كشف التقرير السرى الذي حصلت عليه «البوابة» حول مجموعة الجلسات التي نظمتها مشيخة الأزهر مع المثقفين عن الاتفاق على تبنى مقترح الدكتور صلاح فضل، باعتبار مبادئ وثائق الأزهر وبينها حرية الاعتقاد أساس تطوير الخطاب الدينى في مصر خلال الفترة القادمة. وأوضح التقرير عددا من النقاط الخاصة بالتحريف والتشويه الذي لحق بمبادئ الإسلام، كما اعتمد التقرير على مقترحات الدكتور صلاح فضل لتفنيد أغراض الجماعات المتطرفة المستغلة للدين لتحقيق أهدافها، وركز التقرير على اعتماد الإصلاح مبدأ أساسيا لتجديد الفكر الإسلامى وبدأ باعتبار مفهوم التجديد فطرة الله وهو سنة الله في خلقه وإعمار الأرض وصنع الحضارة، لأن الدين لا يختلف مع التجديد والجدية في الاجتهاد والتجديد، الأمر الثانى اعتماد الوثائق الصادرة في الأعوام الماضية من قبل الأزهر بالتوافق بين علماء الأمة ومثقفيها عن طبيعة الدولة ومقوماتها في الحكم المدنى الدستورى على أسس ديمقراطية، وعن منظومة الحريات الأساسية التي تضم حرية الاعتقاد وحرية الرأى وحرية البحث العلمى وحرية الإبداع، لأنها تعنى تحديث الخطاب الإسلامى وتهيئة المناخ لمزيد من الخطوات الجادة، وشدد التقرير أيضا على اعتماد ما انتهى إليه فكر كبار المجددين في الخطاب الدينى من أئمة الأزهر وكبار العلماء دون تراجع عنه أو نكوص عن منجزاته، بعد ما استقر في الضمير العقلى والوطنى بدءا من الرائد رفاعة الطهطاوى والإمام محمد عبده والشيخ على عبدالرازق والشيخ المراغى وقاسم أمين وطه حسين وعباس العقاد وأحمد أمين وأمين الخولى اعتبار ما أسفر عنه هذا التراث الفكرى القريب خطوات صائبة في التطور والتحديث وتغليب المصالح العليا للأمة. أما عن الكفر فقال التقرير «أن يعتمد في التصديق فيمن صدر منهم آراء تحتمل الكفر، بمعنى إذا صدر من أحد رأى يحتمل الكفر من بين تسعة وتسعين وجها أخذ بالرأى الذي يحتمل الإيمان» واعتمادا بما انتهت إليه المواثيق الدولية من رفض التفتيش في ضمائر الناس ومطاردة أصحاب الرأى وإدانة الآخرين في عقائدهم ورفض كل ما سوغ للجماعات المتطرفة ترويع الآمنين وقتل الناس باسم الحفاظ على العقيدة واحتكار الحقيقة، والإمام أبوحنيفة قال: «لست أدرى لعله الباطل» عندما سئل عن رأيه هذا الذي تفتى فيه أهو الحق الذي لا مراء فيه؟. التقرير شدد أيضا على ضرورة حشد كل طاقات الأمة التي مزقتها الخلافات السياسية ودمرتها المصالح وما قامت به الجماعات الباغية ومؤامرات القوى المتربصة والاستغلال السيئ المتطرف للمشاعر الدينية الكريمة لتنمية المجتمع وترقية العلوم والفنون والآداب والدخول الجاد في سباق الحضارات العلمى وعصر مجتمعات المعرفة، التقرير ضم أيضا التنبيه على الالتزام بالضوابط العلمية والشروط المنهجية وثوابت الأصول الدينية في الاجتهاد التي تمس العقائد واعتبار آراء الباحثين في الاجتهاد مجرد آراء لا بد أن توضع في إطارها الصحيح ودعوة وسائل الإعلام في توخى الدقة والبعد عن الإثارة في طرحها، احتراما لمشاعر الناس واتقاءً للفتنة مع التمييز الدقيق بين البحث العلمى الذي يقوم به المتخصصون وبين الدعوات المضللة التي تناقش بالبرهان والحكمة ومراعاة سياقات الخطاب المختلفة وتأهيل الدعاة علميا وثقافيا لتنقية مفاهيمهم، مما يخالف هذه المبادئ عن طريق الدورات التدريبية يلتقون فيها بعلماء اجتماع ورموز أدب وفن لاستيعاب محصلة التطور الحضارى، نص التقرير أيضا على احترام الأقليات ورعاية المهمشين واعتبار سبل العدالة الاجتماعية وضمان حقوق جميع المواطنين، وشدد التقرير على أن يتضمن الخطاب الدينى عملية إصلاح كاملة وجذرية في منظومة التعليم المصرية والسعى لتوحيد مكونات العقل ودعائم الشخصية المصرية بقدر الإمكان وإجراء البحوث التي تهدف إلى تخفيف حدة الانفصام في طرائق التعليم المتباعدة في المعاهد الدينية والمدارس المدنية والتعليم الأجنبى لتقريب المسافات بينها وإدماجها تدريجيا في منظومة كاملة، وخلق قواسم مشتركة بين المستويات المختلفة بهدف الحفاظ على الهوية، على أن يتم ذلك بجدية ونية خالصة للارتقاء ولا يتوقف على تصريحات وبيانات إعلامية فقط.