن يزفها إليه، وقد روت بعض القصص أن والد العروس كان يجهزها بما يتناسب مع ثرائه، أو يوصي لها ببعض أملاكه بمناسبة زواجها، وأن العروس كانت تتلقى هدايا زويها ومعارفها، وتُزف إلى دار عريسها حين المساء في احتفال ما بطبيعة الحال، ونجد أن مصر القديمة لم تتمسك بالفوارق الطبقية والعرقية الحادة في شؤون الزواج والمعاملات، وإنما قام التمايز بين الأسر في المجتمع على أسس اعتبارية من اختلاف المستويات الثقافية والإمكانيات المادية أكثر مما سواها، ونجد أن ولي أمر العروس كان ينوب عنها في إجراء عقد القران إلى ما قبل القرن السابع قبل الميلاد ثم أُبيح للعروس أن تحضر العقد بنفسها. وتابع "عامر" أن إجراءات عقد القران كان تُجري بصيغ الإيجاب والقبول ويقول العريس لعروسه اتخذتك زوجة وهي تقول في حالات خاصة اتخذتك زوجًا، ويتم الاتفاق على قيمة الصداق من الأوزان الفضية والأشياء العينية من قبِل العريس، والتزامه بإعالة العروس في حضوره وغيابه والإقرار بحق أبنائه منها في وراثته، ثم تقرير مؤجل مُناسب أو تعويض يدفعه إليها إذا انفصل عنها، مع حدوث التراضي على ذلك كله بشهادة الشهود من الأقارب والجيرة والأصدقاء قل عددهم أو كثُر وبهذا تكتمل أركان العقد، ونمت بعض وثائق العقود المتأخرة عن أن تدوين العقد أو تسجيله بمعنى أصح وإقرار الالتزمات المالية بين الزوجين لم يكن من الحتم إتمامه قبل الزواج وأنما قد يتم بعد حدوثه، وتشابهت صيغ العقود في أركانها الرئيسية ولكنها لم تكن تلتزم دائمًا بصيغ ثابته فيما يختص بتفاصيلها التي قد تتفاوت فيما بينها إلى حد ما باختلاف العصور وتفاوت ثقافة الكتبة والمستوى الاجتماعي للعروسين. وأضاف "عامر" أنه غالبًا ما يمهر الزوج زوجته بما يُسمي ب "شبن سحمة" أي "مهر الزوجة" أو "هبة البكر" صداقًا يتناسب مع مستواهما وعصرهما سواء كان مُعجلًا أو مؤجلًا، وتدخل الزوجة بيت الزوجية بمنقولات مناسبة تُسمى "نكتون ارحمة" أو "نكتون سحمة" تمثل أمتعتها أو جهازها الذي تحتفظ بملكيته الخاصة ويحق لها استرداده إذا ما طلقها زوجها أو مات، وقد تدون هذه الأمتعة والمنقولات قائمة يصر أهل العروس على أن يوقع العريس عليها بدخولها إلى بيته وبملكية زوجته لها ويقيّم محتوياتها جملةً وتفصيلًا، وقد يُخصص الزوج لزوجته جُزءًا من أملاكه العقارية على سبيل الهبة في حياته ليضمن انتقاله إليها بعد وفاته بُناء على إعزازه لها، إن لم يكن استجابة لشديد إلحاحها عليه.