كنا قد بدأنا أول اجتماع لاستوديو الممثل يوم الجمعة 30 أكتوبر 1970 بمسرح المعهد فى الحادية عشرة صباحا وضمت علاوة علىّ أنا وصبحى 13 شخصا منهم أحمد زكى وأحمد راتب ومحمد كامل وسامى فهمى وتغيب هادى الجيار وعفاف شعيب وغيرهما، وشرحنا الهدف أن يقوم الاستوديو بإجراء تجارب مسرحية للوصول إلى مناهج وأشكال جديدة فى مجالات المسرح المختلفة ويكون بمثابة حقل تدريب واختبار لهذه التجارب.. يمكن تنفيذها فى شكل عروض مسرحية مجانية.. ولا يتقاضى الأعضاء أى أجور ويدفعون رسم اشتراك قدره 50 قرشا شهريا.. عضوية الاستوديو قاصرة على طلبة وخريجى أكاديمية الفنون (الفنون المسرحية، السينما الكونسرفتوار، والباليه).. ثم اتفقنا مع مؤسسة المسرح أن نستخدم شقة فى وسط البلد تابعة لها تتكون من ثلاث حجرات لنجرى فيها تجاربنا لمدة 3 ساعات لثلاثة أيام فى الأسبوع وكنا قد تحدثنا عن الفكرة مع بعض زملاء الدراسة والدفعات التى تلينا.. وبدأنا البروفات على القطع المسرحية الثلاث التى كنت قد كتبتها.. كان صبحى متشددا فى الحضور والغياب.. وفصل كل من يتغيب مرة أو يحضر متأخرا، وصمم ألا يعمل أى عضو فى أعمال فنية أخرى، وهو أمر غير منطقى لشباب يريد وضع قدمه ليعرفه الوسط فضلا عن أنه مصدر دخل له.. وبالطبع تناقص عدد الأعضاء.. وبعد عدة أسابيع فى التدريب على العرض، ذهبت يوما فلم أجد غير اثنين لكن الأهم أن صبحى ترك لى رسالة يقول إنه مضطر للغياب لفترة للعمل مع فرقة خاصة تجوب الأقاليم! وصدمت بشدة وهكذا مات المشروع بعد عدد غير قليل من البروفات ومع ذلك ستعرض مسرحيتان من الثلاثة عروض لكن فى سبتمبر 93، وبعد انفصالى مع صبحى قدمت (الكابوس) من إنتاجى بالهواة وجعلت الدخول مجانا! وسافر العرض بأمر من فاروق حسنى الذى شاهده وأعجبه لمهرجان تونس المسرحى وأظن أنها السابقة الوحيدة أن مثلت مصر بفرقة خاصة وكأنها من إنتاج الدولة فلم أتقاض أى مليم وكذلك مخرج العرض الذى لم أكن أعرفه محسن حلمى ومصمم الديكور حسين العزبى وواضع الموسيقى عمر سليم، بينما دفعت للممثلين الهواة منى زكى وفتحى عبدالوهاب وغيرهما ممن دخلوا بعدها مجال التمثيل.. ثم قدمت فى سبتمبر 94 من إنتاجى أيضا (العار) وأيضا بالمجان بنفس المخرج والديكورست والموسيقى، ومثلها أشرف عبدالباقى ومنى زكى وماجد الكدوانى وحسن عبدالفتاح ومحمد رضوان وغيرهم وبعد عرضها على مسرحى الفردوس قدمتها على مسرح الهناجر فى المهرجان التجريبى السادس.. وأيضا دفعت كل تكاليفها مجانا لوجه الله. ووصلنى أن مخرجا كان على علاقة جيدة بالأجانب وينتج عن طريقهم أعمالا مستوحاة من تقاليد شعبية عتيقة ليسوقها لهم.. وعرفت أنه قابل زائرين من فرنسا وجاءت سيرتى أمامهم فقال لهم إننى مهتم بالضحك فقط. وكان هذا نوعا من الرقابة خاصة وأنا لا أعرفه ولا يعرفنى ولم يشهد لى عروضا (لاحظ أن المسرحيات التى تحدث عنها كانت كوميديا بالفعل لكن تجريبية)! فرد الأجانب عليه بأنهم يهتمون بى لذلك السبب وكانوا يعتزمون إصدار كتاب عن الكوميديا فى البحر الأبيض المتوسط.. وحضروا بعد ذلك بالفعل إحدى مسرحياتى.. وكانوا يراقبون الجمهور الذى جاء من الشارع وهو يضحك ويضحكون أحيانا معه رغم جهلهم بالعربية لكنهم فهموا أيضا مغزى العمل وبالفعل طلبوا ترجمة المسرحيتين ( الكابوس والعار) للفرنسية وترجمها المركز الثقافى الفرنسى.. وبعد صدمتى فى تجربة الاستوديو كان عندى الكثير من الأفكار للكتابة.. وكنت قد بدأت فى كتابة مسرحية باسم (الراجل اللى خاف من خياله) وحكيتها لصبحي، وكان يعمل فى فرقة نجوى سالم المسرحية فى دور صغير بالطبع ففاتحنى أن أعطيها لهم لعلهم يسندون له دورا أكبر، فوافقت.. ثم سألت نفسى بعدها ما هو مبرري؟ هل الحاجة إلى النقود؟ أم الحاجة لإثبات وجودي؟ أم لأنى خفت أن أرفض ثم أندم بعد ذلك؟ ثم قلت إنها تجربة على كل حال.. وحكى صبحى فكرة المسرحية لنجوى سالم وفى اليوم التالى أخذنى لمعهد الموسيقى الذى تقدم عليه أعمالها وحضرت جلسة ضمت عبدالفتاح البارودى الصحفى والناقد بجريدة «الأخبار» ومحمد نجم الممثل الناشئ وقتها.. كان النقاش مضحكا ولا يمت للفن بصلة رغم أن المفترض أن البارودى يفهم فى الدراما.. عكفت على النص فكتبت عدة تعديلات كانت فى ذهنى من قبل ولها المبررات الدرامية.. وقلت لعلها تكون أولى مسرحياتى ولا يهم الأجر الذى آخذه.